تعز العز

العرب_يهددون “اسرائيل”.. سنردعك!!

ذوالفقار ضاهر

“… نشجب بشدة هذا التجرؤ الاسرائيلي على المسجد الاقصى، ونشدد على ضرورة التصدي لمثل هذه الاعمال العدوانية بكل الطرق المتوافقة مع القانون الدولي وآليات العدالة الدولية حتى ترتدع سلطات الاحتلال الاسرائيلي عن مثل هذه النوايا والاعمال”.

بهذا الموقف الجريء والتقدمي المفاجئ، قرر وزراء خارجية “جامعة الدول العربية” مواجهة نوايا “اسرائيل” العدوانية، في بيانهم الذي اصدروه مساء يوم الاحد 13-9-2015 في ختام دورتهم العادية نصف السنوية في القاهرة، ربما هذا البيان قد يكون صاعقا على “تل ابيب” لانها قد لا تدري ماذا تفعل من بعده، وبالتأكيد هذا البيان قد يشكل نوعا من الارباك لكثير من عواصم العالم لان الجامعة العربية بدأت بتحذير ل”اسرائيل”، والتحذير قد ينتقل لاحقا ليتحول الى فعل وحرب ضدها.

إلا ان هؤلاء العرب ربما لم يقرروا بعد الضرب بيد من حديد وما زالوا يفتحون الباب امام “اسرائيل” لمراجعة حساباتها بخصوص ما اسموه “نوايا عدوانية”، فكأن هذا البيان العربي اليوم يقول للصهاينة: إحذروا إما ان تتراجعوا عن نواياكم العدوانية وإلا فقد أعذر من أنذر!!

وبالطبع لا داعي للصهاينة او للعالم أجمع ان يفكروا كثيرا في كيفية او مدى او طبيعة ردة الفعل العربية المتوقعة، فهذه الجامعة برعاية خليجية وإمرة سعودية لا تنام على ضيم ولا تترك حقوقا لمسلم او لعربي فكلمتها لا تصير كلمتين، فهي إن عزمت نفذت وان قررت اقتلعت أركان الظلم والجور والطغيان ولو كان في “تل ابيب”.

فهذه جامعة العرب رعت منذ ما يزيد عن الستة اشهر ما يسمى “التحالف العربي” للعدوان على اليمن وتحت عناوين متعددة، انطلق العدوان السعودي الاميركي يدمر كل شيء في تلك البلاد من البشر الى الحجر والشجر ومعها كل مقومات الحياة، ولا ندري لِمَ؟ رغم ان لا مقدسات تدنس هناك ولا المسجد الاقصى يقتحم كل يوم ولا القدس تنتهك حرمتها في بلاد اليمن، ومع ذلك ما زالت المجازر ترتكب يوميا بحق المدنيين ويغطى العدوان بشعارات دينية وقومية، بينما لا دين يسمح بارتكاب ما يرتكب هناك من محرمات في حين يخدم هذا العدوان أمراء آل سعود والاميركيين بشكل لا لبس فيه.

من كل ذلك يمكن للمرء الاستنتاج بشكل طبيعي ان من يفعل كل تلك الفظائع في اليمن بالتأكيد لن يسكت عن انتهاك مقدسات الامة في فلسطين ولن يسكت عن تدنيسها ولن يغمض له جفن إلا برد شرف الامة بتحرير فلسطين ومقدساتها، فمن يقتل أطفال اليمن ومدنييها بالتأكيد لن يقبل بأقل من سحق المستوطنين الصهاينة الذين اقتحموا المسجد الاقصى واعتدوا على المصلين فيه، ومن قرر “تحرير” اليمن بالتأكيد لن يقبل بأقل من القضاء على الكيان الغاصب المحتل لفلسطين.

فهل سنجد من دول الخليج من سيتحرك نصرة للاقصى والقدس والمقدسات في ارض فلسطين كما هبّوا لضرب اليمن؟ هل سنرى حمية الدين والقومية ستصحو لدى امراء ومشايخ وملوك العرب كما تحركت حمية جاهليتهم ضد اليمن وعربها الاقحاح؟ هل سنجد من يردع نوايا “اسرائيل” العدوانية واعمالها المتغطرسة ممن تحالف مع اسياده واسياد “اسرائيل” في واشنطن والبيت الابيض لمنع اليمنيين من تقرير مصيرهم وتحويل بلدهم الى ساحة للنزاعات الطائفية والمذهبية؟ وهل يمكن لاحد ان يشرح لنا كيف ستتبع الدول العربية آليات العدالة الدولية لردع “اسرائيل”؟ وما هي هذه الآليات الدولية لتحقيق العدالة؟ وهل تحقق العدالة فعلا؟ وماذا حققت هذه الآليات لفلسطين منذ احتلالها منذ عشرات السنين؟

وفي هذا الإطار، رأت مصادر سياسية متابعة للشأن الفلسطيني، أن سلطات الإحتلال تجد في حالة التشرذم التي يعيشها العالم العربي فرصة مؤاتية لتهويد المسجد الأقصى، والبدء بالخطة الموضوعة منذ سنوات وهي تقسيمه الى أجزاء تحت شعار إحياء شعارات دينيّة في فترات معيّنة، كان آخرها ما حصل قبل ايام بعد اقتحام وزير الزراعة الصهيوني مع عدد كبير من الجنود باحات المسجد الاقصى وتوجههم للصلاة في المسجد القبلي في ما قالوا انها صلوات نهاية العام العبري.

