تعز العز

الحوثي: خلقنا وسنخلق من ضعفنا ما يبطل بطش قوتكم وسحر مالكم

(الجزء الاول )
اقل ما يوصف به خطاب السيد عبدالملك الحوثي مساء اليوم بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد انه بعد ان وضع الصراع في اطاره الوطني والاخلاقي , رسم برنامج عمل للمرحلة سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا اذا لم يكن لكل القوى السياسية ولحكومة الانقاذ فعلى الاقل انصار الله يجب ان يتعاملوا معه هكذا وبمسؤولية تليق بأهمية ما جاء في الخطاب ,ومكانة صاحب الخطاب في انفسهم .
ويمكن تحديد اهم محاور الخطاب كالتالي :
-صمود وبسالة المقاتل اليمني اسقط نظرية القوة في العلاقات الدولية .
– لتكن الحاجة وفظاعة العدوان ملهما للإبداع وتطوير قدراتنا الذاتية ,ولا مكان للاستلام .
– تفعيل مؤسسات الدولية بما يحقق الرعاية الاجتماعية للمواطنين وتلبية احتياجات الجبهات .
– مكافحة الفساد ضرورة ومسؤولية مشتركة وباليات فعالة وليست مادة للمناكفة ,والفاسد ليس منا .
– ادارة الخلافات السياسية بعيدا عن البروغندا الاعلامية.
– اليمنيون المقاتلون في صفوف العدوان عودوا شركاء خيرا من ادوات للاستعمال السياسي والعسكري .
وهنا نتاول كل محور بشيء من التفصيل
اولا : صمود وبسالة المقاتل اليمني اسقط نظرية القوة في العلاقات الدولية.
النظرية التي ظلت سائدة في العلاقات الدولية في ظل النظام الدولي احادي القطبية هي ان القوة الاقتصادية والعسكرية قادرة على حسم الخلافات وضبط الدولة والجماعات المارقة , وتجاوز الشرعية الدولية الهشة ان حاولت اعتراضها وظلت هذه النظرية هي التي توجه العلاقات الدولية سيما في منطقة الشرق الاوسط .
حرب الخليج الاولى كانت بداية مشجعة جرات نتائجها امريكا وبريطانيا والدائرين في فلكهما على اعتماد فارق القوة وسيطر على سلوك امريكا -قائدة النظام العالمي احادي القطبية – نزعة إمبراطورية، وشعور بالتميز جرأها على خوض مغامرات عسكرية وحروب خارجية، والتدخل في الشؤون الدولية وتجاوز السيادة الوطنية، واعتماد الحلول العسكرية كما حصل في افغانستان وحرب الخليج الثانية واحتلال العراق وكما حصل في دول شرق واربا.
قبل انطلاق عاصفة العدوان كانت تقديرات الخبراء السعوديين و حلفائهم الامريكيين والبريطانيين ان فارق القوة العسكرية والاقتصادية الهائل كفيل بحسم المعركة في ظرف زمنى لا يتجاوز الثلاثة اشهر كأعلى سقف وفي اذهانهم تجربة حرب الخليج الاولى الخاطفة والسريعة فالتفوق الجوي لدول التحالف حول ارض الكويت مقبرة لآليات وجنود صدام واجبرته على الانسحاب من غير شرط ولا قيد .
وتحت تأثير وهم نظرية القوة والتفوق الجوي وبوحي من بتجربة حرب الخليج الاولى شكلت تحالف واختارت اسمها (عاصفة الحزم) تيمنا ب(عاصفة الصحراء)شنت اطراف التحالف عدوانها على اليمن مزودة بأحدث ما انتجته مصانع الاسلحة الامريكية والبريطانية يزيد من اغرائهم الانقسام السياسي والانهاك الاقتصادي وتفكك مؤسسات الدولة والجيش اليمني كما قال السيد عبدالملك .
مرت الثلاثة الاشهر وكانت النتيجة صادمة ,مر عام والعالم مذهول , مر عامان كانت كفيلة بإسقاط نظرية القوة سقوطا مدويا امام بسالة وصلابة المقاتل اليمني ,صحيح ان نظرية القوة توعكت في العراق وسوريا لكنها ماتت في اليمن ,اذا لا يمكن مقارنة ما حصل ويحصل في سوريا والعراق بما هو حصل ولا زال يحصل في اليمن لا من حيث فارق القوة ولا من حيث حجم وفضاعة العدوان والحصار البري والبحري والجوي الفروض على اليمن واستخدام الورقة الاقتصادية كتيتيك حربي .
اخر تقرير للمخابرات الامريكية حذر من مخاطر الإفراط في الثقة بأن القوة المادية قادرة على ضبط التصعيد ونفس التحذيرات بل اكثر من مجرد تحذيرات فالحقيقة التي لم يعد احد يجادل فيها ان الحسم العسكري مستحيل في اليمن ,ليس هذا فحسب بل كما اشار السيد وكما تحدث التقارير ورغم التدمير الذي الحقه العدوان باليمن الا ان اطراف العدوان انهكت اقتصاديا و في سقطة لسان اعترف وزير المالية السابق ان السعودية لن تكون قادرة على دفع المرتبات بعد ثلاث سنوات اذا لم تتخذ سياسات اقتصادية حازمة وهي الزلة التي اطاحت به ولأول مرة تتخذ سياسات تقشف وصلت لرفع جزئيا عن المشتقات النفطية في دويلات تقف على بحيرة نفطية وفرض سياسيات تقشفية واسقاط العلاوات على الموظفين وفرض ضرائب بمعنى اخر سياسة الرفاه اصبحت في خبر كان ,مثل هذه السياسة مقبولة في دول تقوم على معادلة الضرائب مقابل الشراكة السياسية فالمواطن في الانظمة الجمهورية التي تقوم على التعددية يدفع الضرائب وفي المقابل يشارك سياسيا بأكثر من طريقة , لكن في دول تقوم على معادلة الرفاه مقابل الحكم كالأنظمة الخليجية يختلف الامر ,فالأنظمة تتعهد للمواطن بالرفاه مقابل تنازله عن حقوقه في الشراكة السياسية ,وهذا يعني ان شرعيتهم باقية ما بقي الرفاه وتتأكل شرعيتها بتآكل متطلبات حياة الرفاه .
المواطن الخليجي مواطن مستهلك من الدرجة الاولى تعود على حياة باذخة في الملبس والمأكل والملبس غير السفريات والسياحة الجنسية ,وحياة اللهو ,وفي نفس الوقت غير منتج ,يعتمد بدرجة اساسية على العمالة الاجنبية في الادارة وسوق العمل اما التصنيع فلا يدخل في حسابهم ,عندما تتخلي الممالك والامارات الخليجية عن دورها في الرعاية والرفاه سيجد المواطن الخليجي نفسه مضطرا لدخول سوق العمل والاستغناء عن العمالة الاجنبية ,والكفاح لتوفير احتياجات الحياة ولن يقبل ان يكدح وفي الان نفسه يستأثر امراء واميرات العائلات الحاكمة -والذين اصبحوا بالألاف –بالحكم والحياة الباذخة .
ثانيا : لتكن الحاجة وفظاعة العدوان ملهما للإبداع وتطوير قدراتنا الذاتية ,ولا مكان للاستلام .
يقال ان الحاجة ام الاختراع هذا المبدأ او القانون كان احد المبادئ التي قامت عليها نهضة الغرب ,اذكر مقولة لفيلسوف غربي يقول فيها ان الحرب خدمت الانسانية اكثر مما خدمها السلام ,قد يكون من الصعب اخلاقيا تقبل الفكرة لكن هذا لا ينفي واقعيتها فالقفزات الحضارية والعلمية والصناعية جاءت في سياق صراعي عنيف ,نهضة اوربا جاءت في سياق صراعي فكري و عسكري ,شهدت حرب الثلاثين عام وتوجت نهضتها بحربين عالميتين ,ومعظم الجهود العلمية كانت لتلبية الاحتياجات العسكرية بالأساس ثم للأغراض المدنية بالتبع ,نابليون صاحب جائزة نوبل للسلام اخترع البارود ,صناعة الفضاء والذرة كانت في سياق الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي .
بالتأكيد لا يعني ان ذلك هو السياق الطبيعي الوحيد للنهضة والتطور ,ما ارمى اليه ان اذا كان مبدا الحاجة ام الاختراع في الثورات الغربية العملية والصناعية فقد انعكست الآية مع العرب حيث الحاجة مقدمة للاستسلام وانعدام القدرة مبرر للخضوع ويد ما تقدر تكسرها بوسها .
الغرب بحكم خبرته بسيكولوجية التخلف العربي عمل على تعزيز هذه المبدأ بالمقلوب في وعينا الظاهر والباطن ,انت تنقصك القدرة اذا كن مطاوعا انت محتاج اذا عليك ان تذهب للغرب فلديه ما تحتاج ,لا تشكل حافزا للتفكير والابداع مهما كان متواضعا في بدابته .
السيد عبدالملك في خطابة اشار الى نحاج المقاتل اليمني في اسقاط مبدا “يد ما تقدر تكسرها بوسها ” واكد ان قوة وغطرسة يد العدوان لن تدفعنا للاستسلام بل شكلت ويجب ان تشكل حافزا يلهمنا تطوير قدراتنا الذاتية ,و اجتراح المعجزات في الاعتماد على ذاته في تطوير معداته الحربية والدفاعية ووعد بالمزيد من المفاجآت في هذا المجال ,والدرس الذي يجب ان نستلهمه من الحصار الجائر هو يتحول الى فرصة لبناء الذات .
