تعز العز

أنه اغتصاب قيمي .. لم يعودوا حتى صعاليك ..!!

 

مازلت أتذكر جيدا كيف كنا نعيش في ضمن ما يمكننا تسميته مؤسسة الحارة ” الحافة” التي تحكمها العديد من القيم المبادئ والأعراف وبرغم من ان الكثيرون كانوا ينظروا لها نظرة انتقاص ويطلقون على أبنائها ” عيال ألحوافي أو الحواري ” الا أنها في الحقيقة لم تكن بكل هذا السوء..!!

بل ان هناك الكثير من الايجابيات رغم ان قاطني ألحوافي لم يكونوا ابدا بنفس تجانس ابناء القرى التي تربطهم العديد من الروابط اهمها النسب والتي تجعلهم أكثر تالف وإعتصاب من بيئة الحواري
الا ان الحوفي ايضا كانت لها عصبة من نوع اخر تجمع أبنائها ربما الطفولة المشتركة والصداقة البرية والتجاور ولا ننسى التكافل الاجتماعي الذي يشكل سمة اساسية للمجتمع اليمني عموما ..
لن نخوض بعيدا في تحليل السمات الأساسية لهذا الرابط السيكولوجي لكني سأكتفي بايراد شاهدا واحد وايجابية جميلة لبيئة “الحواري ” وتركيبتها الاجتماعية وهي ما كنت ألامسه بشكل مستمر في حارتنا التي كانت في احد أحياء العاصمة صنعاء وهي عصبية الحارة في اي خطر يتهدد اي من ابنائها وتداعيهم ” لداعي نكفهم ” اذا صح التعبير .

وكيف انهم اذا تعرض احدهم للأذى من ابناء حارة أخرى جمعوا انفسهم وذهبوا للأخذ بثأره ممن أذوه ، حتى لو ادى ذلك لتكبير المشكلة او تعرضوا للأذى جميعهم .. ليس شيء مهما بالنسبة لهم بقدر الانتصار للحارة بالانتصار لابنها
نعم فالقضية تتجاوز الفرد الى الجماعة بحيث تصبح المشكلة او القضية قضية الحارة ككل ..!!

ايضا حتى الفتاة ان تعرضت للمضايقة من ابناء حارة أخرى تداعى ابناء حارتها وبدافع الغيرة قبل اي دافع للانتصار لها فالانتصار هنا ايضا انتصار لشرف الحارة وعرضها
اذا فالقيم والمبادئ القبلية الأصيلة كانت لا تزال متأصلة في المجتمع مهم انتقل في تركيبته الاجتماعية وتقولب ..!!

الان وفي هذا الفترة بدئت المنظمات والمعاهد بتفسيخ هذه القيم وتذويبها بعد ان عملت في البداية على تشجيع الهجرة من الريف الى المدينة ظنا منها انه ستقضي على تلك القيم وعندما رات ان ابناء المدينة ايضا لا يزالون يحتفظون بقيم المجتمع الاصيل عمدت الى تفسيخها وانحلالها بإدخال النماذج الخارجية لما ذات القشور الحداثية قصات ، ازياء ، لغات ، فن …الخ ونشر الثقافات الخارجية والترويج عبر الوسائل #الاعــلام لها وفعلا ومن خلال الواقع الراهن وبفعل العدوان بدأنا نلاحظ حجم التدمير الثقافي والاجتماعي التي أحدثته تلك الدوائر بمختلف أنماطها (جمعيات ،منظمات ، معاهد ، أندية …الخ ) في المجتمع .

حجم الدمار الهائل في سيكولوجيا المجتمع يمكن لأي شخص ملاحظته وبشكل بسيط جدا من خلال الإحداث الجارية في البلاد ستلاحظ حجم التزييف القيمي والاغتصاب ألمفاهيمي الذي حور الكثير من الموروث الأصيل للشعب اليمني بشكل عام فاصبح المرتزق يسمى مقاوما والمحرر محتلا والزيدي إيراني والرجعي قومي والملك شيوعي ورفيق ..!!

كان ابناء الحواري يتجمعون للانتصار لابن الحارة حتى وآلم يكن الحق في جانبه بحجة انه لا يحق لاي فرد ان كان اكبر سنا منه او جماعة من خارج الحارة الاعتداء عليه ، حتى وان كان في حارتهم فضلا عن ان يدخلوا ليعتدوا عليه في حارته فالأمر بالطبع اشد وأدهى في حال تجاسروا لفعل ذلك وكذا الحال مع ابنة الحارة حتى وان كانت مجرد كلمة رأوا انها غير “مؤدبه ” في حقها

اليوم يأتي الكولومبي والجانجويدي والدنمركي والإماراتي والباكستاني والسعودي ليعتدوا على الشعب اليمني على الأرض والعرض والإنسان ونرى الكثيرين لا يحركون ساكنا في احسن الأحوال الم يصطفوا معه ضد ابناء جلدتهم …!!
نعم هي مأساة عظيمة جدا فحتى أخلاقيات عيال الحواري لم تعد موجودة عند الكثيرين منا لم نعد حتى برجولة من كنا نصفهم بصيع الحواري وصعاليكها …!!

بقلم / الباهوت الخضر

#الإعلام_ثورة_وعي