تعز العز

باحثون: السعودية والإمارات تستخدمان برنامج تجسس إسرائيلي ضد مواطنيهم

كشف تقرير حديث لمركز الأبحاث “ستزن لاب” أن السعودية والإمارات كانتا من ضمن البلدان التي تستخدم برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” على نطاق واسع. وذكر بأن البرنامج هو من إنشاء شركة” إن إس أو” المصنعة لبرامج التجسس والتي تتخذ من تل أبيب مقراً لها.

وأكد التقرير بأن السلطات في السعودية والإمارات تستخدم “بيغاسوس” للتجسس على المواطنين وتتبع الناشطين والحقوقيين. وذكر التقرير، الذي نُشر يوم الثلاثاء، بأن النتائج التي وصل إليها الباحثون ترسم صورة قاتمة لتدهور وضع حقوق الإنسان بسبب الانتشار العالمي لبرامج “إن إس أو”. كما أشار إلى أن استخدام السعودية والإمارات لبرنامج “بيغاسوس” قد بلغ أوجه في الفترة بين أغسطس/آب 2016 وأغسطس/آب 2018، حيث تمركز استخدام البرنامج في منطقتين في دولة الامارات ومنطقة في السعودية.

وأكد التقرير بأن العديد من البلدان التي تستخدم “بيغاسوس” بشكل ملحوظ، كان قد تم ربطها سابقاً بانتهاكات لحقوق الإنسان، وبتاريخ معتبر من الاستهداف التعسفي للمجتمع المدني. وذكر البحرين وكازاخستان والمكسيك والمغرب والسعودية والإمارات كمثال. كما نوه التقرير على وجود مشغلين عرب يجرون عمليات مراقبة خارج حدود بلادهم، في كندا وفرنسا واليونان وبريطانيا والولايات المتحدة.

حوادث سابقة

قامت الإمارات في وقت سابق بالتجسس على هواتف عدة شخصيات عربية من بينها أمير قطري وأمير سعودي وصحفي في لندن. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، في 31 أغسطس/آب، بأن مجموعة “إن إس أو” والشركات التابعة لها شاركت بفعالية عالية لصالح بعض الحكومات في التجسس الإلكتروني على بعض المعارضين والمنافسين سواءً في الداخل أو الخارج، حيث حولت هواتفهم الذكية إلى أجهزة مراقبة.

وأكدت الصحيفة بأن شركة “إن إس أو” كانت قد سلمت تسجيلات تخص رئيس التحرير السابق لجريدة العرب اللندنية، عبد العزيز الخميس، وهو صحفي من السعودية لجهات حكومية. وأكد المعني بأنه أجرى المكالمات من دون أن يعلم أنه يخضع للمراقبة. وحسب ما ورد في “نيويورك تايمز” تم رفع قضيتين ضد الشركة في إسرائيل وقبرص من قبل مواطن قطري بالإضافة إلى صحفيين من المكسيك وعدد من النشطاء في مجال حقوق الإنسان، الذين جرى استهدافهم ببرامج التجسس.

كما نقلت “ميدل إيست آي” عن يحيى عسيري، وهو معارض سياسي وناشط حقوقي من السعودية وأحد الذين استهدفوا ببرنامج التجسس، بأن “الحكومات التي تستخدم هذه التقنيات لديها ما تخاف منه ولا تحترم حقوق الإنسان”. وصف العسيري بأن ما يحدث هو انعكاس لأكاذيب الحكومات التي تستخدم أدوات التجسس الإسرائيلية لمراقبة مواطنيها وتتبع النشطاء، الذين تتهمهم فيما بعد بالخيانة، فيما تدَّعي في العلن العداء لإسرائيل.
تجسس موجّه

توصل الباحثون في مركز “ستزن لاب” إلى أدلة تشير إلى أن البرنامج استُخدم للتجسس على معارضين سياسيين في العديد من البلدان. حيث أكد بيل ماركزاك، وهو باحث كبير في المركز، بأن برنامج التجسس “بيغاسوس” استخدم من قبل الحكومات للتجسس على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين المعارضين والمحامين والنشطاء في مكافحة الفساد. وذكر بأن هذا النوع من نشاطات التجسس وجد بكثافة في 45 دولة، وتضمنت القائمة جميع دول الخليج: السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت، قطر، عمان. يجدر بالذكر أن برنامج التجسس “بيغاسوس” موجود منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث تم الكشف عنه لأول مرة في تقرير خلال صيف عام 2016، وأثار حينها نوبة فزع لانتهاكه لخصوصية الأفراد عبر أجهزتهم وتطبيقاتهم.

ويقوم برنامج “بيغاسوس” بزرع وحدات تجسس بعد فحص جهاز المستهدف ويتم تثبيتها لقراءة رسائل المستخدم وبريده، والاستماع إلى مكالماته، والتقاط صور للشاشة، وكشف تاريخ المتصفح، وجهات الاتصال وما إلى ذلك. باختصار يتيح استخدام هذا البرنامج التجسس على كل جانب من جوانب حياة المستهدف. أسهم مختبر “ستزن لاب” عدة مرات سابقاً من خلال أبحاثه في الكشف عن شراء بعض الحكومات لبرامج تجسس أخرى موجهة لاختراق وتتبع معارضيها السياسيين. وكشفت تقارير سابقة للمختبر عن وجود خوادم لشركات تجسس مثل بلو كوت، وفين فيشر، وهاكينغ تيم في تستخدم في بعض الدول العربية. وأكد على كثافة استخدامها في كلاً من السعودية، والإمارات، والبحرين، والمغرب، والأردن.

حذرت منظمات حقوقية على ضوء أبحاث “ستزن لاب” السعودية سابقاً وأوصتها باحترام حقوق خصوصية الأفراد. كما ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها في 2014 بأنه قد تم رصد استخدام تقنية هاكنغ تيم للتجسس “لاستهداف أشخاص معينين في منطقة القطيف شرقي المملكة السعودية”. وذكر التقرير في حينها بأن استخدام تقنيات كهذه إنما هو “انتهاك للحقوق” تشارك فيه الشركات التي توفر هذه التقنيات دون الحصول على ضمانات للكيفية التي سيتم استخدامها فيها.

وسائل التواصل: أداة قمع أم منبر للحرية نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الأحد 16 سبتمبر الحالي مقالاً للناشطة الحقوقية والمشاركة في تأسيس حركة قيادة المرأة في السعودية، منال الشريف، تحدثت فيه عن استخدام الحكومات لوسائل التواصل الاجتماعي لقمع الحريات واستهداف الناشطين ومحاكمة الحقوقيين.

صرحت الأستاذة منال الشريف في مقالها إلى أن أقرب ما وصلت إليه، في ظل الحكومة الملكية المطلقة في السعودية، من ملامسة للديمقراطية كان من خلال تغريداتها عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”. وأكدت على تعطش المجتمعات العربية للحصول على الحريات مما دفعهم لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مجال الدفع للتغيير والمطالبة بالحقوق، فاستطاعوا من خلال هذه المنصات تأليب الرأي العام والضغط من اجل التغيير الاجتماعي وإشعال الثورات على الواقع الراهن. كما أشارت إلى أن ذلك يعود إلى استحواذ الحكومات والشركات الموالية لها على الإعلام التقليدي في الشرق الأوسط.

وذكرت بأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منصة يقصدها الحقوقيون والناشطون في العالم العربي للتعبير عن آرائهم. وقالت الشريف إن “النشاط الرقمي يأتي بثمن باهظ: إن الأدوات التي نستخدمها لقضيتنا يمكن استخدامها – وقد تم استخدامها – لتقويضنا” ونوهت الشريف بأن البيانات المخزنة على وسائل التواصل الاجتماعي تم اختراقها ومن ثم استخدامها مقابل مبالغ مادية من قبل العديد، بدءاً بشركات الإعلانات ووصولاً إلى الحكومات الاستبدادية.

وأشارت إلى خطورة هذا الانتهاك في حق الخصوصية الفردية، حيث استُخدمت بيانات المستهدفين، من معتقدات وآراء سياسية إلى التفاصيل الشخصية الخاصة، كسلاح ضد أصحابها. وأكدت بأن المشكلة تكمن وراء الدافع الربحي الذي يحرك هذه الشركات. تقول الشريف بأنه في أواخر العام الماضي قام النشطاء بحذف تغريداتهم القديمة كإجراء احترازي حين تواردت شائعات بأن حكومات مجلس التعاون الخليجي قد قررت استخدامها في بناء قضايا ضد النشطاء. وانتقدت الشريف موقع “توتير”، وأكدت بأنه بدأ منذ فبراير/ شباط بتوفير خدمة تمكن من الوصل إلى أرشيفات مستخدميه مقابل مبلغ 99 دولاراً في الشهر. وأكدت بأن هذه تعتبر فرصة منقطعة النظير تتيح للأنظمة القمعية تجميع البيانات ومحاسبة الحقوقيين، مستشهدةً على ذلك باعتقال النشطاء الذين دعوا عبر المنصات المختلفة إلى إنهاء حظر القيادة للمرأة في السعودية قبل أسابيع فقط من التاريخ الرسمي لرفع ذلك الحظر. وأكدت بأن الناشطين سينتقلون إلى الأفضل إذا لم تتخذ شركات التواصل الاجتماعي خطوات ملموسة للحفاظ على الاستخدام الآمن لمواقعها وحماية خصوصية مستخدميها. وأشارت إلى توجه البعض بالفعل إلى منصات أخرى تكفل لمستخدميها طبقة أعلى من الخصوصية.

التهمة: تغريدة

حسب ما نُشر عبر صحيفة “الحياة”، قدمت النيابة العامة السعودية دعوى ضد متهم من السعودية، شملت لائحة الدعوى ضده تهمة “إرسال وإعداد ما من شأنه المساس في النظام العام، من خلال مشاركته تغريدات عبر مُعرِّفه تتضمن انتقاده سياسة المملكة وإثارة الفتنة وتأجيج الرأي العام ضد ولي الأمر، تنفيذاً لأجندات خارجية ضد أمن المملكة واستقرارها، إضافة إلى انتقاده جهات حكومية في المملكة”. كما طالبت النيابة العامة السعودية في أواخر شهر أغسطس/ آب من العام الحالي بإعدام الناشطة الحقوقية إسراء الغمام بالإضافة إلى أربعة ناشطين أخرين على خلفية نشاطهم الحقوقي ومشاركتهم في توثيق النشاط السلمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واكدت هيومن رايتس واتش حينها بأن الاتهامات “لا تشبه الجرائم المتعارف عليها”. وعلقت مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، سارة ليا ويتسن، على الاتهامات قائلة: “كل إعدام مروع، لكن السعي إلى إعدام ناشطين كإسراء الغمغام، غير متهمين حتى بأعمال عنف، أمر فظيع. يوما بعد يوم، يجعل استبداد السلطات السعودية غير المحدود مهمة الترويج لمقولة “الإصلاح” الخرافية أصعب على شركات العلاقات العامة ” كما يواجه حقوقيون في دول خليجية أخرى تهمة “الإساءة للسعودية” عبر تغريداتهم. فهل “خانتنا وسائل التواصل الاجتماعي وصارت أداة قمع لا حرية” كما غردت منال الشريف؟
#ثورة_21_سبتمبر_حرية_واستقلال

أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه

telegram.me/taizznews