تعز العز

الاساليب القرآنية لتقديم هدى الله للناس

تعز نيوز-  تقارير

 

لقد قدم السيد حسين بدر الدين الحوثي من خلال مشروعة القرآني الثقافي رؤى صحيحة وحلول ناجعة تجعل الأمة قادرة على المواجهة ، وتعطي كل من يسيرون عليها أن يكونوا بمستوى أن يشّخصوا الواقع ويقدمون التقييم الدقيق والفعلي لواقع الأمة ومشكلاتها والمخرج لها من هذا الواقع ، وتحرك إلى دعوة الأمة العربية والإسلامية إلى الرجوع إلى القران الكريم كمنهاج يستنيرون منه لمواجهة المشروع الاستعماري بقيادة أمريكا والدول الرأسمالية ، فكان يخاطب العقل البسيط للإنسان ، ولم يأتٍ بمعان غير مفهومة ،ولا عبارات معقدة ،بل كان يخاطب الناس بكلمات سلسة تتماشى مع ثقافتهم البسيطة ليس إلا ليّعوا كل كلمة يقولها أو يحذر منها.

 

ومن هدى القران الكريم يبين السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله علية منهجية القرآن الكريم في تقديم هدي القران الناس ويؤكد أن هذا مما نحتاج إليه في تعليم الناس أسلوب القرآن في الخطاب ، حيث يقول ” نريد أن نتعلم من خلال القرآن الكريم: أساليب القرآن، ومنهجية القرآن الكريم؛ هذا مما يحتاج إليه الإنسان بالنسبة لنفسه، ومما نحتاج إليها في تعليم الآخرين في تعليم الناس نفس أسلوب القرآن ”.

 

منهجية القرآن الكريم في الخطاب مع الناس

 

يوضح السيد حسين أن أسلوب القرآن الكريم عندما يذكر فئات معينة (متقين ومنافقين وكافرين) فانه يأتي بنماذج من أعمالهم، ويأتي بأشياء تعبر عن مشاعرهم ،وما يأتي بذكر المنافقين والمتقين والكافرين  فقط ،فعندما يذكر المنافقين, فانه يذكر في نفس الوقت الأشياء التي قد تكون من العوامل التي تؤدي بالإنسان إلى أن يصبح منافقا ، وكذلك عندما يذكر القرآن الكريم المتقين, ويبين ما هي التقوى, فانه يبين أيضا أعمال المتقين وكيف تكون مشاعر المتقين, حيث يقول “أول [سورة البقرة]: ذكر فيها المتقين, ذكر فيها نوعية من الكافرين, وذكر أيضا نوعية أخرى: المنافقين. وأسلوب القرآن الكريم عندما يذكر فئات معينة، أو عندما يذكر متقين ويذكر مؤمنين ويذكر منافقين وكافرين هو في نفس الوقت يأتي بنماذج من أعمالهم، يأتي بأشياء تعبر عن مشاعرهم, وما بداخل أنفسهم, أعني: يجليِّ المنافقين, ويذكر في نفس الوقت الأشياء التي قد تكون من العوامل التي تؤدي بالإنسان إلى أن يصبح منافقا. المتقون كذلك يذكر المتقين, ويبين التقوى ما هي, ويبين أيضا أعمال المتقين كيف هي تكون ـ عادة ـ مشاعر المتقين, ما يأتي فقط بالمتقين بالمؤمنين بالكافرين بالمنافقين, وما ندري كيف، يبيِّن، يوضح”.

 

في سياق ذلك يبين السيد حسين بعض النقاط الهامة التي تتضمن توجيهات قرآنية لمن يقوم بتقديم الهدى للناس منها :

 

        أن الإنسان هو مفطور على أن يقي نفسه

 

يقول الشهيد القائد :”وهذه قضية ملموسة لدى الناس هي أن كل واحد يكون حريصاً على أن يقي نفسه، وان هذه تعتبر قضية مساعدة جداً لمن يتحدث مع الناس بحيث يجب أن نعرف أن الإنسان نفسه بأنه مفطور على الحذر على أن يقي نفسه مما هو شر، من العذاب, من الأشياء التي هي ضر, حيث يقول “نتلمس في باقي السورة شيئا من التفصيل لما جاء في أولها: المتقون ذكرهم، مثلا جاء الحديث من خلال هذه الآيات بالشكل الذي يوحي للناس بأن الإنسان مفطور أساساً على الحرص أن يقي نفسه من أي شر، من أي ألم، من أي عذاب, وهذه نقطة هامة جداً هي قضية ملموسة لدى الناس: أن كل واحد يكون حريصاً على أن يقي نفسه.إذاً هذه تعتبر قضية مساعدة جداً لمن يتحدث مع الناس, لمن يعمل على أن يرتقي بنفسه إلى درجة المؤمنين المتقين, وأن نعرف أن الإنسان نفسه بأنه مفطور على الحذر على أن يقي نفسه مما هو شر، من العذاب, من الأشياء التي هي ضر, هو فقط يحتاج إلى تذكير مستمر, تذكير مستمر”.

 

وفي ضوء ذلك يؤكد السيد حسين أنه عندما تذكر الإنسان بقضية معينة، أن فيها خطورة عليه، وتقدمها بشكل واضح, وتبين له طريقة الوقاية منها وهذه من الأشياء المهمة لان النتيجة ستكون انه سيوجد تجاوب في داخل نفسيته ، وهذا يساعد على إزالة المفهوم السائد ان الناس ما عندهم استجابة لان يسمعوا ويفهموا نظرا أننا لا نستقري فطرة الناس ، حيث يقول السيد حسين “فعندما تذكر الإنسان بقضية، أن فيها خطورة عليه، تقدمها بشكل واضح, تبين له طريقة الوقاية منها، هنا يوجد تجاوب في داخل نفسيته، عادة يوجد تجاوب، وهذه من الأشياء المهمة: أن هذا الدين كما قال الله عنه: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (الروم: من الآية30)”.

 

لذلك يؤكد السيد حسين بالقول ” هذه تساعدنا على إزالة مفهوم ـ تقريباً ـ قد يكون نتيجة أننا لا نستقري فطرة الناس وتكون النتيجة عند هذا الشخص: [أن هؤلاء ما رضيوا يسمعوا, ولا رضيوا يفهموا ولا يريدوا الحق ولا، ولا] بالطريقة هذه يكون سريعاً إلى أنه يتوقف!.لا، إفهم: أن الإنسان هو مفطور على أن يقي نفسه فعليك أنت أن تطور أسلوبك فتعرف كيف تخاطبه حتى يتبين له فعلا: أن القضية الفلانية تشكل خطورة عليه، تبين له: أن عملا معينا أو تقصيراً في عمل معين يؤدي به إلى أن يشقى في هذه الحياة, يؤدي به إلى أن يغضب الله عليه, يؤدي به إلى أن يعذب في نار جهنم، ثم تبين له ما يشكل وقاية من هذه وباستمرار.

 

          أن الإنسان بحاجة إلى التذكير المستمر

 

وهذه قضية أساسية وأن في داخل كل إنسان ما يساعد على تفهم وتقبل ما تقدمه إليه ، ويوضح أن الذي يريد أن يكون قادرا على مخاطبة الناس فانة يكون مخاطباً لهم بالقرآن نفسه، لان القرآن هو أعلى أسلوب في الخطاب للآخرين, وهو أبلغ موعظة, وأرقى تذكير ، حيث يقول “الإنسان بحاجة إلى التذكير المستمر, التذكير المستمر، ومعك في داخل كل إنسان ما يساعد على تفهم وتقبل ما تقدمه إليه، وإذا كنا قديرين على تقديم الأشياء للناس، وأعتقد لا يوجد أحد يعتبر قديراً إذا لم يكن مخاطباً للناس بالقرآن نفسه، القرآن هو أعلى أسلوب في الخطاب للآخرين, هو أبلغ موعظة, أرقى تذكير, أوضح تبيين، يذكر كيف نخاطب الناس, بل كيف نخاطب أنفسنا. هذه قضية أساسية لازم التذكير المستمر، التذكير المستمر”.

