تعز العز

الجبهة الوهمية في فلسطين التاريخية حقيقة “الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية”

الكاتبة الفلسطينية  /حياة

طفت على الساحة الفلسطينية مؤخراً هيئة تتخذ لنفسها مُسمى “الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية” وتقوم بتمثيلها “شخصيات” حضرت بل ترأست في مؤتمرات المقاومة والممانعة من طهران ودمشق الى بيروت. تتمظهر هذه الجبهة بوثيقة “صرخة ونداء من الاعماق….. التي اطلقها مجدداً زعماً “لفيف من شخصيات وكوادر الحركة الفلسطينية الراهنة” حيث تقوم هذه الجبهة بالترويج لهذه الوثيقة وما تحمله من مشروع استسلامي مذل ومهين يهدف الى تصفية القضية الفلسطينية على اساس اقامة دولة مواطنة للضحية والجلاد تحت اسم دولة فلسطين الديمقراطية التقدمية وقد تم تفنيد وثيقة الصرخة سابقاً. (انظر صفحة الكاتبة على الفايسبووك ‘Ustada Hayat , 5 أوغسطس 2016)

وبما ان هذه الجبهة بممثليها اثارت امتعاضاً كبيرا وليس فقط جدلاً لدى شخصيات فلسطينية وطنية لها ثقلها في العمل الوطني الى درجة انه تم طرد د. صبري إمسلم وهو يتحدث باسم هذه الجبهة ومعه ممثلة هذه الجبهة (أمل وهدان) من مؤتمرات المقاومة كما حدث في مؤتمر دعم المقاومة في بيروت 15 تموز 2016. فان هناك من الملابسات حول هذه الجبهة ما يحتم التدقيق في حقيقتها وخلفيتها وتقصي دورها المفترض والمهمات التي تزعمها.

يكتشف الباحث ان هذه الجبهة المزعومة هي جزء من جهاز اكبر لادارة مشروع الصرخة وترويجه وان هناك فريقا اعلاميا لخدمة هذا المشروع وتسويقه. ففي فترة الآسبوعين الاخيرين من اكتوبر2015 قُدِّمت هذه الجبهة إلكترونياً اي في صفحات الكترونية (مراعاة لكثافة وسرعة الانتشار الالكتروني من جهة ومن جهة اخرى للبقاء في الخفاء) ليظهر بعدها ممثلون للهيئة في المؤتمرات بوثيقة صرختهم ويوزعونها استراتيجياً عبر الانترنت.[علماً ان الوثيقة ليست متاحة للعامة على صفحة الجبهة في الفايسبووك]

وفي حملة اعلامية كان السبق الإعلامي لتقديم هذه الجبهة من نصيب صحيفة القدس العربي فبتاريخ 16 اكتوبر 2015 قامت الصفحة لإلكترونية للقدس العربي – عمان بتقديم هذا الذي اسمته “كيان” في مقال معنون بـِ ’الإعلان لأول مرة عن تأسيس ’الوطنية الموحدة في فلسطين التاريخية” و “القدس العربي” تنشر البيان الأول للإنتفاضة الثالثة. حيث كان الخبر اقرب ما يكون للإعلان منه الى الخبر مصاغ بطريقة مثيرة للريبة والانتباه ويفتح الباب على كثير من الاستفسارات ويحمل ما بين سطوره اكثر بكثير مما يظهر على سطحها خاصة أن زعم البيان الأول ينطوي على إيحاء بأن هذه “الجبهة” هي التي بدأت وتقود الانتفاضة الثالثة!

ويبدو ان دور القدس العربي هو اكبر من مجرد وسيلة لنقل الخبر، ان لم تكن شريكة في مشروعه. فما نشرته القدس العربي ليس الا تلاعباً بارعاً بالرأي العام والتأثير عليه بطريقة مبتذلة كتكرار بعض العبارات والتأكيد والتشديد عليها واستعمال عنصر التشويق والتحري والتقصي الحصري لإضفاء المصداقية على الخبر الإعلان . ليتبين لاحقا ان الاعلان كان في الأساس فاقدا للمصداقية وما هو الا مسرحية تستهبل القراء ذوي النوايا الحسنة وفاقدي الوعي حيث ان الجبهة موجودة على الشاشة العنكبوتية- فقط على هذه الشاشة قبل اعلان القدس العربي بما يزيد عن السنتين.

أن تعلن القدس العربي انه “صدر ما يمكن وصفه بالبيان الأول” ! يدفعنا للتساؤل عن الكيفية وهذه الامكانية ناهيك عن الوصف. فكيف صدر البيان… بالبريد الإكتروني او بالفاكس مثلاً؟ او لم تكن هناك فرصة لمؤتمر صحفي لتقديم هذه الجبهة وبيانها ؟

وبعد ذلك نفاجىء بإعلان البيان الاول – وكأنه بيان إنقلاب – “إندلاع “الإنتفاضة الثالثة” في فلسطين في مواجهة الإحتلال بإسم ” إنتفاضة الأقصى والقدس″ ؟! فالمفهوم هو ان الانتفاضة حالة جماهيرية غالباً ما تبدأ بحدث فردي لتصبح افراد ا تتكاثر وليس بالعادة ان يجري الاعلان مقدماً عن اندلاع إنتفاضة وتحت عنوان مسبق بغض النظر عن تسلسلها الرقمي وكأنها موسم رياضي. فبما هي انتفاضة، فهي عفوية تأتي كالدهشة بلا موعد . وكيف ولماذا حصلت القدس العربي حصرياً وانفرادياً على البيان وليست وكالات انباء متعددة؟ ثم يستمر الخبر معلناً الفقرات الفاقعة واهمها ’تأسيس كيان سياسي جديد خارج الجسم الفلسطيني الفصائلي بإسم “الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية”. فيجد القاريء نفسه امام مفردات لها دلالات معينة فوصف الجبهة بالكيان أمر لافت. ثم ماذا يعني تحديداً كون هذا الكيان ’خارج الجسم الفلسطيني الفصائلي, اهي ميزة لتسويقة على انه افضل من الموجود؟ اما بخصوص اسم هذا ’الكيان’ الجديد فيبدو ان تركيبته مبنية على تجميع تعابير ذات تأثير على الرأي العام كـ جبهة وطنية ثم ميدانية ثم موحدة واخيراً في فلسطين التاريخية !

تستأنف القدس العربي بـِ “ولم تعلن الجبهة أي تفصيلات عن هويتها او خلفية قياداتها السياسية لكن القدس العربي علمت بأن الجبهة صاحبة البيان الأول في الإنتفاضة الثالثة لا تربطها أي علاقة تنظيمية من أي نوع بجميع الفصائل العاملة على الساحة الفلسطينية .” لكن اذا لم تعلن الجبهة عن تفصيلات هويتها او خلفيتها السياسية فكيف تمكنت القدس العربي من العلم ان الجبهة المزعومة لا تربطها اي علاقة تنظيمية من اي نوع بأي من الفصائل العاملة على الساحة الفلسطينية؟!
اذا ماهي مرجعية هذا الكيان او الجبهة المزعومة ولمن تعود؟ وهل امر كهذا ممكن بهذه السطحية؟ اي ان يظهر فجأة كيان سياسي غريب منتفض في فلسطين التاريخية يدعو الى انتفاضة دون ان يُسائَل رسمياً أو شعبياً من انت وما مرجعيتك؟ وكيف سيستطيع هذا الكيان قيادة انتفاضة وهو غريب ومجهول؟ هل يستطيع قانونياً او دستوريا اي فرد او مجموعة تكوين لجنة بهذة المواصفات؟ الا يرتاب الناس من ذلك؟ الا يوجد تسجيل رسمي لهذه الجبهة المزعومة لا سيما وأن بعض افرادها شاركوا علانية في مؤتمرات عامة؟ وكيف الانتساب لها؟ من هي مكوناتها؟ وهل تسمح السلطة الفلسطينية ناهيك عن الكيان الغاصب بهذا؟ تستطرد القدس العربي مؤكدة حرفياً انها “حصلت على نسخة اصلية ومباشرة من البيان” لكنها لم تنشر صورة لهذا البيان الاصلي والمباشر الذي حصلت عليه ؟!

