تعز العز

جمعة رجب.. عيد اليمن الديني .. نعمة الإسلام

نعمة الإسلام من أجلِّ النعم التي امتن الله تعالى بها على جميع خلقه دون استثناء كما قال الحق جل وعلا :{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164
القارئ للتاريخ العربي ما قبل الإسلام لن يجد تاريخاً يستحق الذكر ولا حضارة ترنوا في العلالي فالتاريخ العربي والحضارة العربية كانت محصورة في الكأس والغانية , وأما الحياة والمعيشة وواقعهما فليس أدل على ذلك من التشخيص الجعفري الذي طرحه جعفر الطيار رضوان الله عليه للنجاشي: ” أيها الملك : كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف ، كنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ” …. إلى آخر كلامه رضوان الله عليه.
بزغ نور الإسلام في تلك الجاهلية الجهلاء والظلام الدامس موذناً بزوال الحقبة الأسوء وحلول فجر دين جديد يملأ الأرض حباً وعدلاً.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ }الحجرات: 7
وفي هذا الدين وجد الناس ضالتهم فدخلوا فيه أفواجاً وانهمروا زمراً زمراً على المدينة يعلنون لا إله إلا الله .
شهر رجب الحرام
إنّ شهر رجب من الأشهر العظيمة والمباركة، تظافرت الأخبار الواردة في جلالة قدره ولزوم احترامه وأنّه شهر عظيم البركة, وهو من الأشهر الحُرم التي ذكرها الله عزّوجلّ في كتابه العزيز بقوله عزّ من قائل:
«إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُرُم».
وهذه الأربعة ثلاثة سَرَد وهي: ذي القعدة وذي الحجّة ومحرم وواحد فرد هو رجب، ولذلك يسمّى رجب الفرد.
رجب الأصبّ والأصم
يسمّى شهر رجب بالأصبّ لأنّه تصبّ فيه الرحمة والمغفرة من الله سبحانه وتعالى إلى العباد، ويسمّى بالأصمّ أيضاً لعدم سماع صوت القتال وقعقعة السلاح فيه، ولم تكن العرب تغزو فيه ولا ترى الحرب وسفك الدماء. وإنّما سمّيت الأشهر الحرم لأنّ أهل الجاهلية كانوا يحرّمون فيها القتال تعظيماً لها فلمّا جاء الإسلام لم يزدها إلاّ حرمة وتعظيماً.
فضيلة رجب
رجب شهر الله عز وجل جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ” ألا إنَّ رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمّتي, فمن صام يوماً من رجب إيماناً واحتساباً استوجب رضوان الله الأكبر وأسكنَ الفردوس الأعلى “.
وعنه صلى الله عليه وآله: ” أكرموا رجب يكرمكم الله بألف كرامة يوم القيامة, ومن اغتسل أول رجب وأوسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمَّه “.
خصَّ رجب بالمغفرة من الله تعالى وشعبان بالشفاعة ورمضان بتضعيف الحسنات وقيل رجب شهر التوبة وشعبان شهر المحبة ورمضان شهر القربة.
تسبيح رجب
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه روى أنّ رجلاً وقد سمع النبي يتحدث عن فضيلة الصوم في رجب قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله: يا نبيّ الله! فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو لعلّة كانت به أو امرأة غير طاهر، ماذا يصنع لينال ما وصفت؟
قال : ” يتصدّق كلّ يوم برغيف على المساكين “.
قيل: يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصدقة ؟
قال: ” يسبّح الله في كلّ يوم من رجب إلى تمام ثلاثين يوماً بهذا التسبيح مئة مرّة :
سبحان الملك الجليل، سبحان الأعز الأكرم, سبحان من لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان من لبس العزّ وهو له أهل “.
الإسلام في اليمن:
كغيرها من البلدان والأقاليم في شبه الجزيرة العربية وصل صوت الإسلام إلى اليمن فكان أهل اليمن من أسرع الناس إيماناً به واعتناقاً له.
