تعز العز

الصحف الأجنبية: أوباما مسؤول عن الاضطرب في الشرق الاوسط وتدهور العلاقات مع روسيا(ترجمة)

علي رزق

رأى باحثون أميركيون معروفون في مجال السياسة الخارجية “أنّ السياسات التي اعتمدها الرئيس الاميركي باراك أوباما أدت الى نشوء الاضطراب في الشرق الاوسط وأوجدت توتراً في العلاقات الاميركية مع روسيا”، كما اعتبر هؤلاء أن أميركا اليوم في وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه مع تسلم أوباما الرئاسة عام 2009.
من جهة أخرى، حذّرت صحف أميركية بارزة من أنّ تصريحات الرئيس الاميركي المنتحب دونالد ترامب الاخيرة حول الاتحاد الاوروبي و”الناتو” تفيد بأنه متحمس لتفكيك النظام العالمي السائد.

 

البعد الاستراتيجي لتصريحات ترامب حول “الناتو” والاتحاد الاوروبي

مجلس تحرير صحيفة “نيويورك تايمز” نشر مقالة تمحورت حول التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ترامب في مقابلة صحفية والتي قال فيها “إن حلف “الناتو” والاتحاد الاوروبي عفا عليهما الزمن”.

وأشارت الصحيفة الى الانتقادات التي وجهها ترامب خلال هذه المقابلة الى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، حيث وصف سياستها حيال اللاجئين (سياسة الباب المفتوح أمام دخول اللاجئين) بالكارثية، وأضافت الصحيفة “انه لأمر محيّر أن يقوم رئيس منتخب بتشويه سمعة زعماء أقرب الحلفاء وتشويه سمعة حلف وقف بثبات أمام “التوسع الروسي لمدة سبعين عام”، على حد تعبير الصحيفة.

كذلك سلّطت الصحيفة الضوء على كلام ترامب عن الاتحاد الاوروبي حيث قال إنه لا يعتقد بأن الاتحاد الاوروبي مهم بالنسبة لاميركا، وعليه اعتبرت “ان ترامب يبدو متحمساً لتفكيك النظام العالمي السائد”.

ورأت الصحيفة “أن المنتصر جراء كل ذلك هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وانه من شبه المؤكد أن يسعى بوتين الى اقناع ترامب بسحب الدعم الاميركي لخطط “الناتو” بتعزيز “دفاعاتها” ضد روسيا”، بحسب تعبير الصحيفة.

وحذرت الصحيفة من هذه السياسات، حيث شدّدت على أن الاوروبيين بحاجة الى اميركا كشريك وأن اميركا هي ايضاً بحاجة الى اوروبا.

مجموعة “صوفان” للاستشارات الامنية والاستخباراتية أشارت من جهتها الى وجود الكثير من التساؤلات حول تركيبة التحالفات الغربية مع بدء عام 2017.

وقالت إن تسلم ترامب الرئاسة وكذلك تيارات التغيير في الولايات المتحدة واوروبا جعلت الكثيرين يتساءلون عن مدى متانة المؤسسات الدولية مثل “الناتو” والاتحاد الاوروبي.

 

 

ونبّهت المجموعة الى أن تصريحات ترامب الأخيرة والتي تشكك بمدى جدوى “الناتو” والاتحاد الاوروبي تنسجم مع تصريحاته السابقة في هذا المجال.

كما لفتت الى أن طرح امكانية تقليص الدور الاميركي في حلف “الناتو” غير مسبوق.

المجموعة رأت “أن التحدي أمام الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي و”الناتو” يتمثل بالاستعداد لتغييرات كبيرة وعدم المبالغة برد الفعل كون تصريحات ترامب الأخيرة غير رسمية وجاءت قبل أن يتسلم الحكم.

وبينما قالت:”إنه يجب الانتظار حتى يتبين ما اذا كان ترامب سيترجم كلامه الى الفعل، اعتبرت أنّ التوجهات الاخيرة تفيد بأن المقاربة الاميركية حيال السياسة الخارجية والتعامل مع التحالفات القديمة قد تشهد تغييراً كبيراً عما قريب”.

أوباما مسؤول عن اضطراب المنطقة وعن التوتر الأميركي الروسي

من جهته، أجرى موقع “LobeLog” مقابلة مع أستاذ العلاقات الدولية والتاريخ في جامعة بوسطن “Andrew Bacevich” وأستاذ العلوم السياسية في جامعة “Chicago”، “John “ea”sheimer”، وهما من أهم الباحثين الاميركيين في السياسة الخارجية.

وقد أشار “Bacevich” في المقابلة الى “أن أوباما قطع وعدين اثنين، حيث وعد بإنهاء الحرب في العراق التي وصفها (اوباما) بالغبية، ووعد ايضاً بالانتصار في افغانستان التي وصفها الرئيس الاميركي بالحرب الضرورية.

ولفت الى “انه وبعد مرور ثمانية أعوام على تسلم أوباما الحكم، لم يتمكن من تنفيذ أي من الوعدين والى أن العراق وافغانستان تشكلان “نقطتين سوداوين” في سجله.

كذلك اعتبر “Bacevich” أن سجل أوباما خارج منطقة الشرق الاوسط هو عبارة عن خليط من النجاح والاخفاق” في أحسن الاحوال”، لافتاً الى أن أوباما تخلى عن “أوهام” سلفه جورج بوش لجهة الاعتماد على القوة العسكرية الاميركية من أجل اخضاع الدول، والى أنه تخلى عن سياسة بوش في افغانستان والعراق لجهة احتلال الدول وتحويلها الى نموذج مختلف.

كما قال “إن أوباما قلّص التكاليف التي تحملتها الولايات المتحدة من حيث عدد قتلى الجنود الاميركيين والاموال التي أهدرت بسبب الحروب”، غير “أنه رأى بالوقت نفسه ان اوباما لم يرسم استراتيجية متماسكة لإعادة الاستقرار الى الشرق الاوسط”.

أما “Mearsheimer” فاعتبر “ان الولايات المتحدة اليوم هي في وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه عندما تسلم أوباما الرئاسة عام 2009، وقال “إنه باستثناء الاتفاق النووي مع ايران، فإن أميركا في فترة رئاسة أوباما ساهمت بايجاد منطقة كوارث ومحن في الشرق الاوسط.

كما رأى “ان اوباما هو المسؤول الاساس عن ادخال الولايات المتحدة بالأزمة السورية”، قائلاً “إن واشنطن لعبت دورا اساسيا في المساعي الهادفة الى الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد”، لافتاً بالوقت نفسه الى أن هذه المساعي فشلت وأدت الى وضع كارثي.

كذلك نبّه “Mearsheimer” الى “ان اميركا لعبت دورًا اساسيًا بالاطاحة بمعمر القذافي وتحويل ليبيا الى منطقة فوضى، علاوة على الوضع السيء في كل من العراق وافغانستان.

بناء عليه، رأى ان الولايات المتحدة تقف وراء الاضطراب في الشرق الاوسط، وان ذلك بدأ في عهد بوش لكنه استمر في عهد اوباما.

وفيما يخص المناطق خارج الشرق الاوسط حمل “Mearsheimer” ادارة اوباما المسؤولية الاساسية وراء تدهور العلاقات الاميركية الروسية، واعتبر “ان السبب الاساس وراء تدهور هذه العلاقات هو الملف الاوكراني”.

كما قال “إن الولايات المتحدة لم تلتفت الى الموقف الروسي من توسع حلف “الناتو” والاتحاد الاوروبي، وموقف موسكو مما أسماه “الترويج للديمقراطية” في دول مثل اوكرانيا وجورجيا، مشيراً الى أن محصلة هذه السياسات كانت إشعال أزمة كبرى مع روسيا والتي لا تخدم المصلحة القومية الاميركية.

هذا ورأى “Mearsheimer” أن ميزان القوة العالمية قد تغيّر ضد الولايات المتحدة منذ عام 2009، مشيراً في الوقت نفسه الى أن ذلك لا يعود الى السياسات التي اتبعها اوباما وانما الى صعود الصين، اذ اعتبر ان اوباما لم يكن باستطاعته القيام بشيء حيال صعودها.

وتابع “ان الولايات المتحدة في عام 2017 لديها علاقات سيئة جداً مع روسيا والصين”، متوقعاً أن تسوء العلاقات الاميركية الصينية أكثر فأكثر في المستقبل.

“Mearsheimer” لفت أيضاً الى أن استطلاعات الرأي تظهر بأن الشارع الاميركي يمكن له أن يكون مؤيِّدًا لأوباما في حال اتبع سياسة أقل تدخلية، مستشهداً بشعار ترامب الانتخابي “اميركا اولاً”، غير أنه اضاف “ان المشكلة التي واجهها أوباما هي أن مؤسسة السياسة الخارجية ملتزمة بشكل كبير “بالهيمنة الليبرالية” ولم يكن مستعداً للدخول في مواجهة مع هذه المؤسسة”، مشيرًا الى “أن اوباما ليس من الاشخاص الذين سيدخلون في مواجهة ضد الكثير من المعارضين”.

وحول الاتفاق النووي مع ايران، اعتبر “Mearsheimer” “ان هذا الاتفاق يعتبر انجازًا كبيرًا وأهم من اعادة فتح العلاقات الاميركية الكوبية.

كما رأى أن النسبة التي يمكن للاتفاق أن يبقى من خلالها لا تتعدى الـ70%، مشدداً بالوقت نفسه على اهمية انشاء علاقات جيدة بين واشنطن وطهران خلال الاعوام المقبلة.

كذلك رأى “Mearsheimer” أنّ استعداد ترامب للتشكيك بالفرضيات التقليدية في السياسة الخارجية الاميركية يدعو الى التفاؤل، مشيراً الى أن السياسة الخارجية ومنذ أحداث الحادي عشر من ايلول على الاقل تشوبها العيوب.

وأضاف “إنّ السعي وراء “الهيمنة الليبرالية” هي سياسة مضللة وانه حان الوقت لاعادة النظر بالسياسة الخارجية الاميركية، الا ان “Mearsheimer” قال “ان أحد الاسباب التي تدعو الى التشاؤم حيال ترامب تكمن في عدم خبرته في السياسة الخارجية وعدم التفاته الى الحقائق والمنطق”، على حد قوله.