تعز العز

هل يَنسف التقشف نظرية “الأمان” في السعودية ؟

هذه اللامُبالاة أو النّظرية التي تَستند عليها القيادة السعودية، في مُحاولة خَلق، أو مُواصلة الاستقرار، ربّما ليست في مكانها الصحيح، فتلك النظرية تقوم على أن الشعب السعودي، شعب يخشى فقد الأمن والأمان الذي يتمتّع به، أو الذي تَمن حكومته عليه فيه، وهو بالمُناسبة كذلك شعبٌ مُؤمن، علّمته شريعته الإسلامية، أو أفهمته “حُرمة” خروجه على ولاة أمره، وإن كانوا “طُغاة”، فالأذى المُترتّب على هذا “الخروج” الآثم، أو “الثورة” بمَفهومها الذي تَدعمه السعودية، أكبر بكثير من فوائد القيام على الحاكم!

نقول هذا، ونحن على أعتاب سياسات “تقشّفيّة” تَعصف ببلاد الحزم، على رأسها نوايا رفع أسعار البنزين والكهرباء، وفَرض ضريبة القيمة المُضافة على قائمة من السلع، هذا بالإضافة إلى سَحب دعم الأسر الفقيرة، وإيقاف المشروعات، والحديث عن رؤية 2030، كما لو أنها المُنقذ الوحيد، وربّما أحد أهم مزاياها أنها ليست في القريب العاجل، وعلى أجيال بحالها الصبر والانتظار.

هذه السياسات التقشفيّة تحديداً، هي التي قد تَخلق حالة من الاستياء بين مُواطنين بلاد الحرمين، وربّما هي من ستَدفعهم إلى التفكير مليّاً بهذا الأمان “الفقير” والتخلّي عنه، وتُعيد تقييمهم لنظرية الخروج على الحاكم، تلك التي حفظوها عن ظهر قلب، يوم كان الحاكم، يضمن سكوتهم، مقابل استمرار عصر الرفاهية.

لا نعتقد أن ثمّة مخارج، يُمكن التعويل عليها للخروج من نفق مظلم ينتظر العربية السعودية، فهي تصر على سياساتها في اليمن، وتعتبر أن محاولات سيطرتها عليه أولويات، لا يُمكن التراجع عنها، كما أن تراجع اقتصادها، وتزايد ديونها، وميزانيتها المُترهّلة، وتأصّل الفساد، يزيد من عُتمة هذا النفق، الذي تمر به البلاد بفعل سياساتها الداخلية والخارجية، والتي لم تتسم كعادتها بالتأني، وضربت بكل مسارات الحكمة عرض الحائط.

نحن بالتأكيد، لا نتمنّى أن تتعرض السعودية إلى ما تعرّضت له دول الربيع العربي، لكن هناك مزاج عربي مُستاء، ويُؤمن ربما بوجوب “استئصال” الشر الذي ينمو في جذور المملكة، التي من المفروض أن تكون صاحبة نوايا حسنة في هذا الإطار، باعتبارها قائدة المحور السني في المنطقة، وهناك من يُحمّلها المسؤولية لما جرى لبلاده، جراء تدخلاتها “العابثة”، ومصالحها “الفارغة”، ويبحث عمّا يُوقفها، أو ما يُشغلها في نفسها.

“التطرّف” أيضاً سيَجد طريقه المُمهّد اليوم في المملكة، والحاضنة الإسلامية مَوجودة لولادة “المُتطرفين” إن كان في المناهج أو المكاتب الدعوية ، الفقر والبطالة أعمدة أساسية مُتوفّرة بالتأكيد، المُجتمع في جلّه يُؤمن بفَرض القوانين الشرعية بالقوّة، وأفكار الشباب السعودي الفقير العاطل لمن يَرصدها، لا تزال مُتحمّسة لفكرة إقامة دولة الخلافة “العادلة”.

ودعونا نُذكّركم على عَجل تلك “الثورة” الناعمة التي تطال المؤسسة الدينية وصلاحيّاتها، واستياء رموزها، التي قد يُشكّل اصطدامها مع المؤسسة السياسية الحاكمة، الشرارة، والمَنفذ الذي قد تجد تنظيمات مثل “الدولة الإسلامية” فيه ضالتها، هذا بالطّبع مع عدم إغفال خلاياها النائمة، ونواياها المُبطّنة.

لا شك، أن السعوديين يضعون أيديهم على قلوبهم، بانتظار الأيام القادمة الصعبة، فهم يُدركون أن عصر الرفاهية ولّى، وأن حديث رؤية المُستقبل مُجرّد حبرٍ على ورق، سينتظرون الحلول التي لن تأتي، لا بد لهم أن يبحثوا في أنفسهم عن حلول، وأن يُحدثوا التغيير، فالأمان لا يقوى على الفقر، والإصلاح يَمقت الصّبر!

خالد الجيوشي / كاتب وصحافي فلسطيني

 

#تعز
#جرائم_داعش_في_تعز