تعز العز

سباق التسليح …الخليج السوق الرائج لمفاخر الصناعات الأمريكية والفرنسية

 

سباق التسليح.. أشعلته أمريكا لتتقاسمه مع فرنسا وتتصدره السعودية

 

رغم ما تعانيه منطقة الخليج من أزمات اقتصادية وخطط تقشفية، إلا أنها اندفعت لعقد صفقات بمليارات الدولارات لشراء الأسلحة من الدول الغربية، خلال الفترة الأخيرة، وظلت أولوية الدول مُنصبه على طمأنة هواجسها الأمنية القائمة والمحتملة، فتصدرت الرياض القائمة، ومن خلفها باقي دول الخليج، ليصب كل ذلك في مصلحة الشركات العملاقة المنتجة للأسلحة بالدول الكبرى والمتحكمة فيه، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر أكبر المستفيدين من أي نزاع تتورط فيه الدول العربية بوجه عام والخليجية على وجه الخصوص.

أمريكا وفرنسا أبرز المستفيدين

لعبت أمريكا جيدًا على تهويل وتضخيم المشكلات أمام أعين الدول الخليجية، بل وخلق فزاعات لتبث الرعب في نفوس قادتها وشعبها، فتبدأ الأخيرة في البحث عما سوف يحميها من المخاطر، فتخرج أمريكا لتقديم مساعداتها ومحاولات طمأنتها، وتصبح الحامي للمنطقة الخليجية، وبذلك تظل المنطقة تحت طوق الإدارة الأمريكية ورئيسها، وتتخذ شرعية ابتزاز المنطقة الخليجية بكل سهولة.

على مر العصور، تنقلت أمريكا بمنتهي الثبات بين الكثير من المزاعم، وسعت إلى اختلاق العديد من الفزاعات لتجبر الدول الخليجية على إهدار أموالها ووضعها في الخزانة الأمريكية بكامل إراداتها، فمن الحرب على العراق إلى الحرب على اليمن، ثم مكافحة تنظيم داعش في سوريا، إلى إشعال الحروب الإقليمية والطائفية والمذهبية، وآخرها الحرب بين السنة والشيعة في العراق وسوريا، وصولًا إلى النووي الإيراني، كلها أوتار حساسة لدى الدول الخليجية، خاصة المملكة السعودية، عرفت الإدارة الأمريكية أن تضرب عليها في الوقت المناسب.

دافع التخوف الخليجي من تهديد النفوذ الإيراني، الأمر الذي ركزت عليه السياسة الأمريكية في الفترة الأخيرة، فاستطاعت من خلاله أن تعقد عشرات الصفقات بمليارات الدولارات لتنتفع بها، ما أحدث طفرة في الأرباح بالنسبة للشركات الأمريكية، لا سيما أن السعودية تعد من أكبر مشتري الأسلحة الأمريكية.

كشف معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم «سيبري» في مارس الماضي، أن صادرات الأسلحة إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، قفزت بنسبة بلغت حوالي 70% خلال الفترة من 2005 – 2009 وحتى 2010 – 2014، ما يمثل 54% من إجمالي واردات الأسلحة إلى الدول في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 2010 – 2014.

وأكد التقرير أن الدول في مجلس التعاون الخليجي استثمرت بكثافة في ترساناتها من عام 2010 حتى 2014، وجميع الدول الست يمكن أن تكون أسواقًا مربحة للأسلحة البريطانية، وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تخطط وتلعب بمفردها، بل تقاسمت كعكة الابتزاز مع حلفائها الاستراتيجيين فرنسا وبريطانيا، فشكلت أمريكا ما يقرب من نصف إجمالي مبيعات الأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط، يليها روسيا والمملكة المتحدة، مشيرًا إلى أن أكبر مُصدري السلاح في العالم في السنوات الخمس الماضية الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا.

3 مخاوف سعودية

منذ أن وقعت إيران والمجموعة السداسية على الاتفاق النووي في يوليو الماضي، اندلعت مخاوف لدى المملكة من نفوذ إيران الجديد وقوتها التسليحية والاقتصادية؛ خاصة بعد رفع العقوبات عنها، الهواجس السعودية دفعت آل سعود إلى محاولات تأمين نفسها؛ من خلال عقد صفقات أسلحة، أهدرت فيها مليارات الدولارات مع الدول الغربية، وفي الوقت الذى عززت أمريكا المخاوف، بل ونقلها إلى باقي الدول العربية المجاورة، لتسير على درب الرياض، وتبدأ في طلب شراء الأسلحة بكميات كبيرة تخدم المصالح الغربية وخاصة الأمريكية.

محاولات آل سعود مجاراة قوة إيران – عدوها اللدود- لم يكن السبب الوحيد في سعى المملكة للحصول على أكبر قدر من الأسلحة المتطورة، بل جاء أيضَا خطر المد التكفيري الذي تقوده داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية على رأس الأسباب التي دفعت المملكة للإنجرار وراء إهدار الأموال في الصفقات التسليحية، بعدما شعرت الرياض بأن الإرهاب الذي مولته ودعمته في سوريا منذ سنوات بدأ يكبر ويترعرع في أحضان منطقة الشرق الأوسط، ووصل إلى قلب بعض العواصم العربية، ما يجعلها مهددة في أي وقت بأن يصل الإرهاب إلى أراضيها، خاصة في ظل التفكك الأمني الواضح على الحدود السعودية.

التعويض عن فداحة الخسارة في المستنقع اليمني، الذي افقدها الكثير من العتاد العسكري وجعلها تستنفذ معظم الثروة التسليحية الخليجية، كان أيضًا من أبرز الأسباب التي على أساسها عقدت الرياض صفقات تسليحية مؤخرًا، رغم ما يعانيه اقتصادها من أزمات ظهرت جليًا في حملة التقشف الواسعة التي بدأ الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في إطلاقها بمختلف قطاعات الدولة؛ بسبب ارتفاع العجز في الميزانية إلى 20 %، واضطرت السعودية لسحب حوالي من 50 إلى 72 مليار دولار من الاحتياط المالي خلال الستة أشهر الأخيرة، الذي يقدر بحوالي 670 مليار دولار، كما طرقت السعودية أيضًا باب الإقراض عبر إصدار سندات لتمويل عجر الميزانية، فأصدرت الرياض سندات سيادية بقيمة 5.33 مليارات دولار في شهر أغسطس الماضي، لمواجهة العجز والأعباء المالية الأخرى.

أبرز صفقات 2015

مع توتر الوضع الإقليمي والدولي وبناء تحالفات جديدة وتغير خريطة السياسات الاستراتيجية، شهد سوق شراء الأسلحة في المنطقة العربية عامة ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص انتعاشا في الصفقات التسليحية، فأبرمت الدول الخليجية عشرات الصفقات التسليحية، وأنفقت مليارات الدولارات خلال عام 2015، وتوجهت معظمها للسلاح الجوي.

وتتمتع دول الخليج الست بأكثر من ألفي و346 نوعا مختلفا من طائرات سلاح الجو، وتتخذ فيها السعودية نصيب الأسد، فتمتلك العدد الأكبر من طائرات سلاح الجو، بـ946 طائرة، بين مقاتلات دفاعية وأخرى هجومية، وحوامات مقاتلة وأخرى للنقل الحربي، وتلي السعودية، الإمارات برصيد 768 طائرة، ثم البحرين بعدد أقل بكثير لا يزيد على 179، فالكويت بـ172 طائرة، فسلطنة عمان بـ157 طائرة حربية، وأخيرًا قطر بـ124 طائرة.

على مستوى صفقات عام 2015، كان للرياض أيضًا النصيب الأكبر فيها باعتبارها الدولة الأقوى عسكريًا بين دول مجلس التعاون الخليجي، مرورًا بقطر وانتهاء بالكويت، فخلال شهر أبريل افتتحت السعودية موسم صفقات الأسلحة بعقدها لصفقة سلاح «باتريوت» مع أمريكا بلغت قيمتها 2 مليار دولار، أما في مايو، وقعت قطر صفقة مع فرنسا لشراء 24 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز رافال، بقيمة 6.3 مليار يورو، وشملت الصفقة شراء صواريخ من نوعية «إم بي دي أيه»، كما عقدت الكويت صفقه لشراء 28 طائرة مقاتلة أمريكية من طراز «إف 18 سوبر هورنيت» لتبلغ قيمة الصفقة 3 مليارات دولار.

في يونيو، وقعت شركة «بوينج» الأمريكية عقدًا مع الرياض لتزويدها بخدمات دعم وأعمال الصيانة ما بعد الإنتاج لمروحيات أباتشي، بتكلفة تبلغ حوالي 41 مليون دولار، كما أبرمت السعودية صفقات عسكرية مع فرنسا تبلغ قيمتها 12 مليار دولار، واشتملت على 23 طائرة هليكوبتر طراز «H145» من شركة إيرباص.

وخلال شهر يوليو، توالت الصفقات العسكرية، فاستغلت أمريكا خوف الدول الخليجية عقب توقيع الاتفاق النووي الإيراني، وبدأت في عقد صفقات ضخمة مع دول مجلس التعاون، بعدما منح البنتاجون عقدًا لشركة «رايثيون» الأمريكية المتخصصة في أنظمة الدفاع وبيع الأسلحة لتوريد 355 صاروخ جو أرض من طراز «إيه جي إم-145» للمملكة العربية السعودية، ويبلغ قيمة العقد 180 مليون دولار، وفي نفس الشهر، عقد الطرفين صفقتي صواريخ وذخيرة تبلغ قيمتهما 5.9 مليار دولار، وتشتمل على بيع 600 صاروخ «باتريوت» وملحقاته، كما وافقت الخارجية الأمريكية على صفقة ذخيرة مع السعودية تبلغ قيمتها 500 مليون دولار، أما في سبتمبر، وقعت «بوينج» عقدًا مع السعودية لتزويدها بـ 13 صاروخًا من طراز «هاربون بلوك 3» المضاد للسفن، بالإضافة إلى 7 حاويات لصواريخ هاربون الذي يتم إطلاقها من الهواء، وتبلغ قيمة العقد الإجمالية حوالي 22 مليون دولار، كما وقعت الكويت في نفس الشهر مذكرة تفاهم تقتضي شراء 28 طائرة يوروفايتر الإيطالية، لتبلغ قيمة الصفقة 8 مليارات يورو.

في أكتوبر، وافق البنتاجون على عقد صفقة مع المملكة لبيع 9 طائرات هليكوبتر «بلاك هوك»، بالإضافة إلى 21 محركًا من نوع «تي- 700 جي إي» و«دي 701» وبلغت قيمة الصفقة 495 مليون دولار، كما وقعت الكويت مع فرنسا صفقة لبيع منتجات صناعية دفاعية من الأخيرة، وبلغت قيمة الصفقة 2.5 مليار يورو، تشتري الكويت بمقتضاها أسلحة وذخائر وعربات عسكرية و24 مروحية عسكرية من طراز كاركال، وفي نوفمبر، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية موافقتها على إتمام صفقة سلاح مع السعودية تبلغ قيمتها 1.29 مليار دولار أمريكي، وتقتضي شراء السعودية 22 ألف قنبلة ذكية متعددة الأغراض.

_____

#عاصفة_الحزم_تنسف_الميزانية

===

#المركز_الأعلامي_تعز

قناة المركز على التلغرام

telegram.me/taizznews