في السنة الثامنة من الهجرة النبوية أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام مبعوثاً له إلى أهل اليمن, لقد كان الإختيار النبوي حكيماً باختياره شخصية الإمام علي ليكون سفيره فببراعته وسلاسة طرحه وأسلوبه فتوافد الناس جماعات ووحداناً إليه معلنين دخولهم في الإسلام فبعث إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تقريره المتضمن البُشرى باعتناق أهل اليمن الإسلام وما إن وصل رسول الإمام علي إلى رسول الله حاملا تقريره وما إن فتح النبي صلى الله عليه وآله رسالة البُشرى حتى خرَّ ساجداً لله رب العالمين حامداً وشاكراً هذه النعمة وحين رفع رأسه من سجوده قال: ” السلام على همدان, السلام على همدان – مرتين أو ثلاثاً – نِعْمَ الحي همدان ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد وفيهم أبدال وفيهم أوتاد “
بدأت الوفود العربية من بقاع الجزيرة تصل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجدد العهد وتعلن الولاء , ومن بين تلك الوفود كان وفد اليمن , أكرم النبي صلى الله عليه وآله وفادتهم وأولاهم اهتماماً خاصاً وقلَّدهم أعظم وسام يأمله المسلم (وسام الإيمان والحكمة) حين قال: ” أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرق أفئدة, الإيمان يمان والحكمة يمانية ” بعدها نزلت الآية الكريمة : ” {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِم}المائدة: 54
عيد جمعة رجب:
في الجمعة الأولى من شهر رجب دخل أهل اليمن الإسلام ومن هذا التاريخ واليوم اتخذ اليمنيون الجمعة الأولى عيداً دينياً يُعبِّرون فيه عن حمدهم وشكرهم لله تعالى على نعمة الإسلام بمظاهر متعددة أبرزها :
. الفرح والمرح والإبتهاج والغبطة ولبس جديد الثياب .
. التوسعة على الأهل والأولاد .
. صلة الأرحام .
. التزاور في البيوت .
. تبادل الهدايا .
. إختضاب النساء والفتيات بالحناء والنقش .
. ذبح الذبائح وتوزيعها على الفقراء والأرحام .
. إقامة الولائم .
. إحياء المناسبة بالإحتفالات الدينية والإنشادية في المساجد والمقايل والصالات .
هذه الفعاليات لا زالت شاهدة على حب هذا اليوم والإحتفاء به وإن بدرجة أقل مما كانت عليه نظراً لعوامل كثيرة أبرزها :
Ø الظروف المعيشية الخانقة والإقتصادية الصعبة .
Ø الحرب الشعواء التي يقودها التيار الوافد في محاولة لطمس هذا المَعْلَمِ البارز في حياة اليمنيين بدون أي مبرر سوى ارتباطها بأمير المؤمنين علي عليه السلام وتاريخ الزيدية في اليمن .
Ø التجاهل المتعمد من قبل الجهات الرسمية والإعلامية للمناسبة .
Ø عدم ذكر المناسبة في المناهج الدراسية التي يفترض بها تضمين هذه المناسبة .
Ø غضّ طرف وزارة الأوقاف عن إحيائها أسوة ببقية المناسبات الدينية .
تلك العوامل وغيرها أثَّرت سلباً على قيمة المناسبة وأهميتها وخصوصيتها وساهمت في خفوت بريقها , لكنها ومهما واجهت من تجاهل فإنها حية في قلوب اليمنيين يعبرون عن سعادتهم بالاحتفالات والمهرجانات والندوات وما تطرقنا إليه سابقاً باعتبارها يوماً مشرقاً في تاريخ اليمن .
الاحتفال بالعيد:
يجد اليمنيون في عيد جمعة رجب مناسبة خاصة ذات نكهة مميزة نقلتهم نقلة نوعية من الكفر والشرك والإلحاد إلى عبادة الواحد الأحد , فهي بالدرجة الأساس مناسبة خاصة بهم بخلاف عيدي الفطر والأضحى فهما عيدان لجميع المسلمين بينما عيد جمعة رجب خاص بأهل اليمن , يحتفى به في مناطق متعددة من اليمن كحضرموت وتعز وصنعاء وذمار وصعدة وحجة والجوف وعمران وغيرها من مناطق البلاد .
مظاهر الاحتفاء:
فيما مضى وقبل حلول شهر رجب الحرام تبدأ الاستعدادات للاحتفاء بالعيد الخالد حيث تتشكل غرف العمليات والطوارئ لتجهيز مستلزمات العيد وحاجياته ومتطلباته:
. يتسوق الآباء والأمهات لشراء الملابس الجديدة وجعالة العيد وحلوياته وما يلزم من مواد صنع الأكلات والبهارات.
. يملأ الأطفال الشوارع والحارات بالمشاعل والقناديل والألعاب وإيقاد النار ابتهاجاً بقدوم العيد والتهيئة لاستقبال الجمعة المباركة.
. تبدأ النساء عمليات خاصة لتنظيف البيوت وتجميلها وطلائها وإخراج أثاثها وغسله وإعادة ترتيبه وتجهيز الغرف الخاصة باستقبال الزوار الوافدين للزيارة والتهنئة والصلة.