 

      أن من الأخطاء أن تأتي بطريقة واحدة, وروتين واحد في الخطبة للناس

 

فتكون إما شدة من أولها إلى آخرها, أو كلام بارد, وأسلوب متثاقل من أولها إلى آخرها، وهنا يبين السيد حسين أن هذا غير صحيح، وأنه يجب تقليب الموضوع بخطاب ما بين شدة ولين من الأساليب المؤثرة، وهذه من الناحية النفسية أسلوب من الأساليب الهامة ، حيث يقول “جانب آخر: الخطاب في السورة بدأ في أول السورة ـ فيما سمعنا بالأمس من التلاوة ـ ألم يأت فيه ـ إذا صحت العبارة ـ لهجة قاسية حول الكافرين, وحول المنافقين؟ ثم جاء بعده بعبارة لطيفة ورقيقة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:21) إذاً ألم يتحدث هنا عن التقوى؟ وجاء بعبارة لطيفة ورقيقة؟ هذه من الناحية النفسية أسلوب من الأساليب الهامة. عندما تخطب في الناس وتكون خطبتك من أولها إلى آخرها كله كلاما ساخنا: [د د د د د د د … ] مثل بعض الخطباء! هذا ليس أسلوبا صحيحاً. عندما تكون في فقرة من الفقرات في موضوع من المواضيع تتحدث بلهجة قاسية مناسب جداً تنتقل إلى أسلوب آخر لطيف تقول: [أيها الإخوة: نحن يجب أن نكون كذا …….. ]، بأسلوب لطيف بحيث يكون له وقع في النفوس, لكن تأتي بطريقة واحدة, روتين واحد في الخطبة: إما شدة من أولها إلى آخرها, أو كلام بارد, وأسلوب متثاقل، متثاقل من أولها إلى آخرها، هذا غير صحيح. تقليب الموضوع بخطاب ما بين شدة ولين من الأساليب المؤثرة”.

 

       أن عبادة الله هي تشكل وقاية للناس من كل ما هم يريدون أن يقو أنفسهم منه:

 

حيث يقول السيد حسين”{يَا أَيُّهَا النَّاسُ} (البقرة: من الآية21) خطاب للناس جميعاً {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: من الآية21) اعبدوه هو, عبِّدوا أنفسكم له, هو ربكم, هو القائم على تربيتكم, هو الذي خلقكم وخلق الذين من قبلكم الذين أنتم جئتم بعدهم وفرع منهم. {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} من أجل تقوا أنفسكم من أشياء كثيرة مما يذكرها في آيات أخرى, هو يذكر بالنسبة للضالين, بالنسبة للذين هم غير متقين، يحصل لهم في الدنيا هذه شدائد رهيبة, يحصل نقص في البركات, نقص في الخيرات, يحصل شقاء في الحياة, يحصل ضنك في المعيشة, يحصل خزي, يحصل ذلة, قهر, استضعاف, أشياء كثيرة جداً, الإنسان يكرهها بطبيعته وبفطرته يمقتها.{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} عبادة الله هي تشكل لكم وقاية من كل ما أنتم تريدون أن تقو أنفسكم منه, وكل ما أنفسكم مجبولة على الحرص بأن تقي أو تتقي منه, تبتعد عنه وتكون بمنأ ومأمن عنه حيث قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ألم يذكر هناك المتقين {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: من الآية2)؟ ذكر صفات المتقين, ثم ذكر أساليب, أو وجه إلى أشياء معينة تجعلكم متقين, تكونون بها متقين. غالباً ما تأتي العبارة هذه في بعض المواضع مطلقة {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} هنا تحمل على إطلاقها فعلاً, أي في عبادة الله ما يعتبر وقاية لكم من كل الشرور, من كل المصائب, من ضنك المعيشة, من الشقاء, من الظلم, من القهر, من الإذلال, من الخزي في هذه الحياة، ووقاية مما في الحياة الأخرى أيضاً سوء الحساب وجهنم.

 

ويبين السيد حسين أنه عندما تأتي إلى الأشياء وتسردها على الإنسان يجب عليك ان تبين له طريق الوقاية منها حيث يقول ” إذاً عندما تأتي إلى الأشياء هذه تسردها على الإنسان أي إنسان كان حتى ولو كان غير مسلم، عندما تسرد عليه الفقر, ضنك المعيشة بشكل عام, الشقاء, الذلة, القهر, الاستعباد, الخزي, أليست كلها ممقوتة عند الناس؟ ما كل إنسان يحب أن يقي نفسه منها؟ عندما تقول له: هناك نار شديدة, قبل أن يجادلك يوجد نار أو ما يوجد نار تقول له: افترض أنه يوجد نار ألست تحب أن تقي نفسك من أن تعذب بنار شديدة؟ لأجاب: نعم.

 

جاء الخطاب في البداية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} خطاب للناس جميعاً, لكل الناس أن يتجهوا إلى عبادة الله, فعبادة الله هي التي تشكل وقاية لهم من كل ما هم مفطورون على الحرص بأن يقوا أنفسهم منه.

 

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً} (البقرة: من الآية22) لاحظ هنا في العبارة هذه كيف هي رقيقة بشكل عجيب لم يقدم الله سبحانه وتعالى نفسه بأنه جبار تقول: [يجب أن يقي الناس أنفسهم من واحد جبار غليظ قاسي شر كله] فيتقونه رغماً عنهم؛ لأنهم لا يستطيعون أن يقوا أنفسهم منه إلا بالطريقة هذه. في الدنيا هذه يكون هناك طرف من الأطراف ما يقدم أي خير، كله شر، وتراهم يحرصون على أن يقوا أنفسهم من شره بأي طريقة, يؤيدون معه, ينفذون أوامره, وما فيه أيَّ خير لهم؛ ليقوا أنفسهم من شره، أما الله سبحانه وتعالى فليس بالشكل هذا.

 

 

        انه من ناحية المنهج والأسلوب, في تذكير الناس, وفي الدفع بهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى, تذكير الناس بالله وبما أنعم به عليهم:

 

تذكير حتى بالأشياء التي تبدو عند الناس أصبحت بديهية، لم يعودوا يلتفتون إليها، وان الإنسان أحيانا قد تكون القضية عنده تصبح عادية؛ لأنه ألفها يومياً، يومياً، نحاول أن نذكِّر أنفسنا ونذكر بعضنا بعض بالنعم بما فيها النعم التي قد أصبحت لم تعد تؤثر فينا قد هي طبيعية وبديهية لدينا لم تعد تثير لدينا أيّ تذكر؛ لأن المسألة في دفع الناس إلى العبودية لله لا تتطلب منك أن تبحث عن غوامض الأشياء، بل بالواضحات, خاطب الناس بالواضحات، أعني: بالأشياء التي هم قد ألفوها تماما.

 

ويؤكد السيد حسين ان يجب ان حاول أنك تذكرهم من جديد, وتلفت أنظارهم إلى أن يتأملوا ويتذكروا، حيث يقول :{جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} (البقرة: من الآية22) هي في نفسها مستقرة, ثم نحن في خلقنا نحتاج الاستقرار أعني: الإنسان يختلف عن بعض المخلوقات الأخرى, لاحظ مثلاً [الخفَّاش] كيف يعمل! يتعلق بيد يكون في السقف يتعلق بيد هناك!.

 

الإنسان بطبيعته هو مفطور على الاستقرار, إذاً هو بحاجة إلى مكان يستقر فيه, ويلاحظ واحد نفسه متى ما كان هناك مكان مرتفع يكون الناس راغبين أن تكون مستقرة فيكون كل واحد يريد يحاول يصلِّح له مكان يستقر فيه هذه فطرة عند الإنسان, فالله جعل الأرض هذه جعلها فراشا, بسطها وجعلها فراشا للناس يستقرون عليها.

 

{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ} (البقرة: من الآية22) إذاً الله سبحانه وتعالى عندما يدعونا إلى أن نعبده هو أيضاً يذكر هذا الشيء: أننا مملوكون له، ثانياًً أن نلحظ ما يقدمه لنا إذا فينا معروف ـ إذا صحت العبارة ـ, إذا فينا معروف ونقدر له سبحانه وتعالى ما أسبغ به علينا من النعم وما تفضل به علينا, وما بذله من إحسان لنا. هنا جاء بأشياء جملية: الأرض، السماء، الماء، الماء من الناحية التفصيلية واسع جداً في الاستخدام ومتعدد الأغراض بالنسبة للإنسان يحتاج إليه بشكل كبير جداً.

 

{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} هو الذي أنزله هو ينزله لم يقل: [معكم ماء في السماء دبروا نفوسكم فكروا كيف تعملون حتى تطلعوا وتحضروه!] لا .. هو ينزله هو، سحاب يسوقه محمل بملايين الأطنان من الماء وينزله هو, وعندما ينزله ينزله بطريقة ما تؤثر, لا يأتي ينزله ـ مثلا ـ كتلاً من الثلج أو البَرَد أو ينزله قطرات كبيرة مثل الخزانات, مثل الصخرات, أو وادي يفتحه علينا من أعلى .. ينزل بشكل قطرات تنزل على الإنسان ما تؤثر عليه، على الأشجار، على الفواكه، على الثمار، على البيوت، …. ما تؤثر، ثم تراها تتجمع هذه القطرات لتعرف الفارق: أن في إنزال المطر في كيفية إنزاله مظهر من مظاهر رحمة الله سبحانه وتعالى بالإنسان، رعاية. لاحظ هذه القطرات عندما تتجمع, إذهب وقف قبل الوادي كيف يعمل الوادي؟ أليس هو يجرف الصخرات؟ سيجرفك ويوصلك البحر. كيف لو فتح المطر عليك بالشكل هذا؟ أو يأتي إلى بلاد وفتح عليهم وادي من السماء يجرف أموالهم ويدمر بيوتهم ومزارعهم.

 

{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ} الثمرات المتعددة المتنوعة {رِزْقاً لَكُمْ} رزقا لكم, هذا الرزق مخلوق لكم, أنتم بحاجة في تكوين أجسادكم إليه, ومنسجم هذا الرزق مع حاجتكم, يلبي حاجتكم {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: من الآية22) كيف تجعلون له أنداداً؟ يأتي ليعمل له شجرة، أو يعمل له صنماً، أو يعمل له أي شيء آخر يعبده ويجلس عنده ويتمسح به ويسميه إله!! ليس هو الذي خلقه, وليس هو الذي أنزل له من السماء ماء, وليس هو الذي أخرج به من الثمرات مختلف أنواعها {رِزْقاً لَكُمْ} فكيف تجعلون له أندادا؟.

 

{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداًً} لله أنداداً {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أنتم تعلمون الأشياء هذه, وهذه القضية معروفة عند الإنسان: أن الله هو الذي خلقه, الإنسان على تعاقب الأجيال قضية معروفة لديهم: أن الله هو الذي خلقهم وخلق الأرض وخلق السماء, وجاء في آيات أخرى يبين هذه, استبيان عمل القرآن الكريم استبيان للأمم كلها تقريباً من عهد نوح إلى أيام نزول القرآن الكريم وإذا كل الناس ـ فعلاً ـ مقرين بأن الله هو الذي خلقهم, وهو الذي ينزل من السماء ماء, وهو الذي ينبت الزروع والأشجار.

 

إذاً نلحظ هذا من ناحية المنهج والأسلوب, وأن هذا جانب مهم جداً في تذكير الناس, وفي الدفع بهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى, تذكير الناس بالله وبما أنعم به عليهم, تذكير حتى بالأشياء التي تبدو عند الناس أصبحت بديهية، لم يعودوا يلتفتون إليها، الأرض هذه على هذا النحو: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} ذكِّر حتى بنعمة الشمس. الإنسان أحيانا قد تكون القضية عنده تصبح عادية؛ لأنه ألفها يومياً، يومياً، نحاول أن نذكِّر أنفسنا ونذكر بعضنا بعض بالنعم بما فيها النعم التي قد أصبحت لم تعد تؤثر فينا قد هي طبيعية وبديهية لدينا لم تعد تثير لدينا أيّ تذكر؛ لأن المسألة في دفع الناس إلى العبودية لله لا تتطلب منك أن تبحث عن غوامض الأشياء، بل بالواضحات, خاطب الناس بالواضحات، أعني: بالأشياء التي هم قد ألفوها تماما.

 

حاول أنك تذكرهم من جديد, وتلفت أنظارهم إلى أن يتأملوا ويتذكروا، الشمس مثلا أليست كل يوم تطلع؟ لا أحد منا يحاول يتذكر أنها نعمة، ناسين! شمس كل يوم، كل يوم، لم نعد نتذكر أنها نعمة وتثير انتباهنا عندما تطلع! لكن لو نفترض أنها غابت شهرا مثلا الناس يصبحون في حالة سيئة جداً ويضيقون من الظلام ثم إذا ما ظهر لهم بصيص من نور كيف ستكون حالتهم وفرحتهم عندما تظهر الشمس عليهم؟!.

 

جاء في آية أخرى في [سورة القصص]: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ} (القصص:71 عندما يأتي الخطاب هنا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ويأتي بعدها بعبارة: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} لم يأت بكلمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ثم يأتي بعدها بعبارة {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، هذه تأتي في مقامات أخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183) أليست خطابا خاصا؟ نستفيد من هذه عندما يقول: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} هو: أن تعرف ـ مثلما قلنا سابقاً ـ أن التقوى لدى الإنسان ـ أي: حرصه على أن يقي نفسه من أي شر من أي ضر من أي عذاب ـ هي فطرة لديه؛ فحدث الناس.

 

لهذا جاء هذا الأسلوب في القرآن الكريم واسع، المشركون أنفسهم، الكافرون أنفسهم لم يكونوا مؤمنين بجهنم ولا مؤمنين بكثير من الأشياء التي تقدم إليهم ماذا يقول لهم؟ أليس هو يخوفهم من النار؟ يخوفهم من النار. إذاً التخويف هذا يعني ماذا؟ يوجد هناك قابلية له، لا يوجد أحد تخوفه من شيء ولا يخاف في أعماقه, في أعماق نفسه، يخوفهم من النار وعلى ماذا؟ وعلى هذا النحو أي: على استخدام ـ إذا صحت العبارة ـ هذا الأسلوب يخوفهم بجهنم حتى لو لم يكونوا قد آمنوا بها؛ لأن الموضوع أنه يأتي تخويف بجهنم، بسوء الحساب، زبانية جهنم {خُذُوهُ فَغُلُّوه ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} (الحاقة:31) يخوف بما حصل على الأمم الماضية، الإنسان حتى كحالة نفسية لديه عندما يأتي له تخويف من هنا ومن هنا ومن ذا وذا … أشياء كثيرة حتى لا تترك له الفرصة أنه ينطلق ليقول: إنه كذب .. كذب .. كذب .. كذب … إلى آخره. لابد ما تؤثر فيه لابد ما تؤثر في نفسيته.

 

الهوامش:

 

من هدي القرآن الكريم ، سلسلة دروس رمضان المبارك ، سورة البقرة [الدرس الثالث] ،من الآية (21) إلى الآية (39)

 

 

 

#المركز_الإعلامي_تعز

أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه

telegram.me/taizznews