تعز العز

هذا الدين إذا لم يكن له موقف يثير أهل الباطل فليس له أي قيمة

تعزنيوز- من هدي القرآن 

 

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة:67) يرفضون ولاية الإمام علي، يرفضون ما تبلغهم به ليسوا مستعدين أن يقبلوه، هذا هو كفر؛ لأن الكفر بكله إنما هو الرفض، لم يكن العربي كافرًا بالله، ذلك الذي يعبد الصنم لم يكن كافرًا بالله بمعنى أنه غير مؤمن بوجود الله كانوا مؤمنين بوجود الله والقرآن تحدث عنهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (الزخرف: من الآية87) {مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} (الزخرف:9) أليس هذا في القرآن؟

لكنهم كانوا رافضين الإيمان بمحمد، الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى فسماهم كافرين.. الكفر هو الرفض، هو ألا تجد في نفسك استعداد لأن تلتزم، وتعمل، هذا هو كفر.

وكما حكى عن بني إسرائيل أنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض هذا واقعنا نحن نلتزم بأجزاء من الدين وأجزاء أخرى لا نلتزم بها؛ لأننا لم نعرفها، أو لم نتعود عليها، أو لم نسمعها أو لأنها تبدوا: [والله أما هذه قد تكون مثيره، وقد تكون شاقه وقد تكون مخيفة]. نبحث عن السهل في الدين الذي لا يثير حتى ولا قِطّ علينا، الذي لا يُثِير أحدًا علينا، ونريد أن نصل بهذا إلى الجنة، والله يقول عمن يبلِّغون دينه باعتبار أن في دينه ما قد يثير الآخرين ضدك، في دينه ما قد يخشى الكثير من الناس أن يبلغوه ويتكلموا عنه: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} (الأحزاب: من الآية39).

ماذا تعني هذه الآية؟ أن في رسالات الله، أن في دين الله ما يثير الآخرين، وما قد يجعل كثيرًا من الناس يخشون أن يبلغوه. لماذا؟ لو كان الدين كله على هذا النمط الذي نحن عليه ليس مما يثير لما قال عمن يبلغون رسالاته أنهم يخشونه ولا يخشون أحدًا إلا الله.

فهذا يدل على أن هناك في دينه ما يكون تبليغه مما يثير الآخرين ضدك، مما قد يُدخلك في مواجهة مع الآخرين. مَن هم الآخرون؟ أهل الباطل أهل الكفر أهل النفاق يهود أو نصارى أو كيف ما كانوا، هؤلاء هم من قد يواجهونك.

ولأن في دين الله، وهذه هي قيمة الدين، هي عظمة الدين، لو كان الدين على هذا النحو الذي نحن عليه لما كان له قيمة؛ لأنه دين لا أثر له في الحياة، ولا يحق حقًا ولا يبطل باطلًا، دين ليس لـه موقف من الباطل، أليس هذا هو ديننا الذي نحن عليه، أو الجزء من الدين الذي نحن عليه؟ لو كان الإسلام على هذا النحو الذي نحن عليه لما كانت له قيمة، ولما كان له ذوق ولا طعم؛ لأنه إسلام لا ينكر منكرًا ولا يعرف معروفًا ولا يحق حقًا ولا يبطل باطلًا ولا يواجه مبطلًا، ولا يواجه كافرًا، ولا يواجه منافقًا، ولا يواجه مفسدًا، إسلام لا يبذل صاحبه من أجل الله دينارًا واحدًا.

ألم يقل الله عن إرساله للرسل وإنزاله للكتب أن المهمة تتمثل في: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: من الآية36) واجتنبوا الطاغوت.. فلتفهم أن ما نحن عليه ليس هو الإسلام الصحيح، عندما ترى نفسك أنه لا ينطلق منك مواقف تثير أهل الباطل، ولا تثير أهل الكفر، ولا تثير المنافقين، أنك لست على شيء، وإذا كنت ترى أنك على الإسلام كله فأنت تكذب على نفسك، وتكذب على دينك.

إن الإسلام هو الذي حرك محمدًا (صلوات الله عليه وعلى آله) فلماذا هذا الإسلام لا يحرك الآخرين؟ لماذا كان محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وعلي والحسن والحسين وآخرون ممن كانوا يتحركون.. فقط كان ذلك الإسلام الذي كان موديلًا قديمًا هو الذي كان يحتاج الناس يتحركوا من أجله؟

أما إسلام هذا العصر فهو إسلام مسالم لا يحتاج منك أن تتحرك ضد أحد؟! ولا أن تثير ضدك أحدًا؟ ولا أن تجرح مشاعر أحد، حتى الأمريكيين، لا تريد أن تجرح مشاعرهم أن تقول: (الموت لأمريكا) قد تجرح مشاعرهم ومشاعر أوليائهم، وهذا شيء قد يثيرهم علينا، أو قد يؤثر على علاقتنا وصداقتنا معهم، أو يؤثر على مساعدات تأتي من قبلهم، لا نريد أن نجرح مشاعرهم.

هذا الإسلام ليس إسلام محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي حرك رسول الله في بدر وأحد وحنين والأحزاب وتبوك وغيرها هو القرآن، الذي حرك عليًا في كل مواقعه هو القرآن، وأنت تقول وتدعو الله أن يحشرك في زمرة محمد. ألسنا نقول هكذا؟ ندعو الله أن يحشرنا في زمرة محمد؟ تحرك بحركة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) تحرك بحركة علي، ومحمد وعلي لم يكونوا أكثر من القرآن هل تفهمون هذا؟ لم يكن لديهم أكثر من القرآن.

ألم يقل الله عن رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (الأنعام: من الآية106) {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (الأحقاف: من الآية9) وأنا أتحرك في بدر و في أحد و في حنين وفي كل المواقع {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}.

لماذا نحن إذا ما اتبعنا القرآن لا يحركنا؟ هل نحن نتبع ما أنـزل الله إلينا؟ ولكنه لا يحركنا؟ إذًا نحن غير متبعين للقرآن وغير متبعين لمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله).

ونحن لا نزال تمر السنين علينا سنة بعد سنة، تطلع لحيتك، ثم يبدأ الشيب فيها، ثم تصفى شيب، ثم تتعصى ثم تموت، وسنة بعد سنة ونحن لا نفكر من جديد في تصحيح وضعيتنا مع الله سبحانه وتعالى، وفي أن نلتفت التفاتة واعية إلى القرآن وإلى واقعنا، ما بالنا؟ لم نتساءل حتى ونحن نقرأ القرآن عندما نصل إلى قوله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} بعد أن تحدث عن المسلمين كيف يجب أن يكونوا حتى يصلوا إلى درجة أن يضربوا الآخرين فيصبحـوا فيما إذا تحركـوا هم ضدك لن تكون حركتهم أكثر من مجرد أذية، طنين ذباب لا أثر له {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (آل عمران:112).

ألسنا نقرأ هذه الآية، ثم لا ننظر إلى أنفسنا؟ إذًا فما بال هؤلاء الذين قد ضُربت عليهم الذلة والمسكنة هم من يهيمنون علينا؟ هل أحد منا يتساءل هذا السؤال عندما يصل في سورة [آل عمران] إلى هذه الآية؟ هل أحد يتساءل: هؤلاء قوم ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله ونراهم مهيمنين علينا إذًا ما بالنا؟!. ما السبب؟ هل أحد يتساءل؟؟ لا نتساءل، لا نتساءل جميعًا لا نحن ولا علماؤنا ولا كبارنا ولا صغارنا، لا نتساءل نتلو القرآن هكذا بغير تأمل أشبه شيء بالطنين في شهر رمضان وفي غير رمضان، لا نتساءل، لا نتدبر، لا نتأمل، لا نقيّم الوضع الذي نعيشه.

ثم في نفس الوقت لا ننظر من جهة أخرى إلى أنه هل بالإمكان أن نصل إلى الجنة؟ هل نحن في طريق الجنة أو أن طريق الجنة طريق أخرى؟ طريق الجنة هي طريق أولئك الذين قال عنهم في هذه السورة بالذات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٌ} (المائدة: من الآية54).

ما هم من نوعيتنا نحن نقول: ما نشتي مشاكل، ما هذه الكلمة معروفة عندنا: [والله فلان يشتي يقلب علينا بمشاكل]، القرآن هو يلغي هذه، ومن يقولون هذه الكلمة أبدًا لا يمكن أن يكونوا من أهل الجنة ولا يمكن أن يكونوا ممن يعزون دين الله، ولا ممن يعتزون في الدنيا ولا ممن يعتزون في الآخرة.

ويقول عن هذه النوعية: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} ألسنا أقوياء على بعضنا بعض في الخصومات؟ وكل واحد منا يقرح كل ما يملك في رأس الآخر على مشرب، والاّ على قطعة أرضية والاّ على أي حاجة وأذلاء أمام الكافرين، أمام أهل الباطل، أمام اليهود والنصارى أذلاء.

يذل الكبير فينا ونحن نذل بذله، يخاف الرئيس أو الملك فيقول: أسكتوا، لا أحد يتحدث، ونحن نقول: تمام. ولا نتحدث، ونسكت، يخاف ونخاف بخوفه إلى هذه الدرجة أصبحنا، أذلة أمام اليهود والنصارى، أذلة أمام أهل الباطل والله يقول عن تلك النخبة: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٌ}.

{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ينطلقون هم؛ لأنهم قوم كما قال عنهم: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ليسوا حتى بحاجة إلى كلام كثير يزحزحهم، ويدفعهم فينطلقون متثاقلين. هم من ينطلقون بوعي كامل وبرغبة كاملة؛ لأنهم يحبون الله {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ومن يحب الله لا يبحث عن المخارج والممالص من عند سيدي فلان أو سيدنا فلان.

 

 [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن

لا عذر للجميع أمام الله

ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

 بتاريخ: 21/12/1422ه‍

اليمن – صعدة

 

#المركز_الإعلامي_لأنصار الله_تعز

أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام

telegram.me/taizznews