تعز العز

💢بعد أن أجدب العدوان وحصاره كل مصادر الدخل والعيش (احتضار مهنة التاكسي)

يمثل مطار صنعاء الدولي مرفأً وبوابة تربط اليمن ببقية العالم، ولم تقتصر معاناة إغلاقه على حصار المواد والاحتياجات الغذائية والطبية الضرورية، والمسافرين من المرضى والدارسين والعاملين والمغتربين وغيرهم ممن له حاجة بالسفر، بل هناك زاوية أخرى فرعية تحكي وتلفت النظر إلى معاناة أخرى تتمثل في قطع السُّبل والأرزاق التي تسبب بها إغلاق المطار، وهي زاوية يملؤها سائقو سيارات الأجرة (التاكسيات) في العاصمة، المهنة الأكثر معاناة وضيقاً وشحة في المردود، بعد أن كانت تشهد ازدهاراً في فترات ما قبل العدوان، وكان سوقها عامراً في كل أرجاء العاصمة.

يصنف سائقو سيارات الأجرة (التاكسي) اليوم أنفسهم الأكثر معاناة وتضرراً من العدوان والحصار المفروض على اليمن، فقد تزاحمت الأسباب التي جعلت حياة هؤلاء في ضائقة كبيرة، سواء من كانوا يمتهنون قيادة (التاكسي) كعمل رئيسي، أو من لجأوا لهذه المهنة من أصحاب الوظائف الحكومية الذين تسبب نقل تحالف العدوان للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن، بخسارة رواتبهم التي كانت مصدر رزقهم الرئيسي، وأحياناً الأوحد.
ويعيش سائق الأجرة في مشقة وحيرة من أمره، غير قادر على تحديد سبب معاناته، والسبب الذي جعل مهنته الأكثر تعباً والأقل مدخولاً، من بين جملة الأسباب الكثيرة التي تسبب بها العدوان والحصار.
فسعر الـ20 لتراً (الدبة) من الوقود (البترول) أصبح اليوم يصل إلى أكثر من 9 آلاف ريال، وهذا -حسب سائقي الأجرة- سعر يفرض معادلة مستحيلة لجني أي ربح أو مكسب حقيقي من عملية تقديم خدمة توصيل الناس، ويزداد الأمر سوءاً عند أصحاب السيارات الأقدم والمستخدمة وغير الاقتصادية في استهلاك الوقود، ونسبتهم كبيرة جداً في هذه المهنة، حيث تستهلك سياراتهم وقوداً أكثر من الأنواع الاقتصادية والحديثة، ما يجعل عملية تقديمهم الخدمة وعملهم كسائقي تاكسي، حسب كثير من السائقين، غير مجدية، فمن الصعب جداً تغطية تكاليف الوقود وصيانة السيارات وشراء قطع الغيار، ناهيك عن توفير متطلبات العيش الضرورية من غذاء وغيره، ولكن عملهم، كما قال لنا الكثيرون منهم، لم يعد قائماً إلا على فكرة الصبر وانتظار الفرج من الله، والصمود في وجه العدوان الذي يستهدف تركيع اليمنيين باستهداف مصدر رزقهم وقوتهم وحاجتهم، ومن باب أن شيئاً أفضل من لا شيء.
مقبل محمد (مدرس وسائق سيارة أجرة)، يقول إن مهنة قيادة (التاكسي) كانت خطة الطوارئ له ولأسرته بعد انقطاع الرواتب، إلا أنها وبوضعها الحالي لم تعد كافية لتوفير احتياجاتهم الضرورية من المعيشة والمسكن والملبس، خاصة مع استمراره في أداء واجب التدريس الطوعي بدون راتب، الذي قال إنه يمثل له واجباً وطنياً ودينياً وإنسانياً أمام الله وأمام الوطن وأجياله المهددة بالضياع، وأنه أحد أهم مظاهر الصمود والتضحية في وجه العدوان.
وقال مقبل إن وضعه صار حرجاً لفترة من الزمن في مهنة قيادة (التاكسي)، حتى وجد له عملاً آخر بجوارها، كموزع أدوية، وهذا أسهم في تخفيف الأعباء الكثيرة المثقل بها كاهله.
ومن الأسباب التي أدت إلى تدهور مهنة سائقي الأجرة، بعد ازدهارها في فترات ما قبل العدوان، اختفاء سوق الطلب والحاجة لهذه الخدمة، حيث تسبب العدوان بركود كل شيء، وما عادت القدرة الاقتصادية للمواطنين تتيح لهم التسوق والتنزه والتزاور والتحرك كالسابق، وبتوقف السياحة الداخلية والخارجية وإغلاق مطار صنعاء الذي كان يمثل مصدر رزق مثالياً بالنسبة لسائقي (التاكسي)، حيث كان يستقبل ويودع كل يوم مئات المسافرين من اليمنيين وغير اليمنيين، الذين يلجؤون لخدمات هذه المهنة، حتى إنها ومع الأسف ظهرت روابط من سائقي (التاكسي) تحاول احتكار الوقوف أمام المطار والفنادق الكبيرة التي تستقبل السياح والوافدين من الداخل اليمني والخارج.
إضافة إلى كل هذا، تظهر مشكلة أخرى في وجه سائقي السيارات، تتمثل في زيادة أعداد سيارات الأجرة، والمنافسة الكبيرة لهم من قبل أصحاب الباصات الصغيرة (الدباب)، فحسب الأرقام الأخيرة المسجلة في مرور العاصمة صنعاء،إن عدد لوحات الأجرة المرخصة والممنوحة في أمانة العاصمة تزيد عن 70 ألف لوحة أجرة، إضافة إلى 35 ألف لوحة أجرة في محافظة صنعاء، ناهيك عن الآلاف من سيارات الأجرة التي اقتحمت الشوارع، وتعمل دون تراخيص أو لوحات.
ومع اضطرار سائقي سيارات الأجرة إلى رفع قيمة المشوار على الركاب، من أجل أن تتناسب مع سعر الوقود المرتفع، يعزف الركاب الذين وضعهم المالي بدوره في قاع المعاناة، عن طلب خدمة سيارات الأجرة، ويلجؤون إلى طلب خدمة الباصات الصغيرة (الدباب) التي تعمل بالغاز، وتقدم أسعاراً أكثر قبولاً.
ووسط كل هذه الأسباب المتفاقمة، تحتضر مهنة سائق (التاكسي) التي كانت تسهم قبل العدوان في انحسار ملحوظ لمستوى البطالة، باعتبار أنها كانت إحدى المهن المربحة والمريحة.

 

 

 

#ثورة_21_سبتمبر_حرية_واستقلال

أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه

telegram.me/taizznews