تعز العز

’احلام ’ اردوغان تتساقط في سوريا والعراق

دخل النظام التركي في الفترة الاخيرة بشكل مكشوف على خط اثارة المزيد من نزيف الدم في كل من العراق وسوريا، بحيث بدا ان اردوغان سعى ويسعى للاستفادة من فشل الانقلاب ضد نظامه في سبيل اعادة احياء ليس فقط اوهام السلطنة العثمانية بل ايضا سرقة مناطق واسعة في البلدين من خلال الدعوة لتعديل اتفاقية لوزان لعام 1923 التي حددت الحدود الحالية للدول الثلاث.
وبدا واضحا ان اردوغان وباقي اركان حكمه لم يتعاطوا ايجابا مع ما قدمته كل من روسيا وايران من دعم سياسي ودبلوماسي شكل غطاء له في مواجهة الانقلاب، بل انه استفاد من اعتراض المعارضة التركية على ما حصل في سبيل قمع معارضيه داخليا والايغال في التدخل بالشأنين السوري والعراقي عبر دعم كل اصناف المجموعات الارهابية. كما كشف بوقاحة عن اطماعه بمناطق واسعة في البلدين ما اسقط رهانات البعض على حصول تبدل في سياسة تركيا حول قضايا المنطقة وبالاخص في سوريا والعراق.

فعلى مستوى الوضع في سوريا تشير مصادر دبلوماسية مطلعة الى ان اردوغان ذهب بعيدا في الاسابيع الاخيرة في اتجاه التدخل المباشر في شؤون سوريا تحت حجج وذرائع واهية وفق الاتي:

اولا: تعمد ادخال قوات تركية الى شمال سوريا لاحتلال مدينة جرابلس وعشرات القرى عبر ما يسمى قوات ” درع الفرات ” بحيث كشفت هذه العملية زيف ادعاءات اردوغان حول ما يسمى محاربة داعش او ابعاد قوات حماية الشعب الكردي عن حدودها، ما اكد ان ما حاصل هو عملية غزو بكل معنى الكلمة .
ثانيا : بعد ان شعر نظام اردوغان ان هناك تغطية اميركية للعملية العسكرية الاولى انتقل لاحقا الى خطة ابعد من ذلك تحت ما يسمى ابعاد قوات حماية الشعب الكردي الى غرب الفرات .

سقوط رهانات اردوغان؟

ثالثا : ذهب في المرحلة الاخيرة الى مسرحيات اعلامية حول نيته اخرج داعش من مدينة الباب تمهيدا لاطلاق عملية عسكرية ضد التنظيم الارهابي في الرقة وكل ذلك في سبيل تبرير احتلال المزيد من المناطق السورية . الا ان الاخطر في سياسة اردوغان انه ارفق عملياته العسكرية بالعودة الى محاولة التأثير في المشهد السياسي في سوريا من خلال الادعاء ان لا مكان للرئيس بشار الاسد في حكم سوريا .
لكن المصادر توضح ان احلام اردوغان العثمانية وتهديده بدخول مزيد من المناطق السورية بدءا من مدينة الباب جرى الرد عليها بشكل قاس من جانب الدولة السورية وحلفائها ما ادى الى ” فرملة ” هذا الجنوح للنظام التركي وبالتالي اضطرار هذا النظام الى العد الف مرة قبل اطلاق عمليات عسكرية جديدة .
اما في العراق فتشير المصادر الى ان سياسة اردوغان في العراق بنيت على نفس الاحلام العثمانية نحو سوريا، بل انه ذهب ابعد من ذلك تجاه العراق من خلال اثارة التجييش المذهبي والطائفي سعيا لاشعال الفتنه بين مكونات الشعب العراقي وهو الامر الذي اتضحت معالمه في غير محطة :

_المحطة الاولى من خلال رفض الانصياع لطلب الحكومة بسحب القوات التركية من معسكر بعشيقة في شمال العراق تحت تبريرات واهية مثل المشاركة في معركة تحرير الموصل مع ان الدولة العراقية ترفض بشكل كامل اي مشاركة تركية في ضرب داعش هناك .
_ المحطة الثانية وهي اثارة الغبار حول مشاركة الحشد الشعبي وقوات البشمركة في معركة الموصل بزعم ان ذلك سيؤدي الى تصفيات عرقية ومن ثم اثارة الغبار حول طلب الحكومة العراقية من الحشد الشعبي تطهير قضاء تلعفر من داعش وبما يؤدي الى منع عناصر داعش من الهروب الى سوريا. وكل ذلك اظهر حقيقة الاطماع التركية في اراضي العراق وسوريا .

لذلك، نسأل: هل ان نظام اردوغان قادر على الاستمرار في جنونه التوسعي وبالتالي تحقيق اطماعه العثمانية ؟
وفق معطيات المصادر فان اي حماقة من قبل تركيا للدخول الى مناطق جديدة في سوريا ستؤدي الى مواجهة هذا التوسع بكل قوة من جانب الجيش السوري الذي لن يقف متفرجا على اي احتلال جديد لمناطق في شمال سوريا. كما ان اوهام هذا النظام للسيطرة على مناطق في العراق ابعد من قاعدة بعشيقة سيواجه ايضا بردود قاسية من الحكومة العراقية وهو ما اكد عليه قبل ايام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومعه كل مكونات الشعب العراقي . ولهذا تبدو المصادر شبه جازمة بان هذه الاوهام لنظام اردوغان قد سقطت او هي في طور السقوط، وبات اقصى ما يمكن ان يحققه هذا النظام هو امتلاك اوراق يريد ان يطرحها على الطاولة عندما تحين التسوية .

حسن سلامة