تعز العز

إلى سلمان بن عبدالعزيز: مشكلة المواطنين في حكم آل سعود ليست ماليّة فقط

 

بعد سلسلة من الاحتجاجات الشعبية التي شهدها الشارع السعودي اثر غلاء الأسعار وفرض الضرائب على القيمة المضافة أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز فجر يوم(السبت) حزمة أوامر ملكية تقضي بتعزيز القدرة الشرائية للمواطن بشأن صرف العلاوة السنوية والبدلات، وكان من ضمنها زيادة مكافأة الطلاب والطالبات من المواطنين بنسبة 10% لمدة سنة. هذا وقد شملت القرارات تحمّل الدولة ضريبة القيمة المضافة عن المواطنين المستفيدين من الخدمات الصحية الخاصة، والتعليم الأهلي الخاص، بالإضافة لتحملها قيمة الضريبة بما لا يزيد على مبلغ 850.000 ريال من سعر شراء المسكن الأول للمواطن. لكن ما يجدر الإشارة إليه هو أن المشكلة في النظام السعودي لا تُحلّ بزيادة التقديمات أو خفض الضرائب، والدليل أن السعوديّة دخلت أزمتها المالية منذ عدّة سنوات فيما تكبّد المواطن هذه الأزمة في الأشهر الأخيرة فقط، والأهم من ذلك أن ما تمّ إصداره من قرارات هي ليست سوى إجراءات آنيّة لذا فإن الأزمة الإقتصاديّة لازالت قائمة وقد تتعاظم في الأيام المقبلة فتسقط الحلول المؤقتة. أما مشكلة النظام فهي أعمق من ذلك بكثير، لا تنتهي حتماً بعدّة مراسيم إصلاحيّة إنها تركيبة كارثية لعائلة حاكمة تنتهك رأي المواطن وتبتلع حقوقه الإنسانية منذ حوالي قرن، تُبيد الآخر مهما كان، تكمّ الأفواه وتحشد حولها عُبّاد المال لتبييض صورتها “الإلكترونيّة”. لقد أقدم سلمان بن عبد العزيز على إصدار هذه القرارات تجنّباً لارتفاع وتيرة التذمّر هذا الأمر عينهُ يعيدنا الى مطلع العام 2011 حين دخلت البلاد ببوادر أزمة اقتصادية قابلها عبدالله بن عبد العزيز بصدرٍ رحب فملأ جيوب المواطنين تخوفّاً من اي تظاهرات ضد السلطات الحاكمة في ظل ثورات الربيع العربي التي عصفت بالبلاد آنذاك، لقد قلق الأخير من “صحوة الشعب” فأعاد تنويمهم بالطريقة المناسبة. مبادرة النظام هذه لتحقيق إصلاحات إجتماعيّة تشبه الى حدٍّ ما رشوة مالية على مستوى الدولة – المواطن، تفادياً لأي صدامات مستقبلية، لكن ماذا عن الاصلاحات السياسية (الداخلية والخارجية)، ماذا عن التاريخ الدموي لآل سعود في الحكم، ماذا عن تورّط النظام السعودي بدعم الارهاب والمجاهرة بالتبطيع مع اسرائيل الذي بدا علناً لأول مرة في السعودية، ماذا عن العلاقات السعودية-الامريكية التي تخدم مصالح اسرائيل بالدرجة الاولى في السيطرة على زمام المنطقة بأكملها، ماذا عن النكبات التي حلّت بملايين اليمينيين إثر العدوان السعودي، ماذا عن الإبادة الجماعيّة والتصفيات السياسيّة للمعارضين والمثقفين الذي يرفضون التصفيق والتطبيل “لفساد الملك وولي عهده” عدا عن الاعتقالات التي غالباً ما تكون من دون محاكمة قضائية أو بصورة شكليّة أضف إلى النفي القسري خارج البلاد، ماذا عن الفساد المالي والإسراف بالبذخ على النفقات الملكية الخاصة. الى متى سيبقى الحكم في السعودية حق حصري لأبناء عائلة آل سعود، في أي عصر نحن نعيش حتى لا يتسنّى للمواطن ترشيح الرئيس الذي يجده قديراً في إدارة شؤون البلاد. لن تُتجاهل جرائم النظام السعودي مقابل زيادة الرواتب الشهريّة، فالمعارضة لم تنكفئ على غياب التقديمات الاجتماعية علماً أن الاقتصاد لازال على مشارف الانهيار اذ ان الخزينة في حالة عجز عارمة تماثلت الى 52 مليار$ لعام 2018 وتوقعات الإقتصاديين تشير الى تخطّي هذه النسبة بعدة مليارات أخرى كما حصل في عام 2017، النظام السعودي ضعيف أمام صوت المواطنين، والدليل أن بعض الإحتجاحات الشعبيّة جعلته يعيد حساباته تحاشياً للّتصعيد وهذا حال كل الأنظمة الديكتاتورية التي تترقّب الثورة في أي لحظة. اذاً ما الضير في الأمر، إن احتشد المواطنون لتحصيل العشرات من الحقوق الأخرى لا سيما حقوق الاقليّات المهمّشة في الدولة كالحقوق الدينية والإدارية للشيعة مثلاً أو حقوق السّنة المُعتقلين إثر معارضة النظام؟ والمنفيين الى الخارج؟ ألا تستحق الحريّة بعضاً من الجرأة وكثيراً من التضحية الى حدّ النهضة والتغيير؟ الجواب هو بحسب قواعد الشريعة الإسلاميّة أن كل ما بُني على باطل هو باطل، وإن فسد المتبوع فسد التابع باعتبار أن التابع يشارك متبوعه بالفساد إذ ما لازمه الرأي، لذا فإن الاعتراض على ممارسات السلطة الفاسدة واجب ديني تكفله القوانين الإلهية وتلك الوضعيّة حتى لو أسرف آل سعود بممارساتهم القمعيّة يجب أن ندرك جميعاً بأننا نعمل ضمن الأطر الشرعية والقانونيّة التي تضمن تحصيل الحقوق وفق آلياتٍ منظّمة.

زينب فرحات

 

🔴1000يوم من العدوان والصمود