تعز العز

مسرحية التحالف الأمريكي ضد “داعش”

12241500_1641992269385841_1625145197752586575_n

منيب السائح

كشفت التفجيرات الإرهابية التي شهدتها باريس مؤخرا، والتي أعلنت “داعش” مسؤوليتها عنها، للشعوب الأوروبية، أن التحالف الستيني الذي تقوده “داعش” منذ فترة طويلة، والتي تشارك فيه فرنسا أيضا، لم يكن سوى “معركة كبرى”، ولكن على شاشات الفضائيات الأمريكية والغربية وكذلك العربية السائرة في الفلك الأمريكي فقط.
الملفت أن التحالف الأمريكي الستيني جاء بعد قرارات مجلس الأمن الدولي، التي أكدت وفي أكثر من مرة على تجفيف منابع تمويل الإرهاب، وإغلاق الحدود مع سوريا من قبل الدول المحيطة بهذا البلد لمنع تدفق الإرهابيين، من والى سوريا، ومنع شراء وتهريب النفط والآثار السورية، ولكن وتبين بعد مرور كل هذا الوقت الطويل على القرارات الأممية، إن هذه القرارات بقيت حبرا على ورق، ولم تلتزم بها حتى الدول الموقعة عليه، او الدول المشاركة في التحالف الأمريكي الستيني ضد “داعش”.
عدم جدية أمريكا وحلفائها في مكافحة “داعش” ساهم في أن تجد “داعش” أراض واسعة تحت سيطرتها، وتشعر بذلك بالأمان، وهو ما جعلها تخطط لتنفيذ هجمات خارج جغرافيتها، كما حصل في لبنان وفرنسا، وعدم الجدية هذه ألقى ظلالا من الشك على الحملة التي تشنها أمريكا وحلفاؤها على “داعش” خلال كل الفترة الماضية، حيث بات واضحا أن هناك إرادة واضحة لدى أصحاب القرار في العواصم الغربية وفي مقدمتها واشنطن وباريس ولندن، بعدم الإسراع في استئصال “داعش”، التي كانت تنمو وتتمدد أمام ناظرهم.
ثلاثة أخبار في غاية الأهمية تناقلتها وسائل الإعلام العربية والعالمية، بعد تفجيرات باريس، تؤكد أن ما كان يجري لحد الآن، تحت يافطة التحالف الدولي لمحاربة “داعش” ليس إلا مسرحية وضحك على الذقون، الخبر الأول كان مصدره واشنطن حيث أعلنت الإدارة الأمريكية أنها وبعد أحداث باريس شنت ضربات جوية ضد 175 هدفا على الأقل في المنطقة الرئيسية المنتجة للنفط التي تسيطر عليها “داعش” بهدف وقف مصدر تمويل رئيسي يقدر أنه يدر على “داعش” أكثر من مليون دولار في اليوم.
وجاء في تفاصيل الخبر ان وزارة الدفاع الأمريكية اكدت إن الضربات الأخيرة التي نفذتها في سوريا ألحقت أضرارا كبيرة بقدرة “داعش” على تمويل نفسها، وتركزت على المنشآت النفطية قرب دير الزور والبوكمال والتي توفر نحو ثلثي عائدات”داعش”.
اما الخبر الثاني، فكان تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، حيث أعلن خلاله إن بلاده ستبدأ عملية مع تركيا للانتهاء من تأمين حدود شمال سورية، وان البلدين أغلقا 75 في المئة من الحدود التركية مع سورية وتبقى 98 كيلومتراً فقط.
أما الخبر الثالث فكان الاعتراف الواضح للأمير الأردني الحسن بن طلال في مقابلة مع المحلل الامريكي روبرت فيسك، عندما سئل عن مصادر تمويل “داعش”، فقال بالنص:” ان لم تكن دول الخليج (الفارسي) فمن يفعل؟”، تاركا السؤال برسم الإجابة.
هنا نتساءل: لماذا لم تقصف امريكا والحلفاء قبل الان النفط “الداعشي”، الذي يعتبر المصدر الرئيسي لتمويله في سوريا والعراق؟، والى من كانت “داعش” تبيع النفط؟، الا يعني هذا ان التحالف الأمريكي كان يراقب النفط السوري المهرب الى تركيا دون ان يفعل شيئا؟، الا يؤكد هذا ان التحالف الامريكي كان يكذب عندما يقول انه جفف مصادر تمويل “داعش” خلال كل الفترة الماضية؟، لماذا انتظر التحالف الامريكي كل هذه الفترة ليقصف الان “نفط داعش”؟
اما الصحوة الامريكية التركية المتأخرة لاغلاق الحدود التركية مع سوريا، ترى لماذا جاءت الان؟، ولماذا ترك هذا الثنائي الحدود مفتوحة على مصرعيها امام مئات الالاف من التكفيريين والمتطرفيين، وصهاريج النفط، والاثار، والبضائع والاسلحة، خلال كل الفترة الماضية؟، ولماذا لم يفكرا باغلاقه قبل الان؟ وماذا كان ينتظران؟
اما اعتراف الامير حسن، وان كان لا يغير من الحقيقة شيئا، فما قاله لا يضيف معلومة لما يعرفه الجميع، من ان اكثر اعضاء التحالف الستيني “نشاطا ضد داعش” من العرب وخاصة السعودية والامارات والبحرين وقطر، هم من اكبر ممولي “داعش” ماليا وتسليحيا واعلاميا، هنا نسأل: هل كانت امريكا تجهل هذه الحقيقة التي يعرفها الجميع، واكدها الامير حسن، الذي تعتبر تصريحاته في هذا الباب “وثيقة” لمكانة ودور الرجل؟، واذا كانت لا تجهل، ترى لماذا لم تضغط على “حلفائها في مكافحة داعش” ؟!!، اذا كانت امريكا تترصد على مدار الساعة كل الحساب في كل زاوية من زوايا المعمورة بحثا عن حساب يمكن ان مرتبطا بايران او حزب الله، لما اصبحت عوراء عمياء عن كل هذه الاموال الخليجية الضخمة المرسلة الى “داعش”؟
اخيرا من حق شعوب العالم، ان تشكك بالرواية الامريكية الغربية العربية بشان تحالفها ضد “داعش”، بل من حق هذه الشعوب ان تشك بوجود ارادة امريكية صهيونية تدير التوحش “الداعشي” من اجل تمزيق دول هذه الشعوب وتحقيق اهداف في غاية الخبث، لا تصب الا في صالح الكيان الصهيوني الذي يرقص طربا على اصوات الانفجارات “الداعشية” التي لا تحصد الا ارواح الابرياء وخاصة المسلمين.