هذا الحديث سيثير استهجان الانقين جدا لكنهم سيدركون ولو بعد حين ان بسالة المقاتل اليمني وان ارادة هؤلاء هي من صنعت الحياة وانقذت الضحايا ,وان ربطات العنق الانيقة لم تكن اكثر من عقال لا يختلف كثيرا عن العقال الذي كان يعقل به العربي بعض خيلة وبغاله وحميره .
ثالثا : – مكافحة الفساد ضرورة ومسؤولية مشتركة وباليات فعالة وليست مادة للمناكفة ,والغطاء مرفوع عن اي فاسد.
المعركة مع جبهة العدوان التي تمتد من المحيط للخليج لم تنس السيد الحوثي المعركة مع الفساد ذلك الطاحون الذي فتك باليمن واليمنيين وغولا افسد عليهم حياتهم ونغص معيشتهم ,وبهذا الصدد اكد السيد على جملة من الضوابط منها :
– قضية محاربة الفساد كانت وستظل اولوية لانصار الله
– قضية محاربة الفساد هي واجب ديني ووطني ومسؤولية مشتركة وليست قضية للمناكفة الاعلامية ,ولمح الى الاستغلال الانتهازي من قبل البعض وقال لا نريد النبش في التاريخ .
– دعوة كل القوى السياسية لتحمل مسؤوليتها في هذا المجال و تطوير اليات رقابية فعالية لمكافحة هذا الطاعون الفتاك
– رفع الغطاء عن اي شخص من انصار الله تثبت عليه جريمة الفساد وهو نفي وتحذير صريح في نفس الوقت لمن تسول له نفسه من المحسوبين على انصار الله ان انتبهوا ,
 
نقاط اعتقد في غاية الاهمية لا تبقى عذرا للتهاون في هذه القضية و تضع القضية في نصباها الصحيح و على كل القوى ان تتحمل مسؤوليتها بصدق وليس من اجل الابتزاز .
نحن في مركز الدراسات كنا قد ناقشنا في احدى جلسات منتدى مقاربات قضية الفساد ,حيث اكد الحاضرون ان تحويل قضية الفساد لمادة اعلامية لتصفية حسابات سياسية هي نوع من الحماية المغلفة للفساد بصرف المعركة من معركة وطنية مع الفساد والفاسدين الى دعاية سياسية رخيصة . كما لفتوا الى قضية هام هي ان الفساد في اليمن فساد مقونن او مقنن ,فمافيا الفساد طورت حزمة من التشريعات والقوانين لتحصين الفساد وحماية الفاسدين من اي مسالة واو جد بيئة ادارية وتشريعية تشجع على الفساد ,ولفت بعض الحاضرين الى ان تحالف المال والسلطة في مجلس النواب انتج منظومة قانونية تحصن الفاسدين ,واجهزة رقابية هزيلية زغير فعالة في مكافحة هوامير الفساد وفعاليتها هي في مكافحة فساد الموظفين من الدرجة المتوسطة والفساد الذي يأتي على شكل رشاوى
و اشار احد الباحثين الى ان أسباب الفساد تتوزع بين الأسباب البنيوية و التشريعية والعملية منها :
1- تشتت هذه الأجهزة ما بين تبعيتها للمؤسسات وعدم تبعية أي منها للهيئة التشريعية والرقابية.
2- تداخل وازدواج في اختصاصات الأجهزة المكافحة للفساد.
3- غياب التنسيق والتكامل بينها فكل جهاز يضع تقريره بطريقة لا يستفيد منها الجهة الأخرى فلا يوجد تحديد أين تبدأ عملية المكافحة وما هي الخطوة التالية، ولا يوجد آلية لتحديد ما يجب أن يحال من القضايا إلى النيابة العامة وما لا يجب أن يحال بل تخضع للاجتهادات الشخصية فيما يعتبر تنظيما ممنهجاً للفساد.
4- تفاوت كبير في مستحقات المنتسبين إلى هذه الأجهزة بحيث لا تتناسب المستحقات مع العبء الملقى على كل فرد في أي جهاز.
5- عدم وجود نظام عمل “الحوكمة” وهي تقييم أداء أي مؤسسة من مؤسسات الدولة وهي قياس درجة الملائمة بين أداء المؤسسة العامة وبين الأهداف التي رسمتها لنفسها.
6- عدم مواكبة آلية هذه الأجهزة للتطور الحاصل في آليات و أدوات مكافحة الفساد واستيعابها.
 
وللحديث بقية..
✍عبد الملك العجري
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز