تعز العز

الجماعات الإسلامية وطروحاتها الزائفة ..

الحلقة الرابعة
طه العامري ..

بتاريخ 3يناير 1954م وقف السيد ( جون فوستر دالاس ) وزير خارجية الولايات المتحدة امام رئيس واعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي في واحدة من أهم اللقاءات العاصفة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية _ حسب وصف السيد هنري كيسنجر _ وزير الخارجية الأمريكي – اللاحق – وكانت الجلسة مخصصة للإجابة على سؤال استراتيجي امام المجلس وهو ( من هو عدو امريكا والغرب ؟ وكيف نواجهه ؟ ) وبعد ساعات طويلة من الانصات لخطة ( دالاس ) اجمع الحاضرون على أن ( عدو امريكا والغرب ) هو ( الشيوعية ) ممثلة بالاتحاد السوفييتي ..كان اللقاء قد دعاء اليه ( دالاس ) الاصغر شقيق وزير الخارجية والذي كان يشغل منصب رئيس وكالات الاستخبارات الأمريكية ..بعد فشله في تطويع النظام الجديد في ( مصر ) بزعامة الزعيم جمال عبد الناصر الذي وصفه ( الاخوين دالاس ) في ذات اللقاء ( بأنه عدوا لامريكا والغرب ) ..في هذا اللقاء تم تحديد ( العدو الاول لامريكا والغرب وهو الاتحاد السوفييتي والشيوعية ) !!
وقد تفاوتت الطروحات حول كيفية مواجهة هذا العدو..اذ طرح بعض الحظور فكرة المواجهة المسلحة ؟ ولكن الفكرة قوبلت برفض غالبية أعضاء المجلس ، فطرح ( دالاس ) فكرته في كيفية التصدي للنفوذ ( الشيوعي ) والتي لا يجب الاعتماد فيها على السلاح والمواجهة المباشرة بل في استخدام ( الدين ) وتوظيفه في مواجهة المد ( الشيوعي ) ..؟
في 5يناير من ذات الشهر والعام اي بعد يومين فقط من اجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي عقد في مبنى وكالات الاستخبارات المركزية الأمريكية اجتماعا ظم روؤساء مجالس الأمن القومي لكل من الولايات المتحدة وفرنساء والمملكة المتحدة البريطانية وبحظور كل من سفراء ايران ، وباكستان ، والكيان الصهيوني ، والسعودية ،وتركيا ، وخلال هذا اللقاء وضعت خطة مواجهة واحتوى النفوذ ( السوفييتي ) وأبلغت الاطراف الحاضرة بالدور المؤكل لها في المشروع ..؟!
في 28 يناير من نفس العام اعلن في ( الفاتيكان ) عن تفعيل دور ( المجلس العالمي للكناييس ) كرابطة دينية تقوم بمهمة رعاية ( مسيحيي ) العالم وتقديم الخدمات الضرورية لهم، وكذا التصدي للنفوذ ( الشيوعي ) العدو اللدود للإسلام والمسيحية ..!!
وكان ( مجلس الكناييس العالمي ) قد تاسس عام 1948م في امستردام بهولندا وكانت الغاية منه هو التصدي لسلطة ( بابا الفاتيكان ) والدفاع عن حقوق المسيحيين الارثوذكسية والبروتستانية من اضطهاد ( الفاتيكان الكاثوليكية ) ..لكن في عام 1954م تم الزج بالمؤسسات الدينية ( المسيحية ) في مواجهة المد ( الشيوعي ) كما زعموا حينها ..!!
في مارس 1954م اي بعد اقل من شهرين تفجرت في مصر ما أطلق عليه ( أزمة مارس ) بين الزعيم جمال عبد الناصر ومشروعه الثوري وبين ( جماعة الإخوان المسلمين ) واهدافهم التسلطية ..وقد انتهت الأزمة بمحاولة اغتيال فاشلة الزعيم جمال عبد الناصر الذي قرر حل جماعة الإخوان وحظر نشاطها وخروج محمد نجيب من السلطة وكان قد وضع كرئيس لضباط الثورة وقد حاول الاخوان استمالته ليكون في صفهم في مواجهة عبد الناصر ولكن المحاولة فشلت وبدا الصدام بين ( الزعيم ناصر وجماعة الإخوان ) ..!
كانت واشنطن في ذلك العام قد وضعت خطط واستراتيجيات ( الحرب الباردة ) والحروب بالوكالو في مواجهة النفوذ ( السوفييتي ) بعد أن انتهى شهر العسل الذي جمع كل الأقطاب الدولية في مواجهة ( النازية والفاشية ) ..!!
كانت خطة ( واشنطن ) وحلفائها تتلخص في مواجهة النفوذ السوفييتي في منطقتنا والعالم عبر تحريك المؤسسات الدينية وتسخير وتوظيف القيم والطاقات الروحية للحد من نفوذ السوفييت ليس حبا بالاديان ولا لدوافع إيمانية بل لمصالح سياسية ذات أبعاد استراتيجية واقتصادية وثقافية ، اذ كانت واشنطن تقدم نفسها على أنها واحة الليبرالية المستنيرة وحامية الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية في العالم وكانت تصف نفسها بأنها عاصمة العالم الحر ..؟!!
بعد فشل واشنطن في تطويع النظام الجديد في مصر بزعامة عبد الناصر وخشية من تأثيره على الراي العام العربي راحت واشنطن تدفع برئيس وزراء العراق نوري السعيد وبكل من ايران وتركيا الى جانب الكيان الصهيوني في تبني فكرة ( حلف بغداد ) لتعود وفود واشنطن إلى القاهرة من جديد لإقناع الرئيس ناصر بأهمية حلف بغداد وضرورة مشاركة مصر فيه التصدي للنفوذ السوفييتي فتمسك ناصر بمواقفه الرافضه للاحلاف في المنطقة مؤكدا أن الأمة العربية قادرة أن تدافع عن نفسها وعن وجودها وعن قيمها ومعتقداتها الإسلامية دون الحاجة للاحلاف او الرعاية من اي دولة كانت ومهما كانت وقال لاخر وفد امريكي زار القاهرة ( أن من يرابط على حدودنا ويحتل جزءا من ارضنا هو الكيان الصهيوني وليس الشيوعيين ) ..؟!!
يصف الكاتب الامريكي ورجل الاستخبارات الأمريكية ( مايلز كوبلاند _ في كتابه لعبة الامم ) هذا اللقاء الاخير بين ناصر والوفد الأمريكي بقوله ( كان لقاءا عاصفا خرج منه الأمريكيون بقناعة راسخة بأن ناصر هو عدوا لامريكا وندا للغرب ولكنه ايظا عدوا للسوفييت وأنه زعيم يبحث عن مصالح أمته ) ويضيف كوبلاند أن واشنطن وضعت ناصر يومها في قائمة اخطر اعدائها واعداء الغرب حتى قبل ( الشيوعية ) ..؟!!
على إثر هذه الزيارة قررت واشنطن ايقاف كل أشكال التعاون مع القاهرة بما في ذلك بيع الأسلحة لها ايا كانت ..وفيما تصاعدت خطابات واشنطن السياسية والإعلامية المهددة من خطر الشيوعية وتاثيرهم على المنطقة والعالم وقد استجاب لهذا الخطاب الزائف العديد من انظمة المنطقة المرتبطة بالقوى الغربية كانت القاهرة وحدها تقف في مناهضة هذا الخطاب الأمريكي وتؤكد على الخطر هو من امريكا وبريطانيا وفرنسا واهدافهما الاستعمارية واطماعهم بالمنطقة وليس من السوفييت مع مرور العام 1954م ودخول العام 1955م كانت مصر وبعض الدول الآسيوية يتجهزين لاعلان تكتل سياسي سيقلب كل المعادلات لاحقا ففي 18ابريل 1955م عقدة قمة ( باندونج ) والتي استمرت لمدة ستة أيام بمشاركة 29دولة آسيوية وافريقية وفي هذا المؤتمر وضعت اسس وضوابط سياسية واستراتيجية لدول ( عدم الانحياز ) وفي ذات الشهر ابرمت مصر عبد الناصر أول صفقة مع الاتحاد السوفييتي لتزويد الجيش العربي في مصر بالأسلحة والمعدات العسكرية السوفييتية وكان هذا القرار الذي اطلق عليه قرار ( كسر احتكار الأسلحة ) هو اول قرار يدخل بموجبه الأسلحة السوفييتية المنطقة التي كانت كل جيوشها تعتمد على التسليح الغربي فقط ..!!
كانت مصر تواجه بريطانيا في أكثر من مكان وكانت تواجه فرنساء في الجزائر وتواجه المخططات الاستراتيجية الأمريكية خاصة والغربية الليبرالية الاستعمارية عامة ..كان قرار مصر كفيل بإثارة غضب الغرب وامريكا ، لكن واشنطن لم تحبذ أن تخوض صدام مباشر مع الزعيم ( ناصر ) الذي ينادي بالحرية والكرامة لأمته فيما هي اي واشنطن كانت تقدم نفسها كعاصمة لاحرار العالم وبالتالي كانت تمارس سياسة الضرب من. تحت الحزام كما يقال ..؟!!
فكانت تدفع بكل من فرنسا وبريطانيا وأدواتها في المنطقة الصدام مع القاهرة ثم تلعب هي لاحقا دور الوسيط وهذا ما حدث الان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م الذي شنته بصورة مباشرة كل من بريطانيا وفرنساء والكيان الصهيوني ردا على قرار الزعيم ناصر بتامييم شركة قناة السويس ..
يتبع

#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز