تعز العز

🔘كيف ندافع عن حقوق الإنسان ونبيع أسلحة للسعودية؟

عن صحيفة (ذا جلوب آند ميل) نهى أبو الدهب
لا تعتبر صفقات الأسلحة مجرد صفقات مالية، فهي تعد أيضاً تعبيراً قوياً عن الدعم السياسي والشراكة بين حكومتين، عندما وقع ستيفن هاربر على صفقة أسلحة بقيمة 15 مليار دولار، مع المملكة العربية السعودية، في 2014 -أكبر عقد في تاريخ كندا- حاول أن يبرر توقيع تلك الصفقة المثيرة للجدل، بالإشارة إلى المملكة السعودية كشريك في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كما حاول التبرير بأن مسألة إلغاء العقد قد يؤدي بشكل جائر إلى معاقبة 3 آلاف عامل كندي ممن يصنعون الأسلحة في لندن.
إن تغريدة كريستيا فريلاند، في الشهر الفائت، والتي دعت لإطلاق سراح ناشطي حقوق الإنسان المعتقلين في السعودية، قد تسببت في شقاق سعودي-كندي، ما جعل السعودية تقوم على نحو مفاجئ بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كندا، كما قامت بسحب آلاف الطلاب الحاصلين على منح دراسية من الجامعات الكندية.
تتماشى تغريدة السيدة فريلاند والدعوات السابقة التي أطلقتها الحكومة الكندية لإطلاق سراح الناشطين المعتقلين بشكل تعسفي والمعتقلين بسبب الرأي في السعودية، مع السياسة الخارجية الواعية لحقوق الإنسان في كندا، ولا شك أن استمرارية إبرام صفقات السلاح المقدرة بمليارات الدولارات مع المملكة العربية السعودية، أمر غير مؤكد.
وبعد رد المملكة السعودية العنيف على تغريدة فريلاند، صرحت بأن كندا ستقف إلى جانب حقوق الإنسان في الوطن وحول العالم، لكن ما تسمى السياسة الخارجية التي تطلق عليها السياسة النسائية التي ترتكز على حقوق المرأة والإنسانية، جوفاء في مقابر اليمن الواسعة.
تسببت الحرب الدائرة في اليمن والقتال بين المتمردين الحوثيين والتحالف بقيادة السعودية، في خلق إحدى أسوأ أزمات العالم، فيما يعاني اليمنيون الأبرياء، لاسيما الأطفال، من الموت بسبب الضربات الجوية والمجاعة والأمراض التي يمكن الوقاية منها.
وقد دعمت كندا بشكل نشط وجدي إجراء تحقيقات الأمم المتحدة في جرائم الحرب الواسعة المرتكبة ضد اليمنيين الأبرياء، ويؤكد آخر تقرير أنه (يمكن أن تكون جميع أطراف الصراع مسؤولة عن جرائم الحرب، لكن الأعمال التي قام بها التحالف بقيادة السعودية قد مثلت السبب الرئيسي لموت المدنيين والدمار في اليمن).
وعلى وجه الخصوص، يدعو التقرير إلى وقف توريد الأسلحة التي قد تستخدم في الصراع في اليمن، مع تسليط الضوء على التأثير السلبي لمبيعات الأسلحة التي قد تستخدم لارتكاب جرائم حرب.
ومسألة أن تستمر كندا في تزويد المملكة بالأسلحة، برغم الفظائع المروعة المرتكبة في اليمن على نحو يومي، من قبل التحالف العسكري بقيادة السعودية، مسألة محيرة، إن لم تكن عبثية.
وتمنع لوائح كندا الخاصة برقابة الأسلحة الكندية، تصدير الأسلحة في حال كان هناك خطر حقيقي من أن يتم استخدامها لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وقد تم التأكيد على هذا الشرط من قبل السيدة فريلاند نفسها في وقت مبكر من هذا العام.
وبغض النظر عما إذا كانت الأسلحة الكندية فعلاً تستخدم في الحرب على اليمن، أم لا، حقيقة أن حكومة السيد ترودو تستمر في الدفاع عن صفقات الأسلحة تلك، تبعث رسالة سيئة جداً مفادها: كندا تدعم حماية حقوق الإنسان فقط طالما أن ذلك لا يضر بمصالح كندا التجارية.
حينها شيء واحد فقط قد يصعب التنبؤ به، أن تقوم المملكة السعودية أو أية دولة أخرى بأخذ تصريحات كندا في ما يتعلق بحقوق الإنسان، على نحو جدي.
وفي القائمة المتنامية للبلدان التي قررت وقف تصدير السلاح للسعودية، تعتبر إسبانيا هي آخر تلك الدول، ذاكرةً مخاوفها من احتمالية استخدام أسلحتها في اليمن، وقرار إسبانيا المنسجم مع قرار ألمانيا ونيوزيلاندا والنرويج، يبعث رسالة هامة أن خطر استخدام أسلحتها في حرب اليمن لا يستحق ملايين اليوروهات في مبيعات الأسلحة للسعودية.
إن صفقة الأسلحة الكندية المبرمة مع السعودية والموقعة من قبل السيد هاربر، والتي تم الإقرار بها وحمايتها من قبل حكومة ترودو، تحيل سياسة حقوق الإنسان الكندية إلى مسرحية هزلية.
بالطبع أن صفقات الأسلحة المربحة والمبرمة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة والمملكة السعودية، تقدم الدعم السياسي الذي يحتاجه التحالف الذي تقوده السعودية، ليتابع حملاته العسكرية الوحشية في اليمن، وقد لاقى الضغط الداخلي لوقف تصدير الأسلحة آذاناً صماء.
إذا كان على كندا أن تحافظ على أي نوع من المصداقية عندما تقود سياستها الخارجية والمناشدات لحماية حقوق الإنسان حول العالم، فإن إنهاء صفقات الأسلحة للسعودية هو أول خطوة حاسمة يجب أن تتخذ، حتى الآن تبدو السيدة فريلاند مرتاحة نوعاً ما لتبجيل هذه الصفقة غير المبررة، لذا من الصعب حينها أن تأخذ على محمل الجد غضبها من الاعتقالات التعسفية لسمر بدوي وآخرين، بينما تزهق أرواح اليمنيين بشكل يومي بسبب التحالف السعودي الذي تدعمه كندا بقوة.

 

 

 

 

#ثورة_21_سبتمبر_حرية_واستقلال

أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه

telegram.me/taizznews