. مع قرب حلول العيد – ليلة الجمعة – تكون النساء قد أعددن الحلويات والكعك اللازم لتقديمه للزائرين وفي نفس الليلة يقمن بعجن الحناء والخضاب وأدوات ومستلزمات النقش للنساء والفتيات الصغيرات.
. يتم إعداد النار والبخور وكافة أنواع الطيب لرش المنازل وتطييبها وكذا لتطييب الزائرين في العيد.
. يتجه الرجال والأطفال إلى الحمامات البخارية للاستحمام والتهيؤ لاستقبال العيد كمظهر أيضاً من مظاهر الابتهاج والفرح.
. في يوم العيد يلبس الجميع الملابس الجديدة ويتجه الآباء صحبة أطفالهم للسلام على أقاربهم وزيارة أرحامهم اللاتي يكنَّ في استقبالهم.
الفرح والبهجة تعلو وجوه الجميع بلا استثناء ، إنه عيد بكل معاني كلمة العيد.
خصوصيات عيدية:
صنعاء وضواحيها:
صباح جمعة رجب تبدو الفرحة ويعلو السرور وجوه اليمانيين وهم يستقبلون أهاليهم وأقاربهم وأصدقاءهم ويزورون أرحامهم ومع قرب الظهر ينطلق الجميع لأداء صلاة الجمعة في المساجد واستماع المواعظ والخطب التي – في الغالب – محورها المناسبة والحديث عن نعمة الله على أهل اليمن وما تقلدوا فيهم من أوسمة ونياشين ربانية ونبوية , وغالباً ما يختار الناس الجامع الكبير بصنعاء لأداء صلاة الجمعة فيه تذكُّراً لقيمة الجامع الدينية وما يمثله من رمزية لدى أهل اليمن عموماً وبعد تناول الطعام ” الغداء ” الفاخر يتجمعون في المقايل والمجالس يستذكرون التاريخ ويُصَلُّون على رسول الله وآله.
الجَنَدُ بتعز:
كانت الجند وربما لازالت أكثر المناطق اليمنية احتفاءً بعيد جمعة رجب لمكانتها الدينية والتاريخية المرتبطة بدخول الإسلام اليمن ووصول الصحابي الجليل ومبعوث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معاذ بن جبل رضي الله عنه إليها ففيها يخرج الناس رجالاً ونساءً وأطفالاً إلى جامع الجند ويفد إليها الآلاف من اليمنيين من كافة أنحاء البلاد يستمعون الخطب والأناشيد والمدائح النبوية التي تقام على هامش الذكرى , وفي تلك الحلقات والمناسبات يتم سكب ماء الورد على الحاضرين وشراء الحلوى وتوزيعها على الأطفال المبتهجين , ويمكث الوافدون أياماً يعيشون خلالها أجواء الإسلام وتاريخ الإسلام في اليمن .
إب:
إلى وقت قريب كانت الكثير من مناطق إب تحيي الاحتفال بمناسبة عيد جمعة رجب حيث كانوا يصومون الجمعة ” جمعة رجب ” والبعض منهم يتجه إلى الجند بتعز للاحتفاء هناك ومشاركة أهل الجند بهجتهم وأداء صلاة الجمعة بالجامع وبعض الميسورين كان يذبح الذبائح ويوزعها على الفقراء والمساكين.
صعدة وعمران وبقية المناطق:
قد لا يختلف الأمر عما يحدث في صنعاء مع ملاحظة خصوصية ذبح الذبائح وتوزيعها على الأرحام والفقراء وكذا منح الفقراء والمساكين العطايا والصدقات والتوسعة عليهم.
مشروعية الاحتفال:
الاحتفاء بهذه المناسبة وجعلها عيدا فيه ذكر وحمد وثناء وصلة أرحام وتفقد للفقراء والبائسين والإكثار من الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر عظيم وسنة حسنة دعانا إليها العلي العظيم في محكم تنزيله ونبيه الهادي في صحيح مسنونه.
. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } الحج: 77
. { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }المائدة2
. وقال سول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا” قالوا : وما رياض الجنة يا رسول الله ؟ قال: ” حلق الذكر”
. وقال سول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ” من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء”
فهل هناك أعظم من الابتهاج بالهداية والتوحيد المتضمن حمد الله وشكره والثناء عليه وصلة الأرحام والتوسعة على المحتاجين والصلاة على الهادي وآله؟
بل إن كل واحدة من هذه الخصال تعد مشروعاً خيرياً متكاملاً يعتبر من صميم روح الإسلام وجوهر دعوته.
لعمري إن أهل الاحتفاء والبهجة هم أهل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :”ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله تعالى لا يريدون بذلك إلا وجه الله إلا ناداهم مناد من السماء : أن قوموا مغفوراً لكم قد بُدِلَت لكم سيئاتكم حسنات”
في تحقيق سابق لصحيفة الأمة العدد (123) حول عيد جمعة رجب قال العلامة محسن الرقيحي عن مشروعية الاحتفال: “ويتم الاحتفال بهذه المناسبة انطلاقاً من قول الله تعالى {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32.وهذه المناسبة من أعظم الشعائر الإسلامية كونها ذكرى إسلام اليمنيين في أن يحتفلوا بها ويتذكروا فيها مدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما علم بإسلامهم”
أما العلامة محمد أحمد الكبسي فقال عن مشروعية الاحتفال : “إن اليمنيين جعلوها عيداً يحتفلون به من إظهار الزينة كما يحتفلون بالأعياد من لبس الثياب الجديد وتبادل الزيارات وزيارة الأرحام مع إتحافهن بشيء من النقود ابتهاجاً بتلك الذكرى الجميلة علماً أنه لا يتخلل هذا الاحتفال والابتهاج شيء من المنكرات بل على العكس من ذلك فالابتهاج بنعم الله تعالى مما يحبِّبه الشرع كعيد الفطر وعيد الأضحى ابتهاجاً بصوم رمضان وابتهاجاً بأداء مناسك الحج”
خفوت الاحتفاء بالعيد :
تواجه الكثير من المناسبات الدينية المعروفة لدى اليمنيين منذ مئات السنين حرباً لا هوادة فيها طالت كل المظاهر الاحتفائية بالمناسبات الدينية تبديعاً وتكفيراً وتضليلاً وتفسيقاً , حملات محمومة يقودها حملة الأفكار المتطرفة المستوردة لم يسلم منها حتى الاحتفائيات بميلاد سيد البرية وهجرته وإسرائه ومعراجه بكل الوسائل والإمكانات الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة وكأن عداءً ما بين هؤلاء المستوردين لأفكار التطرف والعداء المذهبي وكل ما له صلة بالمناسبات الدينية , في الوقت الذي يغضُّون الطرف فيه بل ويحضرون ويشاركون – ولو طُلب منهم التأصيل لهذه الأعياد كالأعياد الوطنية وأعياد الاستقلال والتحرير والانتصارات وأربعينيات الموتى والملتقيات وغيرها – لوضعوا التأصيلات الشرعية والفتاوى الحنانة الطنانة .
عوامل الخفوت :
كما ذكرت بشكل مقتضب سابقاً أبرز عوامل الخفوت نعود إليها بشيء من التبيين :
. للحالة الاقتصادية والمعيشية عند السواد الأعظم من اليمنيين أثراً واضحاً على خفوت معالم ومظاهر الاحتفاء بعيد رجب حيث ارتفعت الأسعار بشكل جنوني صاحب ذلك ركود بل وانهيار في مستوى دخل الفرد وانخفاض ملحوظ في الإنتاج الزراعي نظرا لقلة المياه ونضوب الآبار وندرة الأمطار.
. أما اختفاء ذكر المناسبة من المناهج الدراسية والتربوية ربما بتعمد فإن ذلك مما يثير الدهشة والغرابة إذ يفترض إيلاء هذه المناسبة اهتماما أكبر يفوق الاهتمام بحضارات سبأ وحمير وغيرها وغرس روحيتها ومعانيها في قلوب وعقول الأجيال وهذا عامل مهم.
. الدور المغيب لوسائل الإعلام المختلفة والمنظمات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني وكافة المؤسسات الثقافية والاجتماعية التي تركز على ندوات وورش عمل وفعاليات غير ذات أهمية بينما تهمل إحياء ذكرى دخول الإسلام اليمن.
. الدور الفاعل للقوى والجماعات الوافدة المتطرفة التي جعلت من قوتها ونفوذها حربا شعواء على كل مناسبة وعمل ديني وعادات وتراث بدعوى البدعة والابتداع والظاهر أن للأمر ارتباطاً بالصراع الفكري والعقائدي والمذهبي الذي امتد نفوذه إلى كل مكان ووصلت شظاياه القاتلة حتى البيوت ففرقت بين الابن وأبيه والأخ وأخيه فما بالك بمناسبة يقف خلف خفوتها التطرف المأزوم؟
وأخيراً:
نتمنى أن نكون قد وفقنا في تسليط الضوء على عيد جمعة رجب وأعطيناه جزءاً يسيرا من حقه مذكرين بمكانته وقيمته وما يمثله لكل يمني من اليوم الأول لحدوثه وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.
✍? الحسين بن علي السراجي

#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز