تعز العز

تعز تهدي اليمن فلذات أكبادها ( جداريــة الشهــادة )

عبر الآلاف من المجاهدين والمئات من الشهداء، كانت محافظة تعز تسجل اسمها بأحرف من ذهب في ملحمة الدفاع عن اليمن. فعبر ركام الدمار وآهات الجرحى ومواجع القتل الوهابي الموحش ورحلات النزوح عن المسكن والأرض، لا زالت الأقدام منتصبة بشموخ.. إنها قصة 4 أعوام من التنكيل، استطاع فيها أبطال تعز، ومعهم كل مقاتلي اليمن الشرفاء، رسم المعركة، وأن يسقطوا أسطورة الأمريكي الخارق والبريطاني المخطط والإسرائيلي الموعود والخليجي الممول.

على مسرح الحرب ومن خلف الكواليس لاتنقطع ولن تنقطع الأحاديث عن البطولات التي قدمها أبطال محافظة تعز في جبهات الدفاع والذود عن الوطن، وستبقى حكايا أحرار تعز وأبطالها مع رفاقهم في الجيش واللجان الشعبية طيلة 3 أعوام من الحرب الكونية وبكافة الجبهات، فخراً للأجيال اليمنية.
عندما تقدم أسرة كـ(بيت الكمالي) 12 شهيداً يتوزعون على خارطة جبهات تعز (المخا والصراري والصلو) وعشرات المقاتلين في جبهات الداخل وما وراء الحدود.. وعندما تقدم عزلة الشريف في شرعب، التي تقع فيها قرية هذه الأسرة، العشرات من الشهداء والمئات من المجاهدين المدافعين عن الوطن في وجه أقبح عملية حرب بقيادة أمريكا والسعودية ومجموعة الدول الإرتزاقية وخونة اليمن.. ماذا يعني!
عندما تقدم وتضحي مراراً عزلة مورخة أيضاً في شرعب، ومعها كل قرى وأسر المحافظة.. بالتأكيد سيكون الجواب.. إنها تعز خاصرة اليمن الأليمة في وجه العدوان.

بشكل مستمر ومنذ البداية يرحل ذو يزن المقطري من جبهة إلى جبهة (من صرواح مأرب إلى بقع صعدة)، ويصاب عبدالوهاب الحسام في حارة قريش بالجحملية نهاية 2016، بعد مشوار نضالي وقتالي وإيماني بالثورة منذ حرب عمران 2014.
عندما يرابط أدهم صلاح الدكاك في جبهة نهم، ومطهر الكمالي في جبهات ما وراء الحدود.. عندما يستشهد فواز وابل وعبدالإله العيزري في وسط مدينتهما,ويستشهد علي طربوش في جبهة الكدحة, ويستشهد جمال علي عبدالله الشرفي في جبهة صرواح مأرب, ويستشهد عدنان محمد القيرعي في جبهة الحدود, ويستشهد حسن عبدالوهاب سرور في جبهة عسير، ويستشهد عبدالناصر محمد الجنيد في جبهة جيزان، ويصنع أبو نصر الحميري ملحمة النصر والشهادة في معركة (السلم) بموقع ضبعة العسكري بجبهة نجران..
مرة أخرى وأخرى سيكون الجواب إنها تعز ثغر اليمن، وسطرها الناصع في يوميات حرب الكرامة.
هي تعز الميزان (مع أول أيام العدوان التحق بالجيش واللجان الشعبية أكثر من 500 مقاتل من أبنائها في جبهات ما وراء الحدود، بحسب شهادة قيادي ميداني كبير في صفوف اللجان الشعبية) واللغز (عقولها يعملون بسرية مطلقة في القوة الصاروخية والتصنيع الحربي) وملاحم البطولة لمحافظة رمت بفلذات أكبادها حباً وإيماناً بالدفاع المقدس عن اليمن الكبير.

وهنا أيضاً قصة (أبو نصر الحميري) ابن مديرية شرعب الرونة – محافظة تعز، بطل وشهيد معركة (السلم) في موقع ضبعة العسكري بجبهة نجران.
ففي تقرير عسكري مصور للإعلام الحربي اليمني في الـ10 من يناير العام الجاري، تبدأ هذه القصة البطولية النادرة بتقدم 7 من الأبطال اليمنيين، في مقدمتهم البطل الحميري، إلى الموقع، و(السلم) أهم سلاح سيستخدمونه في عملية إسقاط موقع الضبعة الحصن العسكري السعودي البالغ التعقيد والذي يحتمي خلفه الجنود السعوديون. يستمر المسير مشياً على الأقدام لمسافة ساعة، وبعدَ بلوغ المكان قبل الأخير، يتم رفع السلّم لمسافة 15 متراً، واستخدامه لعبور العقبة الجبلية الأكبر. يمر الجميع من على السلم ويواصلون المشيَ مسافة أمتار، لتبدأ بعدها معركة (نزلة السلم)، ليقع العدو السعودي -وبين أفراده ضباطٌ- ضحية لمباغتة المقاتل اليمني القادر على الوصول إلى أية نقطة يُقرر بلوغها.
بعد 3 دقائق من العملية, تبدأ المغادَرة بعد التأكُّد من قتل الجميع، يحمل الأبطال الغنائمَ، ويحملون كذلك جثة البطل المغوار أبو نصر الحميري، ويعودون إلى مواقعهم.

فاتورة كرامة
دفع أبناء تعز فاتورة باهظة من الدماء، فقد وضعت جملة من الانسحابات المفاجئة التي قام بها الجيش الذي كان يوالي الرئيس السابق عفاش، العديد من أبناء تعز تحت رحمة مرتزقة العدوان الذين أقاموا ولائم بشعة من القتل والذبح والصلب والسحل وتقطيع الأجساد بطرق وحشية لكل من وقف مع الجيش واللجان الشعبية (أبرزها عمليات التطهير العرقي لآل الرميمة في مشرعة وحدنان، وعملية تطهير آل الجنيد في قرية الصراري/ صبر، وسحل المواطنين في منطقتي الحصب وبيرباشا بمدينة تعز).
ففي اللحظة التي انهارت فيها كل المتاريس داخل أحياء تعز، وسقطت في يد دواعش الاحتلال، جاءت الأوامر بأن المعركة ميئوس منها، صمدت حارة صغيرة في حي الجحملية بعدد محدود من المقاتلين يقودهم بطل رياضي اسمه أكرم عبدالغني.. قاتل الشباب بذخائر وعدة محدودة، وسجلوا صموداً أسطورياً قبل أن تسقط متاريسهم الأخيرة في حارة قريش.
في يوم الخميس الدامي 17 نوفمبر 2016، عندما سيطرت جحافل الارتزاق والعمالة على بعض مناطق الجحملية، كانت المشاهد تتوزع على مدى الحقد والكراهية والاندفاع لزواحف الوهابية بإقامة ولائم الدم على شرف أبطال قدموا أرواحهم فداءً لأرضهم وعرضهم وهويتهم الوطنية.
سحل وصلب البطل فواز راشد، وصلب جميل الجنداري، إلى جانب استشهاد مجموعة من خيرة أبناء الجحملية كـ: محمود الجرموزي وفيصل دوس ورامي المحني.
ومن حارة صغيرة في مدينة تعز، إلى قرية المطالي التابعة لعزلة الأقروض بمديرية المسراخ.. ففي هذه القرية برزت النواة الأولى لمقاومة الزحف السرطاني القاتل لدواعش تحالف العدوان عبر بطل آخر.. عبدالولي الجابري أحد أعيان محافظة تعز، والنائب البرلماني، قاد بضعة مقاتلين، وأمنوا قرى المديرية، وسيطروا في فترة قصيرة على مواقع جديدة كان سبق لها أن وقعت في أيدي المرتزقة, ولمدة عام ونصف استطاع المقاتلون وبإسناد من اللجان الشعبية حماية مناطقهم وسط ظروف مميتة وضربات انتقامية من مقاتلات التحالف الأمريكي السعودي، والتي كانت أبشعها عندما قصَفَ طيرانُ العدو في نهار الـ29 من نوفمبر 2015، تجمعاً نسوياً بالقُرب من بئر مياه في قرية المطالي، مَـا أَدَّى إلى استشهاد 12 امرأة.

أفخاخ في طريق الحرية
قُتل غدراً بسام عبدالغني الجنيد بعد أن استدرج إلى منطقة كلابة في تعز في 2014..
وقتل أحمد حسن عبدالوهاب، ومثل بجثته صباح الثالث من يونيو 2015.
قتلت الأيدي الآثمة إبراهيم عامر وفكري البروي وابن محمد صغير وابن الوليدي وعامر العامري ومحمد صدقي شامي.
قتل غدراً الجندي خليل إبراهيم أحمد علي مهيوب الجنيد وهو يؤدي واجبه في نقطة أمنية في مدينة تعز.
واستشهد البطل أحمد العزي مع 3 من رفاقه إثر استهدافهم بقذيفة وسط المدينة.
وفي عمليات جبانة لعصابات العدوان استشهد الشيخ صلاح الشرفي و4 من مرافقيه، صباح السبت 31 ديسمبر 2016, في كمين مسلح نصبه لهم مجموعة من دواعش حزب الإصلاح، وتم إحراق السيارة التي كانت تقلهم أثناء توجههم إلى مديرية شرعب السلام كوسطاء لنزع فتيل احتراب كان يحاول العدوان السعودي ومليشيا حزب الإصلاح إشعاله لفتح جبهة في مديريتي شرعب (السلام والرونة)، في وادي نخلة بعزلة بني سبأ- مديرية شرعب السلام محافظة تعز.
كان الشيخ صلاح الشرفي أحد الأبطال الذين وقفوا في وجه العدوان الأمريكي السعودي على اليمن عامة وتعز خاصة, وهو الأمر الذي أزعج العدوان وأدواته في الداخل من تحركات هذا الشيخ المناضل، فكان الكمين المسلح الجبان الذي نصبه له دواعش حزب الإصلاح، وأسفر عن استشهاد الشيخ صلاح مع اثنين من أشقائه: محمد وعصام عبدالوهاب الشرفي، بالإضافة إلى عبدالله عبده محمد (الثلاثة الأخيرون كانوا عائدين لتوهم من جبهة البيضاء)، ومعهم بطل آخر اسمه عدنان محمد علي.
وفي عملية إرهابية أخرى لأدوات المشروع الوهابي القذر، كانت منطقة شرعب الرونة ومحافظة تعز تشهد فصلاً جديداً من يوميات الغدر.
ففي الـ31 يناير من العام الجاري, أقدم تنظيم داعش على إعدام الشيخ إدريس نصر علي الشرعبي، في كمين نصبته العناصر الإرهابية في عزلة الزراري، في مديرية شرعب الرونة- محافظة تعز.
في البداية هاجمت العناصر الإرهابية التي يقودها الإرهابي أبو هاجر المصري، سيارة شيخ عزلة الزراري، في مديرية شرعب الرونة، أثناء عودته وأولاده من تأديته لواجب عزاء، وأطلقت عليه وابلاً من الرصاص، أصيب على إثرها، وقتل أحد مرافقيه.
أنزل الشيخ الذي وقف حائطاً منيعاً في وجه المد الإرهابي الدخيل على منطقته, من السيارة، وكان جريحاً، وقاموا بإعدامه ذبحاً أمام أبنائه بطريقة مرعبة.
منذ عامين كانت هذه العناصر الإرهابية المنتمية لتنظيم داعش، والتي يتزعمها إرهابي مصري يدعى (أبو هاجر المصري)، والذي يقاتل إلى جانبه عدد من المقاتلين الأجانب وعدد آخر من أبناء المنطقة المنتمين لحزب الإصلاح، قد اتخذت من قرية الكدرة في عزلة الزراري، ومشروع مياه مقبنة مقراً لها، وعملت خلال تلك الفترة على ممارسة أنشطتها، واستقطبت العديد من أبناء المنطقة إلى صفوفها.

الحالمة.. علامة كاملة
لتعز بطولات وتضحيات جسام ترهب أعداء الوطن، وتلجم كل من في قلبه مرض.. فمن يتعرض بالتحريض والهجوم والإهانة لهذه المحافظة المباركة عليه أولاً أن يقرأ بتمعن ملاحم أبطالها في كل جبهة من جبهات الصمود والعزة، ويدرك وقوف الكثير من أبناء تعز الأحرار الشرفاء باستبسال منقطع النظير مع إخوانهم المدافعين عن سيادة الوطن والمقاومين لفيروسات الإرهاب الوهابي ومدجني العمالة والخيانة والتبعية الخارجية.
غالبية المجتمع في تعز دافعوا عن مناطقهم، وقاوموا مد العدوان الغازي، وكانوا في مقدمة الصفوف مع أبطال الجيش واللجان الشعبية سواء في المناطق التي كانت أو مازالت تخضع لسيطرة الجيش واللجان أو في جبهات الصمود والعزة والكرامة داخل حدود الوطن وخارجه.
قدمت تعز ولازالت تقدم قوافل وسلاسل طويلة من الأبطال المشاركين مع إخوانهم الآخرين من مختلف محافظات البلاد في معركة النفس الطويل في كل الجبهات، واستقبلت الكثير من أبنائها العائدين اليها كشهداء وجرحى..لا يأبه أبطال تعز في تعليق صورهم كشهداء، ولا يحفلون بوضعهم في لوحات ضخمة في شوارع العاصمة.. فقط يقاتلون دفاعاً عن الوطن بصمت. إنهم شعراء محاربون يؤمنون بواجبهم تجاه الله والوطن والثورة.
كثيراً ما يتنفس أحرار وشرفاء تعز من نسمات المجد اليمني مع كل حدث.. وقليلاً ما ينفكون صبراً أمام لدغات ثعابين العدوان، ومع كل فحة تصدرها أنيابها السامة بالتقليل من شأن بطولاتهم وربطها بأراجيف خائبة تتحدث عن محافظتهم كبيئة تلد كل ما هو قبيح ودخيل على اليمن, ليدور في فلك هذه الكيدية كل من في نفسه مرض.
بشكل رئيسي اختار تحالف العدوان الأمريكي السعودي محافظة تعز وعاصمتها كساحة لتنفيذ مشاريعه الساعية لاستهداف اليمن وضرب مسيرة ثورة الـ21 من سبتمبر.
لكن الكثير يعرف ما هو دور أبناء تعز الأحرار في معركة الوطن ضد العدوان السعودي الأمريكي, كما يدرك الجميع المحور الهام لشرفاء هذه المحافظة وأهميتها كلاعب رئيسي على ملعب الأحداث اليمنية.
علينا أن نستوعب الأمر في هذه المرحلة الصعبة.. فعندما أطلق الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي مشروع المسيرة القرآنية, صرخ صرخة الحق ضد العدو الحقيقي للأمة والإنسانية، وهم أمريكا وإسرائيل, لم يصرخ الشهيد المعلم بالموت لسنحان أو حاشد، لأنه اختار توجيه السلاح لمن يمتلك ريموت التحكم بإدارة الصراع، وينشر الحروب والموت

✍طلال سفيان

 

#بدمائنا_نصون_أعراضنا

 

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا