تعز العز

امرأة من صعدة

بقلم الأستاذ / عبد الله سلام الحكيمي

يقول احد الأصدقاء والذي أثق فيه تمام الثقة بينما أنا في محل الذهب والمجوهرات لإصلاح خاتم زوجتي الذي انكسر في يدها وبينما كنت مندمج في الكلام مع صاحب المحل حول المجوهرات وارتفاع أسعارها وتأثير الحرب المستمرة على اليمن منذ 20 شهرا فإذا بامرأة تقف بباب المحل وخلفها ولد صغير بيده حبل مربوط في ذلك الحبل خروف متوسط الحجم. و تسأل الحرمة صاحب المحل . ‏هل تشتري مني خاتم ذهب . فأجاب صاحب المحل بنعم . وبعد اخذ ورد من صاحب المحل و المرأة اتفقوا على قيمة الخاتم يقول صديقي و أنا انظر إلى هذه الحرمة وحالها وحال ابنها فقلت بان مشكله أو خطب جلل قد أصابها فسالت الصغير أتبيع الكبش بلهجتنا المحلية حتى يفهم الصغير . فقال ايوه نبيعه عشان الوطن فقلت وما دخل الوطن في كبشك فقال أنا يمني لازم ادفع للبنك حتى لا ينكسر ويضيع الوطن . ‏فقلت للحرمة هل كلام الصغير صحيح . فردت بعزه وانفه وشموخ نعم. ‏هذا ولدي محمد الصغير وكان له 3 أخوة استشهدوا جميعا مع والدهم دفاعا عن الوطن . ‏وهنا تدخل صاحب المحل . وهل بعني خاتمك لاجل الوطن . ‏اجابت الحرمة . ‏نعم وهل الذهب اغلى من الرجال ودماء الرجال فو الله لو كان لي 20 ولدا ولو كان لي ملايين الريالات لأنفقتها للوطن جميعا ‏يقول صاحبي . نظرت إلى صاحب المحل ودموعه تنزل من عينيه رغم محاولة إخفائها عني وعن الحرمة . ‏حاول صاحب المحل ان يعرف الحرمة من تكون ومن هو زوجها ولكن دون جدوي . ‏فقالت الحرمة أعطني قيمة خاتمي حتى أروح أبيع الكبش وأروح أتبرع للبنك . ‏اخذ صاحب المحل المبلغ المتفق عليه والخاتم وأعطاها للحرمه ولكن الحرمة ردت عليه بكلام كان اقسي من الرصاص . ‏قالت من يقدم أولاده وأبوهم فداء للوطن لا ينتظر الصدقة والرحمة إلا من الله . خذ خاتمك .. وذهبت ‏يقول صاحبي فو الله إني لم أتمالك نفسي من البكاء و كأني طفل صغير والناس تنظر لي في السوق وصاحب المحل لم يعد يظهر أمام الناس حتى لا يروا حالته. ‏يقول صاحبي وبعد دقائق كلمني صاحب محل المجوهرات وقال ‏أسالك بالله مثل هذه الحرمة وحالتها وتبيع ما تبقي لها وولدها لتتبرع به للبنك ألا يشعرك بالعزة والفخر وهنا اخرج صاحب المحل مبلغ كبير وقال قم معي . قلت وين نروح. ‏قال نروح نتبرع للبنك لا تكون الحرمة التي ضحت بأولادها وزوجها أرجل مننا . ولكنها والله أكثر وطنية من بعض الرجال الذين يقومون بسرقة الناس لمصالحهم الشخصية ونحن في أمس الحاجة لتضافر كل الجهود في هذا الوقت بالذات حتى لا ينكسر الوطن ويضيع المواطن .لله درك من حرمه تعطي دون انتظار الجزاء . ‏اللهم ارحم شهداء اليمن . واشفي الجرحى . و أحفظ اليمن وأهله ‏ ‏هذه قصة من قصص كثيرة في البطولة والتضحية لامرأة من صعدة . وهذه القصة تجسدها المرأة اليمنية في كل المحافظات بكل شموخ وإباء