واشارت المصادر الى ان “سلطات الإحتلال الاسرائيلي تستفيد من الوضع الدائر في سوريا إضافة الى حال الفوضى في عدد من بلدان شمال إفريقيا والتي لا يخفى على أحد دور كيان العدو بتسعيرها”، واضافت “هذا رأيناه بشكل واضح عبر الأسلحة الاسرائيلية التي تمّ الكشف عنها في سوريا وليبيا وكانت بيد جماعات إرهابية”، وتابعت “هذا فيه دلالة كبيرة على خطّة واضحة لإشغال بعض العرب والمسلمين بحروب داخليّة ومواصلة تهويد المسجد الاقصى والمقدسات في فلسطين المحتلة”.

وحول صمت الدول العربية، اوضحت المصادر انه “يبدو لافتا جدّا عدم تكلم الاردن بموضوع الانتهاكات المتتالية حيال المسجد الاقصى على اعتبار انها الدولة التي لها قنوات تواصل مع سلطات الاحتلال وهي المسؤولة عن المسجد الاقصى من حيث المسؤولية المباشرة وليس أي طرف فلسطيني”، وتابعت “فإذا كان الطرف المعني مباشرة لا يحرّك ساكنا إزاء هذا الملف فكيف بالآخرين كالدول الخليجية التي لم تتعاطى على مرّ السنوات ولم تكلف نفسها بعقد لقاء عاجل للجامعة العربية او دعم مقاومة شعبيّة لمقاومة الاحتلال بل إن دول الخليج طالما وقفت ضد المقاومة في لبنان وقطاع غزّة وعملت وما تزال على ضرب هذه المقاومة وإيقافها، كما تدعم المجموعات الارهابية كحرس حدود للإحتلال في الجولان السوري”.

من جهته، لفت الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط الى ان “كل ما يجري في المنطقة عنوانه الحقيقي فلسطين والمسجد الاقصى وان الحريق الذي يلتهم كل هذه الدول العربية سببه اسرائيل ولخدمتها”، واشار الى ان “اسرائيل تريد ان تشغل العالم العربي والاسلامي بنفسه عنها من أجل ان تكمل عملية التهويد لكل شيء وفي طليعتها الاقصى”.

وسأل حطيط في حديث لقناة المنار “في الوقت الذي تتقدم به السعودية ما يسمى تحالفا عربيا لتدمير اليمن وذبح اهله لماذا لا تقوم بالشيء نفسه لتقود تحالفا عربيا اسلاميا من اجل إنقاذ المسجد الاقصى”، وتابع “كل هذه الفضائيات العربية التي تعمل ليل نهار من اجل التحريض على الفتنة في سوريا لماذا لا تذكر أي شيء عن الاعتداءات الصهيونية التي تقع اليوم على الاقصى”، واضاف “بعض الانظمة العربية تدعم المجموعات الارهابية في محاولة لاشغال محور المقاومة عن اسرائيل”.

واعتبر حطيط ان “اسرائيل تريد ان تحدث امرا واقعا لا سيما في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة دول(5+1) ولذلك نرى التصعيد الاسرائيلي بدون قيد او بدون اي حسيب او رقيب لان العالم مشغول بمكان او بملفات اخرى”، ورأى ان “اسرائيل مطمئنة ان احدا من الانظمة العربية لن يطالبها بشيء بخصوص فلسطين والاقصى”، وتابع “اسرائيل تريد من خلالها هذا التصعيد ان تفرض امرا واقعا أيضا على الفلسطينيين قبل الدخول معهم في اية مفاوضات مفترضة قد تحصل مع اي طرف فلسطيني في المستقبل”.

بالتأكيد ان العدو الصهيوني لا يأبه لكل تلك البيانات الشاجبة والمستنكرة لجرائمه منذ عشرات السنين، فهذا العدو كما أثبتت التجارب لا يفهم إلا لغة القوة والمقاومة التي وحدها استطاعت ان تلقنه الدروس والعبر وتنزل به الهزائم تلو الهزائم، لذلك يجب على الشعب الفلسطينيين ومعهم كل أحرار الامة ألا يراهنوا إلا على رص الصفوف ومواجهة العدوان بكل وسائل المقاومة وعدم الرهان على أي شيء آخر…