تعز العز

مداخل مفتاحية في مقاربة انصار الله “الخطاب /الحركة” (2)

اشرنا في الجزء الاول بشكل اجمالي الى الضبابية التي تشوش الرؤية عن انصار الله ,وان اكثر مقولات استنزفت جهود الباحثين والكتبة هي مقولة الامامة السياسية ,الصحابة ,العلاقة مع ايران والمذهب الجعفري وهي اولا: مقولات هامشية في الخطاب الحوثي او مفتعلة , وثانيا انه يتم اصفائها تعمدا وتسليط الضوء عليها كجزء من ادوات المكافحة.
من المداخل المفتاحية لتحديد المقولات الاساسية للخطاب الحوثي و حرك انصار الله ضرورة الفصل الاجرائي- كإجراء بحثي- بين انصار الله /الخطاب وانصار الله /الحركة او الكيان الاجتماعي والسياسي .
انصار الله الخطاب: يعني المنظومة الفكرية والمعرفية التي تحدد هوية الحركة واهدافها كما تضمنتها المحاضرات التي كان يلقيها السيد حسين بدر الدين الحوثي على مريديه وتعد المرشد النظري والحركي لانصار الله .
انصار الله الحركة : هي التجلي الخارجي للخطاب بعد ان تتباه كتلة اجتماعية او بشرية ,و هي الصيرورة المستمرة الحاصلة عن جدل الخطاب والواقع الموضوعي ، المجتمع بناه و مؤسساته القائمة وظروفه وصراعاته ومطالبه وأولوياته وضروراته.
الخطاب هو المحدد النظري لهوية الحركة غير ان ظروف وشروط الواقع تتدخل في اعادة تشكل وتطوير البنى الداخلية وتحديد اولويات الخطاب وحتى التعديل والتطوير لهوية الخطاب .
وفي ضوء ذلك نشير اجمالا (تفاصيلها هي موضوع دراسة قادمة في العدد الثاني من مجلة مقاربات سياسية) للمقولات والقضايا الجوهرية للخطاب الحوثي بصرف النظر عن الحامل الاجتماعي والسياسي “انصار الله ” التجلي التاريخي الموضوعي للخطاب الحوثي :
الحقيقة الاولى :خطاب السيد حسين الحوثي خطاب اصلاحي ينتمى لخطاب الاحياء الديني وليس لحركات الاسلام السياسي (حركات الاسلام السياسي مجرد احزاب سياسية برامجية بخلفية دينية ) السؤال المركزي او القضية الجوهرية له هي ثنائية التخلف /النهضة الثنائية المركزية في خطاب الاحيائية الاسلامية التي ظهرت في القرن الثامن عشر على اثر الصدمة الحضارية للحداثة الغربية حين فتح العرب والمسلون اعينهم على الهوة الحضارية التي تفصل الشرق الاسلامي عن الغرب المتقدم على جميع المستويات الفكرية والسياسية والعسكرية والصناعية
ولان الموضوع قد يكون مفاجأ للبعض ولتوضيح الاسهام المعرفي والفكري للسيد حسين نعرض بشكل موجز لخطاب الاصلاحية الاسلامي على يد روادها الاوائل واهم اسهاماتها
****
فتح العرب والمسلون اعينهم على الهوة الحضارية التي تفصل الشرق الاسلامي عن الغرب المتقدم على جميع المستويات الفكرية والسياسية والعسكرية والصناعية وحالة التخلف الشاملة للشرق الاسلامي و كانت بمثابة المهماز الذي أيقض العقل العربي والاسلامي من سباته الحضاري .
وفي سبيل الاجابة على ثنائية التخلف /النهضة تولد خطابان اصلاحيان:
الاول خطاب علماني المستغرب يرى ان الاسلام غير قابل للإصلاح مهما ادخلت عليه من تعديلات لان التدهور كامن في جوهرة الاجتماعي و لا سبيل للنهضة الا العلمنة كخيار وحيد اعتمدته أوربا في نهضتها الحديثة .
والاخر خطاب الاصلاحية الاسلامي بقادة جمال الدين الافغاني ومحمد عبده و خيرالدين التونسي والكواكبي. دافع ان الاصلاح الاسلامي ممكنا بل ضروريا لتجاوز حالة الجمود والتردي الشامل وينحون باللائمة على الجمود الفكري واقصاء العقل واغلاق باب الاجتهاد وشيوع التدين الشعبي .
واهم ادوات الاصلاح:
-فتح باب الاجتهاد والتجديد
-اعادة الاعتبار للعقل
اخفق ممثلي الجيل الاول للخطاب الحداثي العلماني شبلي شميل ,فرح انطون,قاسم امين …الخ في اختراق المجتمعات العربية وبقي خطابا نخبويا معزولا عن الجمهور مما دفع بالجيل الجديد كالجابري وحنفي وسروش وابوزيد الى المراجعة و والاقرار بان اي عملية تحديث في المجال الاسلامي لكي يتحقق لها ابسط شروط النجاح لابد ان تتكامل فيها مجموعة عناصر اهمها الدين وموقعه من المجتمع,.
لا ينادى هؤلاء بالقطيعة مع التراث ويتعاطون مع النصوص الدينية والتراث في سعي لتقديم قراءات حداثية للدين ويقدم بعضهم نفسه كمجدد ديني
يتفق هذا الجيل من الحداثيين مع التيار الاحيائي في اعتماد العقل و التجديد والاجتهاد اهم ادوات الاصلاح الديني غير انهما يفترقان في تحديد مضامينها وحدود وظائفها ومفهوم النص ,فالتجديد والاجتهاد في الخطاب الاصلاحي هو مجرد استنباط من النصوص او عمل لغوي سيميائي والعقل كل متهمته استثمار النص .
في حين يتجاوز التجديد -عند التيار الحداثي مفهوم الاجتهاد التراثي في حدوده ومناهجه ويتعدى التجديد في المضمون الى التجديد في المنهج والشريعة الى القصد وعدم الاجتهاد فيما فيه نص الى اعادة قراءة النص والأولوية الواقع على النص الواقع والنص ديالكتيك صاعد الواقع يسال والمناهج المتعددة والوحي يجيب الواقع ينادي على الفكر والفكر يأتي تطورا ….وفي الجزء (3)نتناول هذه المفردات في خطاب السيد حسين ..

عبدالملك العجري

#تعز
#جرائم_داعش_في_تعز