تعز العز

صحيفة أمريكية: أمر ليس معتادا في المملكة النفطية الثرية

يبدو أن أيام الرخاء باتت معدودة لدى السعوديين، بسبب سلوك العائلة الحاكمة التي بددت أموال الأجيال، دون أن تدرك أنها قد تواجه أيام سوداء وتدخر لشعبها قرشا أبيض ينفعها في اليوم الأسود، لاسيما في ظل التراجع الكبير لأسعار النفط.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا لمراسلها هيو نيلور، حول ظاهرة عمل الشباب السعودي في القطاع الخاص، وهو أمر ليس معتادا في المملكة النفطية الثرية.

ويشير التقرير إلى فتاة اسمها مريم الحربي، تعمل في مقهى “ستاربكس”، ويقول الكاتب: “إن ظننت أن هذا ليس أمرا غريبا، يمكنك أن تسأل مريم الحربي، أو أيا من الشباب السعوديين، الذي يقلبون البرغر في (ماكدونالدز)، أو يرتبون القمصان في (غاب)، أو يعملون في أي مطعم وجبات سريعة، وسيكون في الغالب جوابهم أن مواطنيهم الآخرين يتمتعون بوظائف حكومية مريحة، وربما يقولون لك كم تعرضوا للسخرية؛ بسبب عملهم في القطاع الخاص”.

وينقل تيلور عن الحربي البالغة من العمر 30 عاما، وهي خريجة جامعية، وتعمل في قسم النساء من “ستاربكس” في “مول المملكة” في الرياض، قولها: “يجب ألا نخاف من القيام بهذه الأعمال”، مشيرا إلى أنها بالتأكيد ليست خائفة، بل تعمل بكل ثقة وتركيز، وتأخذ الطلبات باللغة العربية والإنجليزية، مع أن الراتب قليل نسبيا، إلا أنها متحمسة جدا، خاصة عندما يطلب منها “كاراميل ماكتشياتوس”، حيث تقول: “استمتع بتجهيز(هذه القهوة)، بل أشعر بأن عملها فن”.

وترى الصحيفة ، وفق “عربي21″، أن مثل هذا الحرص على العمل في قطاع الخدمات قد يكون هو ما تحتاجه السعودية، حيث يعاني الاقتصاد من التراجع في أسعار النفط، مشيرة إلى أن الحكومة اضطرت لاتخاذ إجراءات شد أحزمة، قد تؤثر على برامج الرعاية الاجتماعية والقطاع العام المتضخم؛ بسبب اعتمادها الكبير على صادرات النفط، وفي الوقت الذي تقوم فيه السلطات بتخفيض الدعم والإنفاق، فقد قامت أيضا بتجميد التوظيف؛ ما جعل من الصعب على السعوديين الحصول على وظائف مريحة وبرواتب جيدة مع الحكومة.

ويذهب التقرير إلى أن اختلال التوازن يبدو أكثر وضوحا في بلدان الخليج المجاورة، حيث أدت الاقتصادات النفطية إلى سيطرة أنماط الحياة المبذرة، من سيارات الرينج روفر إلى ساعات الكارتير ورحلات التسوق إلى أوروبا، ففي قطر مثلا، التي تنعم بتصدير كميات ضخمة من الغاز، فإن معظم مواطنيها يعملون في وظائف حكومية أو مؤسسات تدعمها الحكومة، ويكسب أحدهم دخلا سنويا بمعدل 100 ألف دولار.

ويفيد التقرير بأن الظروف الاقتصادية ساعدت أيضا في إقناع عبدالله العواجي بأن يبدأ العمل في محلات “لاكوستي” قبل شهرين، حيث يكسب أجرا قدره أكثر من ألف دولار بقليل في الشهر، مشيرا إلى أن هذا الشاب النحيف البالغ من العمر 24 عاما من العمر، صار المعيل لأبيه المريض وثماني أخوات وستة إخوة.

وذكرت الصحيفة أن العواجي كان يأمل في الحصول على وظيفة حكومية، لكن كونه خريج الثانوية فقط، فإن هذا الأمر جعل من الصعب عليه ولوج هذا الباب.

وقد بدد النظام السعودي ثروات المملكة في الحروب التي يشنها بصورة غير مباشرة في عدد من بلدان المنطقة، إلى جانب العدوان الذي يشنه على اليمن، إلى جانب تحديات إقتصادية أخرى تتمثل في تراجع أسعار النفط.

وبحسب دراسة نشرتها شركة “جدوى” للاستثمار، فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه المملكة خلال المرحلة المقبلة يتمثل في أزمة ثقة لدى المستثمرين في الاقتصاد السعودي، ربما سوف تستمر لفترة ليس بالقصيرة، في ظل إقدام قطاع كبير من المستثمرين على تحويل أرصدتهم المتواجدة في البنوك السعودية من الريال إلى العملات الأخرى، وكذلك قيام البعض بسحب أموالهم من البنوك السعودية وتحويلها إلى خارج البلاد.