واخيراً تؤكد الصحيفة الإلكترونية على: ” ان البيان يستعمل تعبير “فلسطين التاريخية ” وصدر كما علمت القدس العربي من مصادرها الخاصة بعيدا [عن] حركتي حماس وفتح وجميع هيئاتها وكذلك بدون أي علاقة من أي نوع بجميع مؤسسات السلطة الفلسطينية .” لنتسائل مجدداً عن مرجعية وشرعية هذا ’الكيان السياسي’ وجبهته المزعومة ولماذا التاكيد على عدم انتمائه تحديداً لا لفتح ولا لحماس؟ فماذا عن الجهاد او الجبهة الشعبية مثلاً؟! بعد هذا تنشر القدس العربي النص الكامل لـِ بيان صادر عن الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية – نداء رقم (1) مذيل بتاريخ 15 اكتوبر 2015 .

وبتاريخ 18 اكتوبر 2015 تنضم الصفحة الإكترونية بإسم “سوا” بمقال ’ الإعلان لأول مرة عن تأسيس “الوطنية الموحدة في فلسطين التاريخية” ’ وتعيد نشر مقال القدس العربي مع صورة لفتى فلسطيني ملثم شاهرا سكيناً!

بتاريخ 19 اكتوبر 2015 تنشر الصفحة الإلكترونية لـِ دنيا الوطن- رام الله أن “الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية تصدر النداء رقم 1 دعماً للهبة الجماهيرية” ثم تعلن الصفحة بدورها باقتضاب شديد عن الجبهة واصدار البيان الاول.

بتاريخ 18 اكتوبر 2015 (اي بعد يومين فقط من خبر القدس العربي) انضمت صفحة البوابة الإلكترونية , فبعد ان اكدت على ما جاء في القدس العربي, اضافت معلومات لا تقل خطورة بداية من عنوان مقالها ’ وثيقة: دعوة لدولة “فلسطين التقدمية” وإدانة لـ”هتلر” والسلطة “عائق” أمام التحرير’ . وفيما ارتكز خبر البوابة على خبر القدس العربي (16 اكتوبر 2015) اشارت البوابة الى ما لم تشر اليه القدس العربي في اعلانها عن الكيان السياسي الجديد بحسب وصفها للجبهة الجديدة وهو ان هناك “وثيقة مرجعية” تستند عليها هذه الجبهة الجديدة وان الوثيقة تضع “بعض التعريفات التأصيلية لخطة ومشروع التحرر والتحرير على اسس جديدة تماما.”

ثم تستمر البوابة في الحديث عن “الوثيقة التي تنشر القدس العربي تفصيلاتها لاحقا مقترحات وتوصيفات “غير مسبوقة” في تاريخ المنظمات النضالية الفلسطينية.’ بحسب كلام البوابة ليتضح من المفاهيم التي نشرتها البوابة حرفياً عن هذه الوثيقة المرجعية انها ليست الا الوثيقة التي ظهرت لاحقا في شباط 2016 معنونة بـِ “صرخة وطنية ونداء من الأعماق” والتي تزعم انها تتحدث باسم “لفيف من شخصيات وكوادر الحركة الفلسطينية الراهنة” وتُقدم مشروع “لإقامة دولة فلسطين الديمقراطية على كامل التراب الوطني مع المستوطنين”. أي ان القدس العربي زعمت انها حصلت على هذه الوثيقة قبل اربعة اشهر من التاريخ الذي ظهر على وثيقة صرخة اللفيف! او ان المقصود هنا هو النسخة الاولى من الصرخة التي قال اللفيف انها كانت قبل 8 سنوات وقد نفذت طبعتها وكان العمل جار على الطبعة الجديدة. ورغم احتواء عنوان الصرخة على وجود لفيف من الشخصيات، إلا أنها لم تحتو على اي إسم باستثناء من حاولت تقديمها باسم الفلسطينيين في مؤتمر دمشق أذار 2016.

وتسهب البوابة في سرد معلوماتها المنسوبة للقدس العربي علماً ان الاخيرة لم تكن قد نشرت ما نسبته لها البوابة ! وبناءً على هذا يظهر مدى التماهي والتلاحم بين القدس العربي والبوابة تجاه هذا ’الكيان’ الجديد وانهما جزء من المشروع وفريقه الاعلامي. الا ان اللافت جداً في خبر صفحة البوابة الإلكترونية هو ما نسبته للوثيقة المرجعية ولم يكن قد ورد في وثيقة الصرخة شباط 2016. فقد ذكرت البوابة عن القدس العربي ما لم تنشره الأخيرة حين قالت ’وإنطوت الورقة المرجعية التي إطلعت عليها القدس العربي على إدانة مباشرة لما فعله القائد الألماني هتلر عندما تسبب بمقتل 50 مليون إنسان .’ وانه ’ لدى القدس العربي مؤشرات على حصول إتصالات تنسيقية بين نشطاء ومقاومين شبان في العمل المدني بعيدا عن الفصائل المعروفة.’ والملاحظ ان القدس العربي ودون ان تنشر اصبحت مصدر البوابة التي تحدثت عن الوثيقة قبل 4 اشهر من ظهورها، فعن اي طبعات الصرخة تحدثت البوابة؟ الطبعة القديمة ام الحديثة ؟ ويبدو ان القدس العربي والبوابة تقاسمتا الخبر مناصفة حيث الاولى انفردت باعلان تقديم “الكيان السياسي” الجديد فيما اكملت صفحة البوابة الخبر باضافة الكثير مما يخبئه مخطط الصرخة فهل هناك فصول اخرى لصرخة الذل لم تنشر بعد ؟

ويظهر التنسيق بين الصحف الالكترونية وتوزيع الادوار والجرعات بينها بشكل واضح وكانها كلها تخضع لهيئة مُنظّمة واحدة، فكل من ” القدس العربي وسوا ودنيا الوطن” لم تذكر أيا منهن ما أسمتها لاحقا البوابة الالكترونية بالوثيقة المرجعية. اما الذي قدمته البوابة في 18 اكتوبر فقد كان عبارة عن رؤوس اقلام عريضة تلخص صرخة اللفيف (شباط 2016) ومشروعها في حين لم تنشر البوابة البيان النداء . ومع ان وثيقة صرخة لفيف شباط 2016 الموزعة الكترونيا صدرت بعد اربعة اشهر من الاعلان عن الجبهة المزعومة واصدار بيان يفترض ان يكون رقم (1) الا انها لم تذكر اطلاقاً لا الجبهة ولا بيانها الذي هللت وطنطنت له الصحف الالكترونية المذكورة اعلاه علما بان كل من الصرخة وبيان رقم (1) كانا موجودين قبل حملة الاعلانات هذه.

بتاريخ 29 اكتوبر 2015 أي بعد اسبوعين من اعلان القدس العربي الأول عن الكيان الجديد وبيانه , نشر ’خيار مقاومة’ على اليوتوب فيديو مؤرخ بـِ 17 اكتوبر دون ذكر السنة. حيث ظهر شخص ملثم خلفه حائط عُلِّق عليه علم فلسطين بدون اي شعاراو اسم للجبهة التي يمثلها كما جرت العادة في هذا النوع من الإصدارات، جلس الملثم الذي بدا من صوته انه شاب الى طاولة حيث تلى البيان بشكل رديء جدا تماما كرداءةٍ اخراج الفيديو. وهنا نتسائل لماذا لم يظهر لهذه الجبهة او الأدق لماذا لا يوجد لها شعار على الإطلاق؟!

وبالتالي يبدو جلياً انه يقف خلف المشروع جهاز إعلامي مقتدر ومتمرس في اساليب التضليل الاعلامية والسيكولوجية والتلاعب بالرأي العام والتأثير عليه في ظل ظروف مستوعبة لذلك مما يحتم وجود دعم وتمويل كبير خلف المشروع. هذا الفريق الاعلامي الموضوع بتصرف جهاز الصرخة باحتراف وبخبث خطط المسرح الاعلامي للتلاعب بتسويق الخبر وتهيئة عقلية الرأي العام لاستقباله بدون انتباه للخديعة. والجدير بالذكر هنا ان صحيفة القدس العربي التي تصدرت الاعلان عن الجبهة الوهمية هي النسخة المكتوبة لقناة الجزيرة بحسب ما ذكر جون ب. ألترمان, احد منظري السياسات الاعلامية في العالم العربي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى. يقودنا هذا إلى أمرين لافتين:
الأول: طالما القدس العربي هي ورقية الجزيرة، فهذا يستدعي البحث عن اصابع عزمي بشارة في هذه الجبهة
والثاني: أن هذه الجبهة تستغل الانتفاضة الشبابية وعزمي بشارة يركز على الشباب منذ ثلاث سنوات، وخاصة من اوساط اليسار!

وبهذه المسرحية الاعلامية/الإعلانية يكون قد تم التهيئة لاطلاق مشروع الصرخة قبل ظهور الوثيقة بحلتها الجديدة في شباط 2016.

أما صفحة الفيسبووك للجبهة المزعومة فلها نصيب كبير في اضافة التناقضات والتضاربات مما يزيد في اثارة الشكوك حول هذه الجبهة المفترضة… فخلافاً لما زعمته القدس العربي الإلكترونية يُظهر سجل الصفحة ان البداية كانت أقله بتاريخ 21 تموز 2013 باسم “الجبهة الوطنية الفلسطينية” لتتحول بعد يومين اي بتاريخ 23 تموز 2013 الى “الجبهة الوطنية الموحدة في فلسطين التاريخية” أي ان الجبهة مستمرة من قبل مايزيد على السنتين من اعلانات القدس العربي واخواتها, مع تفاوت في نشاط الصفحة. تحاول الجبهة المزعومة ان تقدم نفسها كشريكة لشرائح متنوعة في المحور المقاوم والممانع من جمهور حزب الله الى الناصريين الى الجبهة الشعبية الى القيادة العامة الى الإيرلنديين و سوريا واليمن وطبعا كداعم لما اسمته بالإنتفاضة الثالثة.

وتفضح تناقضات صفحة الفايسبووك هذه الجبهة المزعومة من خلال نشرها لبيانين منفصلين كل منهما اسمته البيان الاول والنداء رقم (1) خلافاً لما زعمته القدس العربي واخواتها إضافة الى شريط الفيديو المصور. حيث يتضح انه سبق وان اعلنت الجبهة المزعومة عما اسمته على صفحتها بـِ “نداء نداء نداء لا صوت يعلو على صوت المقاومة… يسقط نظام اوسلو… نداء رقم (1) صادر من مدينة القدس 21 تموز 2013 ثم أعادت الكرة بتاريخ 29 اكتوبر 2015 لتطلق ايضا بيان ونداء رقم (1) ونسخة فيديو منه مع اختلاف كبير بين البيانين.

والمدقق في الاخبار المتتالية عن هذة ’الجبهة’ المزعومة واصداراتها سواء كان من بيانها الذي قالت انه الاول في القدس العربي الالكترونية او ما تلى ذلك في صحف الكترونية اخرى او على السنة مناصريها او مروجيها يجد ان الصرخة هي الدستور الرئيسي الذي يرتكزون عليه جميعاً. ومنها تفرعات تتفاوت في مدى نسخها الحرفي لنص الصرخة او اعادة ترتيب تسلسل مقاطع من نص الصرخة او تغير طفيف في المفردات واستبدالها باخرى مع الحفاظ على نفس المعنى المراد ايصاله (نفس الوزن واختلاف في القافية). الترويج لمشروع الصرخة يعتمد على نشر بذورعلى شكل جرعات خفيفة تتفاوت في تركيزها وفي مكانها حيث يتم زرعها بتقنين وبنعومة على نطاق واسع ثم مجتمعة تدريجياً يكون لها المفعول الكلي في توجيه الرأي العام—- فهذه الجرعات المخففة المنتشرة برقة وبخفة تهيء الاجواء العامة للإستساغة والتقبل فيعتاد الجمهور عليها وتدريجياً يتقبلها كامرطبيعي , على مبدأ التطبيع بالتطعيم اي باعطاء جرعة مخففة جداً ومتكررة من لقاح للتطبيع. يكون دس السم الزعاف في العسل على شكل جرعة صغيرة جدا ولكنها شديدة التركيز كما في نسخة اكتوبر من بيان النداء رقم (1).

فمقارنة البيان رقم 1 الذي نشرته القدس العربي عما تُسمى بـِ ’الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية’ بتاريخ 15 اكتوبر 2015 مع وثيقة “صرخة وطنية ونداء من الاعماق” التي اطلقتها أمل وهدان في دمشق باسم اللفيف الفلسطيني في آذار 2016 وحاولت وهدان طرحها في المؤتمر باسم الشعب الفلسطيني ولكن الفصائل الفلسطينية منعتها من ذلك فتم وضعها على الطاولة للقراءة. كل هذا يُظهر ان بيان الجبهة المذكورة ما هو الا خُلاصة وثيقة الصرخة وان وظيفة هذا البيان او النداء رقم (1) هي فقط تهيئة الفلسطينين نفسياً لآستساغة مفهوم مشروع ’دولة فلسطين الديمقراطية الواحدة’ وهي دولة التعايش المشترك مع المحتل وتحديدا المستوطنين.

وقد تمت هندسة البيان بعناية فائقة لدس هذا المفهوم السام في بحر من العسل الثوري الحماسي بحيث لن ينتبه له من القراء الا من رحم ربي وهو السطر الاخير في البند السادس من البيان : “… وإقامة دولة فلسطين الديمقراطية الواحدة على أنقاض نظام الفصل العنصري” وهنا تتطابق المفاهيم بين البيان والصرخة. وهكذا يتحد بيان اللجنة المزعومة مع وثيقة الصرخة. وتتلخص هذه الوثيقة في انها تدعو الى اقامة دولة مواطنة يتشارك فيها العيش الضحية والجلاد على أسس خرافية كأن يتم عودة كل الفلسطينيين الذين هجروا قسرأ واحفادهم الى اراضيهم واملاكهم ليعيشوا عليها مع بقاء المحتل الغاصب بعد ان يتم تفكيك الكيان الصهيوني الذي برأي اللفيف هو سبب التناحر الجماعي والنفي المتبادل بين الضحية والجلاد ليتم بعد ذلك التحرر من الكم المبني على مبدأ الارض المحدودة وانشاء الدولة الديمقراطية على اساس الكيف الجديد المبني على علاقات التلاقح بين الظالم والمظلوم في دولة فلسطين الديمقراطية التقدمية.

لافت جدا أن هذه الجبهة في كل فلسطين؟ وهذا بخلاف مختلف الفصائل الفلسطينية التي ليست لها فروعا في المحتل 1948. هل الوجود الشامل هذا حقيقي أم إعلامي ترويجي؟ والمعروف ان العدو لا يسمح قطعيا باي عمل مشترك بين الفلسطينيين في المحتل 48 و 1967، ومما يثير الشك وجود اشخاص من ممثلي هذه اللجنة يتحركون علانية من الأرض المحتلة وحتى دمشق وربما طهران. أمل وهدان و د. صبري امسلم اللذين حضرا علانية مؤتمرات دمشق وبيروت بالإسم والصورة؟؟ فماذا وراء صمت الاحتلال هذا؟ كيف تخلى عن حساسيته الشديدة هذه؟
ظهور “جسم” لقيط كهذا يؤكد على ان الساحة الفلسطينية الوطنية في الداخل والخارج بلغت من التسيب والشرذمة بحيث اصبحت تعج بالجبهات والتنسيقيات المزعومة والتي لا يعلم مداها الا الله دون رقيب او حسيب. فهل يكفي في ظل استسلامات ساحقة وارضية خصبة للتطبيع ومستنقعات اللامبالاة ان يظهر لفيف من المجهول تحت اسم مشبع بالمفردات الحماسية الثورية ويدعي انه جبهة ليصبح مرحب به في مؤتمرات المقاومة وعواصم الممانعة؟!

إذاً ما هي ماهية ما يسمى “بالجبهة الوطنية الفلسطينية” او “الجبهة الوطنية الموحدة في فلسطين التاريخية” أو “الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية” وما هي العلاقة بين هذه الجبهات ومن القائم عليها ومن هم عناصرها ومن المسؤول وتحديداً من الذي يرأسها واين مقرها وكيف يمكن الانتساب اليها؟!

السؤال موجه للفصائل الفلسطينية في المحتل 1967 ولأبناء البلد في المحتل 1948, هل توجد جبهة كهذة؟ وفي فلسطين التاريخية؟ وهل يمكن تشكيل جبهة في كل فلسطين ويصمت عنها الإحتلال كما أشرنا اعلاه ؟! كيف يمكن لهكذا جبهة ان تصدر بيانات وتضامنات دولية وموقعة من القدس ومن حيفا الا اذا كان بموافقة الكيان الغاصب او انها مجرد ادعاء عنكبوتي؟!

هل بلغت شرذمة الفصائل الفلسطينية بين غزة والضفة المحتلة ولبنان وسوريا وبعثرة ملاكها الى درجة بلغت ان لا احد يعرف عن الاخر من جاء ومن راح ومن زاد ومن نقص؟ وهذا ’الكيان’ الذي يميز نفسه بعدم انتمائه لا لفتح ولا لحماس ولا لاي فصيل او سلطة إذاً ما هو؟ الهذا المستوى بلغ التهتك واهتراء الحس الوطني وظهور اللامبالاة؟ كيف من الممكن ان يظهر ’كيان’ في ظل احتلال وسلطة وتنسيق امني وظروف عدوان من المستوطنين والمحتلين واجهزة استخبارات عالمية؟ دون ان يفصح عن اسمه ومرجعيته او دون ان يسأله احد عمن يقف خلفه؟!

والسؤال الاهم هو كيف يمكن لعضوة أو ممثلة لهذه الجبهة المزعومة ، أي امل وهدان، الظهور في صورة باسم هذه الجبهة علانية ؟ وتتنقل في فلسطين التاريخية والجولان ومؤتمرات المقاومة وعواصم الممانعة دون اي مسائلة؟ وكيف لها ان تكون منسقة للجان شعبية للدفاع عن سوريا وعن اليمن. وكيف لها ان تصدر البيانات المناهضة والشاجبة والمؤيدة من حيفا والقدس العربية وليس من مدينة البيرة مكان اقامتها في الضفة المحتلة؟ باختصار شديد كيف يمكن لها ان تخدع وتضحك على هذا الكم الهائل ممن يفترض انهم ينتمون الى محور المقاومة والممانعة؟!

بكل تأكيد إن من يقف خلف هذه الجبهة المزعومة وهذه الانتحالات او يدافع عنها لا يحق له ان يدّعي او يتطاول على قامات وطنية لها من تاريخ النضال, بكل اشكاله، ما لها ليس فقط محلياً بل دولياً. واقصد هنا تحديداً أمل وهدان التي تطاولت على الدكتور عادل سمارة برفع دعوى ضده لا لشيء الا لأنه يقف بالمرصاد لها ولأمثالها و لكل المطبعين مع المحتل الغاصب والذين يدعون للتعايش المشترك في دولة مواطنة تدعى “دولة فلسطين الديمقراطية التقدمية”. لكن أمل وهدان ومن حيث لا تدري قد اسدت للقضية الفلسطية وللأحرار والشرفاء خدمة جليلة جداً بفضح نفسها وتسليط الضوء على هذا الكيان الجبهة اللقيط ومن يقف خلفه من منظرين واجهزة اعلامية. لذا فان المعلومات الموثقة المقدمة في هذة المقالة عن الجبهة المزعومة تثبت انتحال وخداع ويجب ان تؤخذ بعين الاعتبار كبلاغ رسمي وهي برسم المعنيين من قانونيين ومناضلين مفكرين واكاديميين ومقاومين.

===

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا