تعز العز

الدمـــاء تطارد المهفوف

#اصوات_تعزية
لم يخطر ببال ولي العهد السعودي الأمير (المهفوف) محمد بن سلمان أبداً أنه وبعد أربعة أعوام من العدوان على اليمن سيصبح منبوذاً مطروداً، وغير مرحب به من الشعوب التي لطالما كانت ترحب بكل قادم من الرياض من الملوك والأمراء على مدى العقود الماضية.
بحساباته الخاطئة اعتقد (المهفوف) أنه سيحسم المعركة في اليمن لصالح المملكة، وأن ذلك سيكون بمثابة سلم للوصول إلى العرش، خلفاً لوالده. غير أن صمود اليمنيين شعبياً، وإنجازات الجيش اليمني واللجان الشعبية، حسمت المعركة لصالح اليمن الكبير، ولم يجنِ المغامر بن سلمان غير الهزائم والفشل المتكرر.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى فلقد اجتمعت على رأس بن سلمان كل المصائب، من الفشل بالعدوان على اليمن، وتورطه بارتكاب جرائم حرب، إلى الإخفاقات الداخلية وانكشاف وهم مشاريعه من “رؤية 2030” إلى “نيوم”، وآخر المصائب انكشاف تورطه بجريمة قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي… كل هذه المصائب جعلته يعيش في حالة من العزلة والتواري عن الأنظار، فضلاً عن الضغط الدولي الكبير والمطالبات المستمرة بمحاكمته ومحاسبته على جرائمه.
عندما قرر بن سلمان مواجهة العالم وكسر العزلة، وإعادة تقديم نفسه بصورة مختلفة، لم تنفعه ملايين الدولارات التي حملها معه ليشتري بها مواقف الدول التي قرر زيارتها لغسل الدماء من يديه، وكان الرفض هو العنوان البارز في جولته، التي أقل ما يمكن وصفها بالفاشلة.
بدأت الزيارة من أبوظبي، وأبرز ما تداوله الإعلام عنها هو اصطحاب محمد بن زايد لشريك جرائمه بن سلمان إلى الملاهي الليلية والتقاط الصور مع الراقصات وبائعات الهوى كجزء من “التنفيس” على المهفوف الذي لتوه خرج من حالة اكتئاب وضيق. وفي المنامة كانت المحطة الثانية للزيارة، حيث سبق وأن أخمدت السعودية ثورة شعب البحرين وقتلت الثوار واعتقلت الناشطين ورموز الثورة ونكلت بهم منذ العام 2011، ولولا كل هذا القمع لكان استقبل البحرينيون بن سلمان بالأحذية.
إلى القاهرة واصل (المهفوف) جولته، وهناك ندّد سياسيون وصحافيون بالزيارة، لأن المصريين يعرفون أن بن سلمان أحد مهندسي جريمة انتزاع جزيرتي تيران وصنافير المصريتين، إلى جانب تورطه بقتل أطفال اليمن وتورطه بقتل الصحافي جمال خاشقجي.
ورداً على الزيارة التي حمل فيها بن سلمان للسيسي الكثير من “الرز”، قالت الحركة المدنية الديمقراطية المصرية، وهي ائتلاف لأحزاب وشخصيات مصرية معارضة، في بيان إن “جريمة جزيرتي تيران وصنافير تم بموجبها تحويل مضيق العقبة من مضيق مصري خالص إلى مضيق دولي حر، بما يحقق مصالح الكيان الصهيوني، ويحرم الأمن القومي المصري من ميزة استراتيجية على حدوده البحرية الشرقية، وفي البحر الأحمر بصفة عامة”.
وشددت الحركة المصرية على رفض الزيارة قائلة: “إن هذا الزائر المرفوض هو أحد الساعين لتصفية القضية الفلسطينية، ومن أكثر داعمي الكيان الصهيوني”، مؤكدة أن “الجريمة الكبرى لابن سلمان هي حرب اليمن، وغارات التحالف التي يقودها نظامه، وأصابت شعب اليمن بأشد كارثة إنسانية في تاريخه”.
وفي المحطة الرابعة (تونس) بدأت الاحتجاجات منذ اليوم الأول لإعلان الرئاسة التونسية قدوم ولي العهد السعودي وترحيبها بالزيارة، وانطلقت جبهة الرفض على منصات التواصل الاجتماعي، قبل أن تشمل الشوارع وأروقة القضاء والبرلمان، واتفق كل التونسيين على أن بن سلمان خطر على أمن واستقرار بلادهم، خاصة وأن الجهات الدولية تتهمه بارتكاب انتهاكات ضدّ حقوق الإنسان في داخل المملكة وخارجها.
على وقع الاحتجاجات الشعبية اضطر (المهفوف) مغادرة تونس بعد أربع ساعات فقط من الزيارة، وصلها ليلاً وغادرها ليلاً، لينام على متن طائرته متوجهاً على الفور إلى الأرجنتين، لاغياً جدول زيارته إلى المغرب والجزائر وموريتانيا، جراء الرفض الشعبي والرسمي الكامل لزيارته.
حتى في الأرجنتين اضطر “بن سلمان” للنزول في مقر السفارة السعودية بالعاصمة بوينس آيرس بدلاً من الفندق الذي كان يفترض أن يقيم فيه، بعد أن تلقى استشارات من فريقه الأمني ومن السلطات هناك عن احتمال احتجاجات قد يتعرض لها في مقر الفندق، وسيضطر بن سلمان لتوزيع ما تبقى في جعبته من أموال و”رز” للقوات الأرجنتينية المكلفة بحمايته ومنع وصول المحتجين إليه، لكنهم لن يستطيعوا حمايته من لعنة دماء أطفال اليمن التي ستلاحقه في كل مكان وستزيد من حالة العزلة التي يريد أن يخرج منها ولا مفر.