تعز العز

آثار الحروب على البيئة

بقلم / رجاء حمود الإرياني

البيئة الأرضية بكل ما فيها من مكونات ومقومات هي الوطن العام لبنى الإنسان ؛ ولقد أوجدها الله بحكمته ؛ وجعل الأرض بساطا وقدر ما فيها من الأرزاق والأقوات ما يفي بحاجة كل الأحياء التي على ظهرها.

ولكن إنسان العصر الحديث قد اندفع اندفاعاً محموماً نحو إشباع شهوته ونزواته من كل ما تقع عليه عيناه منبهرا بوسائل التقنية المتاحة فحال البشر اليوم إسراف هنا وتبذير هناك وتدمير هنا وخراب هناك بسبب الحروب التي يديرها الإنسان مما تسبب في إفساد البيئة التي يعيش فيها، ولقد حرم الله عليه ذلك .

فمنذ أن خلق الله الأرض وما عليها من إنسان وحيوان حرم عليهم القتل والحرب والتدمير .

قال تعالى فى سورة الحجرات آية (9) : _” وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيىء إلى أمر الله ” .

ومنذ ذلك التاريخ والحروب تنشأ بين الأمم على فترات مختلفة والأسباب متعددة فيعم الدمار والخراب والهلاك والفقر والمرض مما يؤثر سلبيا على البيئة التى نعيش فيها بخيراتها من هواء وماء وتربة وحيوان فتكثر الأمراض وتموت الحيوانات والأسماك والنباتات وبذلك يقل الغذاء الرئيسى لهذا الانسان البشع الذى يسكن البيئة التى سخرها الله له وجعله خليفة له فيها وأثمنه عليها وأمره بالمحافظة عليها لكي تكون له سكنا وأمنا.

فنجد أن هذا المخلوق الضعيف الذى فضله الله على سائر مخلوقاته وغيره بالعقل الرشيد، فبدلا من استغلاله في تطوير الموارد البشرية واستغلالها استغلالا أمثل نجده يقوم على تدمير نفسه جسدياً وعقلياً ونفسياً وذلك عن طريق الأدوات والوسائل التي هي من اختراعه وابتكاره والتي تنشأ عليها الحروب وأهمها السلاح النووي الضار جدا والذي تسعى جميع الشعوب لامتلاكه لكي يدمر كل منهم الآخر سعيا للسيطرة على الموارد الطبيعية والبشرية التي جعلها الله ملكا لجميع البشر، فيعيشون عيشة هنية ارتضاها الله لهم فيعمروا هذا الكون جيلا بعد جيل فى بيئة صالحة سليمة خالية من الأمراض والتلوث، فبعيش هذا المخلوق فى أمان وحرية وسلام وخير ينعم به الجميع.

الآثار النفسية للحروب :

نجد أن الحروب تؤثر تأثيراً فعالاً فى نفسية البشر خاصة بعدما تنشر صور الدمار والخراب على وسائل الاعلام المختلفة فنجد نوعاً من البشر يشمئز وتهتز سريرته وتتعب نفسيته من رؤية الدمار الذى تخلفه القنابل والصواريخ والمدافع التى تهز المباني وتحصد البشر كل ذلك له من الآثار النفسية المروعة خاصة عند الأطفال وتتأذى أعينهم وتتعب نفسياتهم من رؤية هذه المناظر البشعة وكبار السن، كذلك النساء اللاتي يتأثرن بشكل كبير .

وما لنا بالأطفال الذين يعيشون هذه الأحداث صباحا ومساء حيث يستيقظ الطفل فزعاً مرعوباً من اهتداد منزله وحتى سريره الذى ينام عليه ما هي إلا ثوان معدودات وتأتي أخبار أن العمارة أو المنزل قد هدم على من فيه وما هي إلا لحظات ونجد أن هذا الطفل قد اصيب بهستيريا وفقدان للشعور والوعي ويصبح هذا المنظر هو الشبح المخيف دائما والمرعب للطفل مدى الحياة .

الآثار الجسدية للحروب على الإنسان:

وفى هذا الصدد يجب أن أتناول منظر ومشهد مصابي الحروب خاصة الذين أصبحوا مقعدين بفعل بتر معظم أعضائهم الجسدية مثل الرجلين أو اليدين أو إحداهما وكذلك من فقد بصره أو إحدى عينيه.

من الناحية الجسدية أيضا تؤثر الحروب تأثيراً مباشراً على جميع أعضاء جسم الانسان خاصة إذا كانت حروباً مباشرة تستخدم فيها الطائرات والمعدات العسكرية كما يحدث الآن اليوم من غزو غادر تتعرض له اليمن من قبل دول تحالف العدوان بقيادة المملكة السعودية وما تخلفه من وفيات وإصابات يصعب علاجها خاصة مع كبار السن والأطفال .

تأثير الحروب على التربة :

ذكر القرآن الكريم فى عدة مواضع كيف أن الله سبحانه وتعالى بسط الأرض للإنسان وأنبت فيها الزرع وجعلها مهدا لكي يستطيع الانتقال عليها والسير فيها للوصول إلى حاجاته المختلفة، ولكن الإنسان باختراعاته وتطويره وسائل الحروب والتكنولوجيا أخذ يلوث هذه التربة يوما بعد يوم فكانت الحروب القديمة تتسبب فى قطع الأشجار وحرق المزارع ولكن بعد التقدم أصبحت هناك وسائل حديثة تستخدم فى الحروب وخاصة ذلك السلاح النووي الفتاك والتفجيرات الذرية والتجارب عليها تسبب تدمير التربة وتؤثر على خصوبتها مما يؤدي إلى قلة الطعام يوما بعد يوم وينتشر الفقر والجهل والمرض في معظم الدول التي تعاني من الحروب، ولكن الحروب الحديثة جاءت بما هو أبشع مما كان متوقعا للتربة مثل استخدام النظائر المشعة والتلوث النووي والآلات الحربية الحديثة فأتت على اليابسة وتأثرت جميع المخلوقات بتلوث التربة لأنها لا تستطيع أن تعيش بدون تربة صالحة للزراعة .

تأثير الحروب على الموارد المائية :

تعتير الحروب أحد العوامل التي تسبب أضراراً بليغة على الموارد المائية الطبيعية، فالأساطيل البحرية والغواصات النووية واطلاق الصواريخ من تحت الماء تسبب تلوثاً كبيراً بسبب الاشعاعات التى تنبعث منها والعوادم التي تخرج منها فماذا يحدث لو انفجرت بعض هذه الصواريخ فى الماء بعد اطلاقها عن طريق الخطأ بما تحمله من رؤوس نووية ولا يخفي علينا ما تسببه الحروب من تلوث للمياه العذبة ومياه الأنهار والبحيرات، فعندما نرصد أي نتائج حرب على أي مجرى مائي عذب نجد أن هناك بعض الجثث التى خلفتها هذه الحرب والتي تتحلل كيميائيا في هذا المجري المائي مما تجعله غير صالح لاستخدامه في الشرب وري المحاصيل الزراعية المختلفة.

تأثير الحروب على الهواء :

إن الإنسان وما قام به من ابتكارات حديثة ومتطورة والتي أصبحت تستخدم فى الحروب مثل الصواريخ بجميع أنواعها والقنابل النووية والتفجيرات الذرية والتجارب العملية التي يتم إجراؤها على هذه الصواريخ في أوقات السلم تؤثر تأثيرا مباشرا على الهواء المحيط بالإنسان والحيوان والنبات الذي هو ضروري لاستمرار عملية التنفس عند الإنسان وعملية البناء الضوئي عند النبات .

كل هذه الأدوات تسبب تلوث الهواء بما يصدر عنها من إشعاعات وعوادم وكذلك المواد الكيماوية المستخدمة فى الحروب تسبب تلوثاً كبيراً للهواء مما يصيب الإنسان بضيق التنفس وأمراض الرئة والقلب والأمراض السرطانية والجلدية – وكذلك يحدث تدمير للنباتات لأنها تحتاج للهواء مثل الانسان والحيوان وما يحدث الآن من نقص فى طبقة الأوزون المحيطة بالغلاف الجوي للأرض وهذه الطبقة تعمل على حماية الإنسان من الأشعة الضارة التي تصل إلى سطح الأرض مثل الأشعة تحت الحمراء الضارة بالإنسان والحيوان.