تعز العز

علمتني حلب أن أقول للصارخين “أصرخوا أكثر” فهي العدالة !

البحث عن أبعاد وقضايا إنسانية بإعتبارها انتهاكات للقانون الدولي هو عنوان الحلف المهزوم في الحلب.. وبحجم الخسارة الهائلة من الطبيعي أن يستخدموا ليس أطفالاً مفخخة بل أجنّة مفخخة.. ولو دعتهم سفالتهم لفعل أكثر من ذلك سيفعلون بل نتوقع أكثر من ذلك بمئات المرات.. نتحدث عن إنتهاء أزمة أُوقد فيها مليارات الدولارات واليوروهات والجنيهات، وجُندت فيها أطياف الأحلاف ووظفت فيها كل الإمكانيات.. سوريا الله حاميها ولن نشغل أنفسنا بالرد على ضجيجهم لأن الرد عليهم لا يجدي نفعاً.. فهؤلاء لا يبحثون عن الرد ولا عن الحقيقة.. لأننا أمضينا أعواماً نفتح لهم كتب المنطق والتاريخ والجغرافيا والوطنية والقرآن والإنجيل والأخلاق وبكل العقليات والكيفيات بدون أن ينفع ذلك.. ولسنا من أولئك الذين تحرجهم الأبواق الكاذبة.. ولسنا ممن يغريه قميص عثمان.. ولسنا ممن تهزه مصاحف مرفوعة بأيدي المنافقين ولا نكترث بها.. لأن المصحف الذي يحمله المنافق لا يشبه إلا صلاة بلا خشوع وبلا سجود وبلا ركوع .

ويكفي أن نستمتع بهذه الصرخات فقد جرعوها للملايين وأرادوها لنا طوال الدهر .. يكفي أن نرى النفاق بأقبح صوره، وكيف يتم إدارة وتشغيل الماكينات المأجورة عند الحاجة وكيف يتم إخراسها عند الحاجة.. نعم أصرخوا أكثر ذوقوا.. أطربوا أسماعنا أكثر، أين القرضاوي والقتلاوي نريدهم جميعاً هنا فالقيامة المصغرة أقامتها حلب ليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. واللهم لاشماته، ورحمة الله وسعت كل شي سبحانه جل شانه يمهلكم وما زلتم حتى اليوم.. إنها عدالة العدالة التي طالما انتظرناها حينما مكروا بنا.. إنها ظاهرة آلهية بل آية لمن يتفكرون.. بعدما وصل البعض في ذروة الظلام الدامس بالقول أين أنت يا ألله من كل هذا .

أصرخوا أكثر بحجم قتلكم كل المواد وحتى الجماد.. أصرخوا لن تنفذوا من صراخ القيامة الكبرى.. إلا بالتوبة النصوح.. أو تركتم لمحمد بن عبدالوهاب.. اليوم علمتني حلب معنى الثبات الإيمان الثقة بالله.. أحداث عشت كل تفاصيلها منذ الوهلة الأولى قلباً وقالباً.. رأيت فيها تلذذ وحوش الأرض بكافة أشكال الابادة والعربدة.. قتلوا الأمم والأجيال.. حرفوا المفاهيم وبوقاحة منقطعة النظير.. وللأسف وصلت أن خرج البعض من دينه متسائلاً أين الرب من كل هذا .

فكانت ولنبلونكم، حتى أتت وبشر الصابرين.. ومازالوا المنافقين بصراخهم يمكرون.. مازالوا ربما في طغيانهم يعمهون.. ولتعرفوا حال الصارخين في حلب أحيلكم للبيان في سورة القصص.. لا أجيد التفسير وقلمي ليس مؤهلاً لذلك، لكن هكذا قالت لي حلب.. علمتني حلب أنه يمهل ولا يهمل علمتني أنه مازال بهم رحيم، لكن حليم، وليس لدي ما أقوله أكثر للقوم الصارخين سوى “أصرخوا” فهي العدالة.. أطربونا بنحيبكم فهذا القصاص الإلهي في الدنيا والآخرة.. حمداً لك سبحانك يارحيم، تعاليت يا كريم.. شكراً حلب.. لكنهم مازالوا بصراخهم يمكرون.. إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين، والعاقبة للمتقين.

بقلم /  جميل أنعم العبسي