تعز العز

حرب الموساد النفسية: صناعة الأسطورة عبر الإعلام

لطالما عودتنا “إسرائيل” على استخدام أساليب خبيثة في التعاطي مع الجغرافيا المحيطة بها وإيهام العدو بأن لديها من القدرات والإمكانيات ما يجعلها سيدة الموقف واتخاذ القرارات تجاه الأفراد والمؤسسات وحتى الدول التي تعادي خططها التوسعية الاستعمارية.

 

ولكي تنفذ كل ذلك عليها أن تركّز اهتمامها على جهاز مخابراتي وتصويره على أنه “سوبر مان” الصهيونية وهذا ما حصل بالفعل، إذ اعتمدت “إسرائيل” جهاز الموساد ممثلاً شرعياً لهذه المهمة وأمدّته بالمال والإعلام والحماية، وسعت لتسويقه في العالم العربي على أنه قادر على اختراق أي دولة والوصول إلى مراكز القرار فيها وحرفها عن مسارها، ومن يعارض هذا المسار يتم اغتياله، ولكن إلى أي درجة هذا الكلام يأتي في إطار “الحقيقة والمنطق والتصديق”؟!.

 

آخر تصريحات جهاز الموساد

 

وسّع الموساد رقعة عملياته خارج فلسطين وخارج الدول العربية لتصل تحركاته السرية إلى إيران المعادية له والتي تحارب مشروع كيانه الغاصب، وبدأ هذا الجهاز المخابراتي تركيز خطابه الإعلامي ضد طهران في إطار السياسة الممنهجة التي تتبعها “إسرائيل” هذه الأيام لحصار إيران وإجبارها على التراجع عن نفوذها في المنطقة عموماً وسوريا خصوصاً.

 

ومؤخراً بدأ رئيس الموساد السابق تامير باردو، بإكمال ما بدأ به أسلافه من عملاء الموساد، فخلال الأسبوع الفائت أدلى باردو بتصريحاتٍ “صادمةٍ” للتلفزيون الإسرائيليّ، و”كشف النقاب” عن أنّ نتنياهو أصدر في العام 2011 أوامره بتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ لإيران، زاعماً أنّه عارضها”.

 

ولفت إلى أنّ هذه الأحداث وقعت في وقتٍ شعر فيه نتنياهو ووزير أمنه إيهود براك بأنّ نافذة الفرص لضرب منشآت إيران النووية بدأت تغلق، حيث إنّ المواقع ستصبح محميّة بشكل كبير ما يجعل من كل محاولة لقصفها غير فعّالة، وتوجسّت دولة الاحتلال من أنّ إيران قريبة من إنتاج أسلحة نووية، وهو تطوّر كانت قد تعهدت بإحباطه.

 

وقال باردو إنّ نتنياهو أمر رئيس هيئة الأركان في ذلك الوقت بيني غانتس بتجهيز الجيش لتنفيذ هجومٍ على إيران في غضون 15 يوماً من إصدار الأوامر له لتنفيذ العملية، مُضيفاً إنّ أوامر نتنياهو حملت معها أهمية كبيرة، ما دفعه إلى التفكير في تقديم استقالته بدلاً من المشاركة في هجوم.

 

وتحدّث عن أنّه بدأ في التحقق فيما إذا كان رئيس الوزراء يتمتع بالصلاحية لإصدار أوامر من شأنها أن تؤدي إلى حرب، وقال: لقد استفسرت عن كل شيء يمكنني القيام به، راجعت المسألة مع رؤساء سابقين للموساد، وراجعتها مع مستشارين قانونيين، وأجريت مُشاوراتٍ مع كلّ شخص ممكن من أجل فهم من يتمتع بصلاحية إصدار الأوامر حول مسألة البدء بحرب.

 

في المحصلة رفض باردو وغانتس خطة نتنياهو وقام رئيس الوزراء بسحب أوامره، كما قال، ولكن ليس قبل أنْ يفكر باردو في اتخاذ تدابير مشددة.

 

من جهة أخرى لم ينفِ أوْ يؤكّد باردو في المقابلة التي أجراها معه برنامج التحقيقات الاستقصائيّ “عوفدا” بالتلفزيون العبريّ، قيام الموساد برئاسته باغتيال علماء الذرّة الإيرانيين، زاعما أنّه قام بعدّة زياراتٍ إلى إيران وسوريّة، مُشدّدا على أنّه لم يكُن سائحا، بحسب تعبيره.

 

يريد باردو أن يلوح لإيران بأن “اسرائيل” قادرة على ضرب مواقع وشخصيات إيرانية في أي وقت تريد، وأن إيران دولة مخترقة أمنياً من قبل الصهاينة، وفي نفس الوقت يريد أن يوصل فكرة مفادها أن الكيان الإسرائيلي يبحث عن السلام ولا يريد الحرب ولو أراد لفعل، وهنا يخبر الداخل الإسرائيلي بأن الموساد حريص على حياتكم ويعمل ليل نهار لإبعاد أي خطر قد تتعرضون له، وهذا يمكن أن نربطه بشكل مباشر بالهجوم الأخير الذي شنّته سوريا ضد مواقع إسرائيلية في الجولان، قالت “إسرائيل” إنّ مصدر الصواريخ إيراني، وبهذا يكون باردو يعمل على إيصال رسالة للإيرانيين بأن منشآتكم كانت تحت رحمة صواريخنا وطائراتنا لكننا لم نقصفها.

 

ولكن نسيّ أو تناسى باردو بأنه في نفس الفترة التي تحدث خلالها عن أمر نتنياهو بضرب المنشآت الإيرانية في العام 2011، أسقطت إيران طائرة استطلاع أمريكية من دون طيار من طراز “RQ-170″، وعطّلت أجهزة التحكم فيها وأسقطتها بأقل الأضرار الممكنة ومن ثم فككتها ورفضت إعادتها لأمريكا، وفي شهر تموز من نفس العام أسقطت إيران طائرة استطلاع أمريكية من دون طيار على مقربة من منشأة “فوردو” النووية قرب مدينة قم، حاولت واشنطن التنصل من الموضوع لكنها سرعان ما صرّحت بأنه تم فقدان الاتصال معها.

 

من هنا ندرك كيف يحوّل الصهاينة وداعموهم في واشنطن فشلهم إلى “مِنة” يتحسنون بها على الآخرين، وهذه سياسة جديدة استخدمها نتنياهو بكثرة، إحدى وسائلها تقديم المعلومات الأمنية أو الخدمات الأمنية، وآخرها كان مع الهند عندما نقل نتنياهو معلومات إلى نظيره الهندي، ناريندرا مودي، حول خلايا “إرهابية” تعمل في الأراضي الهندية، لكسب صداقة الهند وتوطيد العلاقات معها، وبعدها سربت صحف إسرائيلية معلومات عن إحباط عملية خطط لها “داعش” العام الماضي، لتفجير طائرة تابعة لشركة الاتحاد الإماراتية.

 

هكذا بدأ يسوّق الموساد لنفسه على أنه حمامة سلام في هذا العالم، في محاولة لإخفاء جرائمه التي لا تعدّ ولا تحصى في قتل الأبرياء، تحدثت عنها صحيفة “دير شبيغل” الألمانية، ناقلة عن الصحفي والكاتب الإسرائيلي، رونين بيرغمان، أسراراً حول جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي “موساد”، وقال بيرغمان للصحيفة: إن “أجهزة المخابرات الإسرائيلية اغتالت بشكل إجمالي ما لا يقل عن 3 آلاف شخص”.

 

وأوضح في كتابه أنه “لم يكن بينهم فقط الأشخاص المستهدفون، بل العديد من الأبرياء الذين تواجدوا بالمكان الخطأ في الوقت الخطأ”، هذا نموذج مبسط عن الموساد ومساعيه الجديدة في هذا العالم.

 

 

#العيد_في_امساحل

#أعيادنا_جبهاتنا

 

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا