تعز العز

الصحف الأجنبية: لا عودة الى ’الالفة’ بين واشنطن والرياض

رأى باحث أميركي مهتمّ في مجال العلاقات الاميركية السعودية استحالة عودة العلاقات بين الطرفين الى سابق عهدها في ظل الوضع الراهن. وقال إن أوباما ربما أدخل عهداً جديداً من العلاقات الثنائية تسوده الشبهات. وفي الاطار ذاته، رأى باحثون آخرون أنه ليس من مصلحة واشنطن الوقوف مع الرياض ضد ايران، وذلك بالوقت الذي واصل فيه باحثون سعوديون مقربون من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الحديث عن استمرار عقيدة سلمان التي تتصادم وعقيدة أوباما.

* العلاقات الأميركية السعودية في ظل زيارة اوباما الى الرياض

كتب الباحث الاميركي “Simon Henderson” الذي يعد من أهم الباحثين الاميركيين المختصين بالملف السعودي مقالة نشرتها مجلة “Foreign Policy” بتاريخ التاسع عشر من نيسان ابريل الجاري حملت عنوان “الطلاق الطويل“.

وذكّر الكاتب في مقالته بخطاب ألقاه الرئيس الاميركي باراك اوباما عام 2002 بمدينة “Chicago” عندما كان لا يزال عضواً في مجلس الشيوخ الاميركي. أوباما انتقد الرئيس الاميركي جورج بوش آنذاك على خلفية الحرب على العراق، وقال “اذا ما أراد بوش خوض معركة فلنخوضها لنضمن توقف ما يسمى بحلفائنا في الشرق الاوسط – المصريين والسعوديين – عن قمع شعوبهم وقمع المعارضة، وكذلك عن التغاضي عن الفساد وعدم المساواة”.

وأشار الكاتب الى أنه “زيارة أوباما الى السعودية توصف بانها مسعى لبناء التحالفات”، ورجح أن “تسلط الزيارة الضوء على مدى توسيع الهوة بين واشنطن والرياض خلال الاعوام الثماني الماضية (منذ تولي اوباما الرئاسة)”. وقال انه “بالنسبة لاوباما، فان القضية الاساسية بالشرق الاوسط تتمثل بالحرب ضد “داعش””، اذ اعتبر ان “اوباما يريد استمرار غطاء التحالف الاسلامي لهذه الحرب”. ولفت الكاتب الى أن “القضية الاساس بالنسبة الى السعودية هي ايران في وقت ترى واشنطن أن ايران “حليفة محتملة” في الحرب ضد “داعش””.

* انتقادات أوباما الى السعودية ستكون حاضرة في زيارته

الكاتب أضاف إن “موقف أوباما تجاه السعودية لا يبدو أنه تغير منذ خطابه عام 2002 والانتقادات التي وجهها أوباما الى حكام السعودية والتي وردت في مقالة الصحفي “Jeffrey Goldberg” ستكون حاضرة خلال المحادثات التي سيجريها في الرياض”.

 

باراك أوباما وسلمان بن عبد العزيز

وتوقع الكاتب ان يجعل ذلك من “تصريحات أوباما العلنية في الرياض أقل اقناعاً، فبينما سيكون موضوع التعاون بمجال مكافحة الارهاب عنصراً أساسياً في المحادثات، شكك بمقالة “Goldberg” لناحية “الدور الذي يلعبه حلفاء أميركا من السنة العرب في اثارة الارهاب المعادي لاميركا”. كما ذكر بما كتبه “Goldberg” بان أوباما “منزعج من كون عقيدة السياسة الخارجية تجبره على معاملة السعودية كحليف”.

وبحسب الكاتب، فإن “شكوك اوباما حيال السعودية يبدو أنها انتشرت في ادارته، ووصلت الى مرحلة يخشى فيها السعوديون من أن تفضل الادارة الاميركية طهران على الرياض”، معتبراً أن “الجملة التي استحوذت على الاهتمام الاكبر في الرياض ضمن ما ورد في مقالة “Goldberg” هي تلك المتعلقة بضرورة أن تتقاسم السعودية المنطقة مع ايران”.

وهنا، أشار الكاتب الى أن “السعودية لا تريد اطلاقاً مشاركة المنطقة مع منافسها، اذ ترى أن ايران تشكل تحدياً لما أسماه “زعامة السعودية للعالم الاسلامي” وتقوض كذلك مكانة الرياض في العالم العربي”. كما اعتبر أن “ايران تشكل تحدياً لمكانة الرياض كزعيمة عالم الطاقة”، وذلك نظراً الى الاتفاق النووي وما أنتجه هذا الاتفاق من اعادة احياء انتاج النفط الايراني”.

الى ذلك، أكد الكاتب أن أوباما وسلمان يواجهان مشاكل أخرى عندما يلتقيان، اذ رأى انه لن يكون ممكناً تجنب الحديث حول احداث الحادي عشر من ايلول، ذلك في ظل دعوات أعضاء الكونغرس برفع السرية عن “الصفحات الثماني والعشرين” الواردة ضمن تقرير أعدته لجنة تابعة للكونغرس قبل اعوام، والتي يقال انها تشير الى دعم سعودي على المستوى الحكومي وغيره لمنفذي هجمات الحادي عشر من ايلول”. واعتبر أن “حساسية” الرياض تجاه هذا الموضع ظهرت جلياً عندما حذرت من انها ستقوم ببيع ودائع لها بالولايات المتحدة بقيمة مليارات الدولارات في حال مرر الكونغرس مشروع قرار يسمح برفع دعاى قضائية على الحكومة السعودية في المحاكم الاميركية، وذلك على خلفية ضلوع السعودية بهجمات الحادي عشر من ايلول.

وبينما رأى الكاتب أنه “من الصعب التكهن بما ستؤول اليه الامور في هذه القضية، ذكّر بما كتبه بصحيفة “Wall Street Journal” في شهر آب اغسطس عام 2002 والذي بيّن وجود روابط بين منفذي هجمات الحادي عشر من ايلول وآل سعود. كما ذكّر بان مقالته هذه استشهدت آنذاك بتقرير حمل عنوان “المدفوعات الاميرية”، والذي كان قد نقل عن مسؤولين استخباريتين اميركيين اثنين كبار وعن مسؤول سابق بادارة “Bill Clinton” ان أميرين سعوديين اثنين كبار كانا يدفعان المبالغ المالية لزعيم القاعدة السابق اسامة بن لادن منذ تفجيرات الرياض عام 1995 التي قتل فيها خمسة مستشارين عسكريين اميركيين.

وأضاف الكاتب مستشهداً بما كتبه في صحيفة “Wall Street Journal” عام 2002، وقال “اكتشف عددًا من المسؤولين الاميركيين والبريطانيين أسماء الاميرين السعوديين الاثنين. لقد كانا يدفعان مبالغ الى بن لادن من صندوق الدولة، كي يثير الاضطراب في مختلف الاماكن ولكن ليس داخل المملكة”. ولفت الى أن “المبالغ كانت “مئات الملايين من الدولارات” وهي استمرت بعد احداث الحادي عشر من ايلول”. كما كشف بانه “سأل مؤخراً مسؤولاً بريطانياً عما اذا كان دفع هذه المبالغ قد توقف، فأجاب بانه “يأمل ذلك، لكنه ليس متأكداً”.

وشدد الكاتب على ان القيادة السعودية وفي حال ارادت ترميم العلاقة مع الولايات المتحدة، فعليها ايجاد سبيل للإجابة عن كل هذه الاسئلة، لكنه اعتبر بالوقت نفسه ان الانتقادات التي وجهها اوباما في مقالة الصحفي “Goldberg” تجعل العودة الى “الالفة الدبلوماسية والاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة مستحيلة على الارجح باية حالة”.

وفي الختام قال ان ادارة اوباما ربما أدخلت عصراً جديداً من العلاقات بين واشنطن والرياض، وهو عصر تسوده الشبهات وتوسيع الهوة اكثر من الاعوام السابقة. وعليه رأى ان زيارة اوباما الى الرياض ستكون تاريخية “بشكل او بآخر”.

المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “Paul Pillar” كتب مقالة نشرها موقع “National Interest” بتاريخ التاسع عشر من نيسان ابريل الجاري والتي حملت عنوان: “ما الذي فعله السعوديون من اجلنا مؤخراً؟”.

وقال الكاتب ان “مسألة النفط لا تفرض اعطاء اميركا لقب الحليف للسعودية”، مشيراً الى “ثورة النفط الصخري التي غيرت اعتماد واشنطن على النفط السعودي”. واضاف ان “المصلحة الاميركية تقتضي استمرار صادرات النفط على المستوى العالمي”، وبالتالي “كلما توسعت قاعدة الدول التي تستورد النفط السعودي، كلما تقل امكانية فرض السعودية حظراً على النفط لاسباب سياسية”. كما قال ان “الاسواق العالمية تعمل تحت قاعدة البيع والشراء حيث يحصل الزبائن على النفط ولكنهم يدفعون الكثير من المال في المقابل”.

كذلك رأى الكاتب ان “التعاون في مجال مكافحة الارهاب عادة ما يشار اليه على انه مرتبط بالعلاقة الاميركية السعودية، لكنه رأى ايضاً أن “التحالف” غير ضروري من اجل مكافحة الارهاب بشكل فاعل، لافتاً الى ان الجزء الاكبر من التعاون في هذا المجال يحصل خلف الابواب المغلقة.

* السعودية هي التي تزعزع استقرار المنطقة

وشدد الكاتب على أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة الوقوف مع طرف معين في الصراع بين السعودية وايران، متسائلاً عما يبرر ذلك. وقال ان “السعودية هي التي تزعزع استقرار المنطقة جراء دعمها الجماعات التي تحاول الاطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الاسد، والوقوف ضد ايران لا يمكن ان يكون تحت حجة التصدي لانتشار الاسلحة البالستية في الشرق الاوسط، اذ ان السعوديين سبقوا ايران بهذا المجال عندما قاموا بشراء اسلحة متوسطة المدى من الصين قبل اعوام”.

في هذا السياق، اعتبر الكاتب أنه “لا يمكن الوقوف الى جانب السعودية ضد ايران تحت حجة الوقوف مع من يتشارك القيم مع اميركا”، واصفاً “النظام السعودي بأنه الأقل ديمقراطية في العالم حيث لا يوجد في السعودية حريات دينية تفرض قيوداً كبيرة على حريات الافراد”.

وأكد الكاتب ايضاً ان “الولايات المتحدة لن تحصل على اي مكاسب حقيقية مقابل وقوفها الى جانب الرياض ضد طهران”.

الباحث السعودي نواف عبيد من جهته كتب مقالة نشرت على موقع “National Interest” بتاريخ اليوم عشرين نيسان ابريل، قال فيها ان “زيارة اوباما الى الرياض تأتي في وقت تتصادم فيه عقيدة اوباما مع عقيدة سلمان، ما أدى بالتالي الى خلافات ثنائية فيما يخص القضايا الاساسية في المنطقة، مثل سوريا وليبيا، و كذلك صعود القاعدة وداعش، اضافة الى النزاع الفلسطيني” وما اسماه “التمرد المدعوم ايرانياً عبر الارهابيين الوكلاء”.

الكاتب الذي يعد من المقربين جداً الى القيادة السعودية الحالية قال ان “الرئيس اوباما سيقابل بالرياض قيادة سعودية اصبحت مستقلة اكثر فاكثر بينما ترد على التطورات الجيوسيسية المتسارعة في المنطقة” على حد تعبيره. وأشار الى “وجود سببين وراء “الحزم” السعودي الجديد في عقيدة سلمان، الاول هو ان ما يسمى الربيع العربي قد جرّ المنطقة الى دوامة من الفوضى وسفك الدماء، و بالتالي أجبر السعوديين وحلفائهم – وغالباً من دون استشارة اميركا (على حد ما زعم الكاتب)، على معالجة الوضع من اجل الامن الاقليمي و الدولي”، بحسب تعبيره.

اما السبب الثاني فيقول الكاتب انه يتعلق بايران، زاعماً ان “السعوديين ينظرون بعين الشبهة الى كيفية تنفيذ الاتفاق النووي مع ايران” لافتاً الى أنه “تم التوصل الى الاتفاق دون ان يتشاور الاميركيون مع الرياض، والاتفاق النووي قوض مساعي أوباما ضد الرئيس السوري بشار الاسد بغية استرضاء الايرانيين”.

ولفت الكاتب الى أن من بين الدلائل على “الرؤية الاستراتيجية الجديدة في عقيدة سلمان، الحرب على اليمن”، زاعماً بان “السعودية حققت نجاحاً في هذه الحرب”. ووضع كذلك “السياسات السعودية تجاه حزب الله بخانة المؤشرات التي تدل على دور المملكة القيادي الحازم اكثر فاكثر في الشرق الاوسط”. و تحدث بهذا الاطار عن “سحب السعودية مساعدات الى لبنان بقيمة اربع مليار دولار” (الهبة العسكرية) و حذير السواح السعوديين من السفر الى لبنان وكذلك توصيف حزب الله بالمنظمة الارهابية”.

وبينما اعترف بان من شأن هذه الخطوات التأثير سلباً على لبنان، قال إن “الحكومة السعودية مستعدة لاتخاذ “القرارات الصعبة” الضرورية من اجل “معالجة الظلم في منطقة اجتاحتها الكيانات الارهابية المتعددة التي ترعاها ايران”، على حد وصفه. وزعم ان هذه “الكيانات الارهابية” تشمل حزب الله، و”حركاتها الشقيقة” في الكويت والبحرين ومنطقة القطيف بالسعودي، اضافة الى الحشد الشعبي في العراق “والحوثيين” في اليمن و”جناح عسكري محدد في غزة”.

كما أشار الكاتب الى تغريدة “لأحد المتابعين السياسيين السعوديين” التي قال فيها ان “اوباما اشعل الربيع العربي من جامعة القاهرة و ان الملك سلمان اطفأها من جامعة القاهرة”. واوضح ان المراقب السعودي كان يشير الى خطاب اوباما بجامعة القاهرة عام 2009 الذي ينظر اليه اليوم على انه كان حافزاً لما يسمى الربيع العربي، وكذلك الى الشهادة الفخرية التي منحتها جامعة القاهرة للملك سلمان بسبب مساهمته لسلامة العالم.

وبينما لفت الكاتب الى ان البعض قد يتساءل عن سبب ضرورة “اطفاء” الربيع العربي، اجاب بان هذه الضرورة تنبع من كون “الربيع العربي” اشعله “رئيس (اوباما المقصود) احاط نفسه بخبراء مفترضين بمجال الشرق الاوسط الذين يفتقرون الى فهم اساسي للحضارة و الثقافة الاسلامية والعربية، والذين لم يدركوا بعد بان “الثورة” التي دعموها بكل هذه الحماسة دمرت كل شيء في طرقيها تقريباً”.
كما زعم ان السعوديين وحلفاءهم العرب،”خاصة دولة الامارات”،كان لهم الارادة والموارد المطلوبة “لاخماد الحريق”.

===

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا