تعز العز

البعد الاستراتيجي لاستهداف ’أرامكو’ في الرياض

في مقاربة الموضوع من ناحية المسار المتطور والمتصاعد لقدرات الجيش واللجان الشعبية في اليمن، على صعيد سلاحي الصواريخ الباليستية او الطائرات المسيرة، لم يكن مفاجئا ما قامت به وحدة الطيران المسير في استهدافها الناجح لشركة “ارامكو” في الرياض، والتي اندلعت فيها النيران باعتراف القيمين عليها.

وحيث كان منتظراً وما زال، أن تشهد المواجهة المفتوحة بين من يعتدي على اليمن ومن يدافع عنه، ارتفاعاً في مستوى وطبيعة الاهداف ، و في وسائل الاستهداف المستخدمة، جاء الاستهداف الأخير للشركة السعودية الأغنى والأهم تجاريا وصناعيا، وفي العاصمة الرياض ، ليعطي هذه المواجهة الشرسة بعدا استراتيجيا، قد يكون الاكثر حساسية وخطورة على السعودية، خلال كامل فترة الحرب التي تشنها على اليمن حتى الان.

حققت الطائرة المسيرة صماد 2 ميزتي التوازن والتكامل والتي يمكن وضعها في خانة البعد الاستراتيجي على صعيد المعركة

طبعا، لا يمكن ان نتجاوز قيمة هذه العملية من الناحية الميدانية والعسكرية، والتي لا بد أن نتطرق اليها قبل مقاربتها لناحية البعد الاستراتيجي .

ميدانيا وعسكريا

– تأتي الاهمية الميدانية في ما يمكن ان تقدمه الطائرة المسيرة صماد 2 للمعركة ، في استهداف مواقع حيوية بعيدة كغرف عمليات او مراكز قيادة مركزية أو بطاريات مضادة للصواريخ، وفي تحقيق عنصر المفاجأة من خلال النجاح في استهداف نقاط عسكرية معادية، بعيدة عن مسرح المعركة وخارج دائرة الخطر والاستهداف، كما هو مفترض.

– الأهمية العسكرية تكمن في ما يمكن ان تقدمه الطائرة المسيرة للمعركة الهجومية والدفاعية، في المراقبة والرصد والتشويش ، او في منظومة الحرب الالكترونية بشكل عام، وأيضا في ما تقدمه – بعد تسللها الناجح وتجاوزها المنظومات المعادية – في القصف الجوي الدقيق ، غير المرتبط بتقييدات وصعوبات القاذفة العادية، الكبيرة الحجم اجمالا، والتي يقودها طيار يقاتل تحت ضغط نفسي كبير ناتج عن خطر تعرضه للاستشهاد او للأسر، الامر غير الموجود في الطائرة المسيرة .

في البعد الاستراتيجي

أولاً: لقد حققت الطائرة المسيرة صماد 2 ميزتي التوازن والتكامل، والتي يمكن وضعها في خانة البعد الاستراتيجي على صعيد المعركة، في ظل التفاوت الواضح في القدرات والامكانيات العسكرية والمادية بين الطرفين.

التوازن بمواجهة التفوق الجوي للتحالف المعادي، حيث شكلت مع منظومة الصواريخ الباليستية معادلة توازن وردع ، واصبح لدى الجيش واللجان الشعبية و من خلال هذه المعادلة ، القدرة الجدية والاكيدة على تنفيذ تهديد حيوي ذات قيمة مؤثرة ، خارج الحدود او داخلها ، وعلى اهداف إستراتيجية ، عسكرية أواقتصادية .

التكامل مع الصواريخ الباليستية ، بحيث جاء الطيران المسير بشكل عام ، وصماد 2 بعيدة المدى بشكل خاص، لتؤمن لمنظومة الصواريخ الباليستية اليمنية، عناصر ومعطيات في المراقبة والرصد، للاهداف المتحركة أو غير الثابتة، أساسية وضرورية لتحقيق اصابتها بطريقة فعالة.

– إمكانية تنفيذ مناورة متكاملة بين الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر، بحيث تتبادلان الأهداف بعد أن يعمد كل من السلاحين الى استدراج وكشف تلك الأهداف، نأخذ مثلا في ذلك انكشاف منظومة صواريخ مضادة معادية، مثل (باتريوت باك 3) أثناء تصديها للصواريخ الباليستية، فعمدت حينها الطائرة المسيرة على الايقاع بالمنظومة المضادة المعادية واستهدافها، وهذه المناورة قد نُفذت من قبل الجيش واللجان الشعبية اليمنية اكثر من مرة، وخاصة على جبهة الساحل الغربي مؤخرا .

ثانياً: لقد ادخلت الطائرة المسيرة صامد 2 العامل الاجنبي او الغربي في المواجهة مع التحالف المعادي بقيادة السعودية، مع تأثيراته السلبية على هذا التحالف، وذلك على الشكل التالي:

استهداف تلك المواقع الاستراتيجية مثل شركة “ارامكو” أو غيرها سوف يخلق توترا في منظومة الادارة والعمل والانتاج حكما

– إن استهداف مواقع اقتصادية استراتيجية داخل العاصمة الرياض أو حتى خارجها، يضع أغلب المستشارين والمهندسين والفنيين الاجانب، والعاملين حكما في ادارة وتشغيل تلك المواقع – لان المحليين عاجزين عن ذلك طبعا – في دائرة الخطر شبه الاكيد، الامر الذي لن ترتاح له حكوماتهم، والتي سوف تضغط، إمّا لسحبهم وما لذلك من تأثير سلبي عميق على منظومة النفط والمال في المملكة، إمّا لإبعاد تلك الاخطار عنهم، وما يستدعي ذلك من ضغوط ديبلوماسية ودولية على قيادة المملكة لوقف الحرب او للسير بالمفاوضات وبالتسويات السلمية والسياسية.

– إن استهداف تلك المواقع الاستراتيجية مثل شركة “ارامكو” أو غيرها، سوف يخلق توترا في منظومة الادارة والعمل والانتاج حكما، الامر الذي سوف يخفّض منسوب إنتاج منشآت صناعة النفط وتصديره، وهذا لا يمكن ان تهضمه الشركات العالمية المتعاقدة مع ارامكو
أو مع غيرها، لاسباب تتعلق بتوازن السوق وعجلة الانتاج والتجارة، وحيث ان لهذه الشركات تأثير قوي على حكوماتها ، سوف تضغط الاخيرة لوقف الحرب ولابعاد خطر انخفاض منسوب اعمال شركاتها و اسواقها بشكل عام.

وأخيراً، يأتي في سياق البعد الإستراتيجي لاستهداف شركة “ارامكو” في الرياض بصاروخ موجه أطلقته صماد 2، والذي ربما يتجاوز ما ذُكر اعلاه تحت هذا العنوان، ما حققه الجيش واللجان الشعبية اليمنية من نتيجة لافتة وصادمة، في تطوير سلاح استراتيجي، يأتي من ضمن اختصاص وقدرات دول كبرى قادرة ومتمكنة، وليس من اختصاص دولة فقيرة محاصرة، تتعرض لحرب واسعة ومدمرة، مثل اليمن الجريح .

 

 

 

#الصرخة_في_وجه_المستكبرين

 

 

 

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا