تعز العز

خلاص بن سلمان بالتخلص من هادي والأحمر

ما كانت تتناقله همسات المفاوضين والعارفين بأسرار المفاوضات اليمنية في الكويت وما تكرس فعلياً في النقاش في لقاءات مسقط، وتُرجم عملياً في اجتماعات التنسيق الأمني في ظهران الجنوب، بات معلناً ومباحاً ومكشوفاً على رؤوس الأشهاد، بعد الكلام الصريح لوزير الخارجية الأميركي جون كيري في معرض إعلانه عن موعد وقف إطلاق النار في اليمن.

فقد وصل ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى لحظة الحقيقة بعد ان كابر وعاند وارتكب ما ارتكب من مجازر ضد اليمنيين، وبات امام امتحان المفاضلة بين الأولويات او الاختيار بين المر والأمرّ، بين أن يستمر في مغامرة انقلبت عليه إخفاقاً يُقدم لهزيمة مدوية تهدد مستقبله في الإمساك بالحكم ومستقبل العائلة الحاكمة برمتها، وبين الخروج من جغرافية اليمن القاسية وديمغرافيتها المعقدة ورجالها الأشداء بأقل الخسائر وتقديم كبش محرقة ما لحفظ ماء الوجه.

بات هاجس بن سلمان الرئيس انسحاب مقاتلي أنصار الله من الجبال الحاكمة التي سيطروا عليها في نجران وعسير وجيزان بعمق يصل إلى عشرات الكيلومترات داخل الأراضي السعودية. لم يعد بن سلمان قادراً على تغطية مشاهد فرار جنوده وتكديس آلياته ودباباته المدَمرة على الحدود وفي العمق، ولم تنفعه غارات طائراته وارتكاب المجازر في صنعاء والحديدة في الحد من اندفاعة أنصار الله نحو ما لا يمكنه منعه في نجران وجيزان. وبعد أن كان الحل السياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية في اليمن في أسفل اعتبارات بن سلمان بعد اشتراطه الانسحاب من الاراضي السعودية وسحب السلاح من صنعاء والمدن، لم يمتلك “مشروع الملك اليافع”  الجرأة على التراجع والإقرار بهزيمته فجاءه وزير الخارجية الأميركي منقذاً عبر خريطة طريق المبعوث الدولي للحل، وعلى رأسها حكومة للوحدة الوطنية في اليمن.

هكذا ودون خجل أو وجل لم يعد عبد ربه منصور هادي رقماً في المعادلة ولا نائبه محسن الأحمر كذلك كما أُريدَ له أن يكون، صار هادي و” شرعيته” التي لأجلها كانت عاصفة الحزم في مهب عاصفة ارتدادية ضربت طموح بن سلمان الآمر الناهي في الحرب على اليمن، وحده لا شريك له، لا والده الغائب في رحلات سياحة استشفائية متلاحقة ولا ابن عمه ولي العهد محمد بن نايف المغيّب عن المشهد قسراً، أو الكامن طوعاً منتظراً لحظة سقوط تخرصات ومراهقات منافسه الشاب ” الأرعن”.

وأسُّ الاستنتاجات أن التقهقر التفاوضي لبن سلمان ليس ناتجاً عن تكتيك ومناورة، بل إن وقائع الميدان فرضت على الشاب المتروك وحيداً يتخبط في عقم خياراته، أن يتخلى عن الحمولة الزائدة ليقلع عائداً إلى ما قبل عاصفة الحزم وما أسست له من تبدل في مشهد المواجهات المفتوحة في المنطقة. عودة خائبة سيكون لها أثراً استراتيجياً متدرجاً في تطورات المنطقة والدور السعودي فيها، لكن آثارها المباشرة ستكون هزيمة ملطّفة الى مستوى إخفاق لبن سلمان وسقوط مدوٍ لخيار السعودية الخروج من دور الممول والمحرض على كثير من الحروب إلى محاولة الخوض المباشر فيها.

علي الحاج يوسف

%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%aa%d9%84%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d9%85