تعز العز

نص كلمة الرئيس الصماد خلال لقائه الموسّع بعلماء اليمن

النص الكامل لكلمة الرئيس صالح الصماد التي ألقاها خلال لقائه بعلماء اليمن 22 فبراير 2017:

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الحمد لله القائل: { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ  وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ} وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين، ورضي عن صحابته المنتجبين.

 آبائي العلماء الأجلاء السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، ونرحب بكم أجل ترحيب ونشكر لكم هذا الحضور المشرف، الذي إن دل على شيء يدل على الدور الريادي الذي يقوم به علماء ومثقفوا هذا الشعب، في هذه المرحلة الحساسة والصعبة في تاريخ الشعب اليمني الذي يتعرض لعدوان غاشم يستهدف الإنسان ويستهدف الشعب اليمني لهوية الإسلامية الأصيلة.

نحن لم نقترف ذنباً إلا أن هويتنا الإسلامية الأصيلة المحمدية هي ذنبنا الذي يحاربنا عليه بدو الخليج ومن يقف من ورائهم من الأمريكان والصهاينة، إن العدوان يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً لهذه الهوية، واتخذ مبرراته الزائفة وعناوين ساقطة، وحاول أن يجعل من الورقة الطائفية ورقةً خطيرةً يفرق بين أبناء الشعب الواحد إلا أن الدور التوعوي والإرشادي الذي قام به العلماء والمثقفين في هذا الشعب كان له الدور الأبرز في إسقاط هذه الورقة الخطيرة التي لفظها شعبنا اليمني إلى الأبد، والتي ما كانت تنطبق على هذا الشعب الذي تعايش طيلة القرون الماضية.

إن إدراك الأعداء لخطورة الوعي بين أوساط الأمة وأهميته في كشف مخططاتهم وإفشال مؤامراتهم جعلهم يشتغلون شغلاً كبيراً حول هذا الموضوع وحاولوا أن يستنسخوا عناوين إسلامية مشوهة ليستطيعوا من خلالها أن يهيئوا لاحتلالهم وهيمنتهم.

إن الإنحراف في وعي الأمة يؤدي إلى تخليهخا عن مسؤوليتها وانحرافها عن الطريق الذي أراده الله سبحانه وتعالى لها، بل ستسير الأمة في الطريق التي يريدها لها أعداءها، فالرسول صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين ورد في الأثر المتواتر عنه أنه قال: «سيأتي على أمتي فتن قطع الليل المظلم يمسي الرجل مؤمن ويصبح كافر ويصبح مؤمن ويمسي كافر قال وما المخرج منها يا رسول الله قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر» إلى آخر الحديث عنه صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين، فيخبرنا عن حال الأمم الماضية (فيه نبأ ما قبلكم) التي فضلها الله وشرفها بالمسئولية ثم أعرضت وتنصلت عن حمل مسئوليتها، كيف صار واقعهم وكيف ظهرت فيهم الأشياء الغريبة، وكيف ظهرت فيهم البدع والفتن، فعندما تحدث عن بني إسرائيل أنه فضلهم على العالمين وآتاهم من الآيات ما فيه بلاء مبين، لكنهم لم يستشعروا تلك المسئولية ولم يحملوا ذلك الهم، ففرطوا وأعرضوا وتنصلوا فضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وغضب عليهم ولعنهم وظهرت فيهم الأشياء الغريبة والعجيبة التي لم تكن لتظهر حتى في تلك الأمم البدائية التي لم تقرأ ولم تكتب، ظهرت فيهم أشياء اختلفوا حتى على نبيهم { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين} واختلفوا حتى على عقائدهم والهدى الذي بين أيديهم، { وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} لديهم كتب يتلونها من عند الله لكن هذا آثار الإنحراف في وعي الأمة وخطورته، بل اختلفوا حتى على الجنّة وصار كل طرفٍ يدعي ملكيته للجنة، ويوزع صكوك الغفران وأما غيره إلى النار، {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} وظهرت فيهم أشياء غريبة وعجيبة حتى صاروا يقولون للمشركين وللكافرين الذين هم يعبدون الأصنام أنهم أفضل وأهدى وأخير من أولئك المؤمنين الذين هم يتفقون معهم حول عبادة الله.

وهكذا يقول لنا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين (لتحذون حذو بني إسرائيل القذة بالقذة والقدم بالقدم حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموهم) نرى آثار الظلال ظهرت في واقع أمتننا في هذا العصر فرأينا الأمة تختلف حتى على محمد صلوات الله عليه وعلى آله، وكل طرفٍ يدعي أن الرسول كان على ما هو عليه، والسني يقول الرسول كان على ما نحن عليه آل السنة، والشيعة كذلك، رسول الله يقول الله سبحانه وتعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ  الإِسْلاَمُ }، { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} ما أحوجنا أيها الأخوة أن نعود إلى هذا العنوان العظيم، عنوان مسلمين لله، الاسم الذي سمانا به أبونا – كما تقول القبائل ما سمى الولد إلا أبوه- أبونا إبراهيم سمانا مسلمين {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ} وفي هذا، لذلك نحن بحاجة أن يكون الدور التوعوي بارزاً وظاهر، أن نبذ الخلافات الطائفية وأن نتحرك جميعاً تحت هذا العنوان الإسلامي الجامع الذي أتى به الله سبحانه وتعالى، الذي جاء على مر العصور حتى الديانات التي يدعونها، ديانة يهودية وديانة نصرانية، ليس هناك ما يسمى بهذا الاسم الدين عند الله الإسلام، إنما هم سحبوا الإسلام وسموه بإسم قوميتهم، فاليهود سموه يهودية، والنصارى سموه نصرانية، كما لو نأتي الآن ونسمي الإسلام عربية تماماً، وإلا فالدين عند الله الإسلام، {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ}.

إن الغظب العالمي الأمريكي والصهيوني والسعودي على هذا الشعب هو في هذه الهوية الأصيلة، أننا ننتمي إلى هذا الاسم العظيم، وما أحوجنا أن نعود إليه، وأن ننبذ خلافاتنا، وإذا اختلفنا على شيء في ثقافاتنا في داخل المذاهب يجب أن نعود إلى القرآن ونجعل لهم أولويةً مطلقة كما قال الله سبحانه وتعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا } حتى لو فرض الله علينا أن نقتل أنفسنا ونخرج من ديارنا نفعله ونعرف أنه خيراً لنا وأعظم أجرا {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}، نحن بحاجة إلى هذه الثقافة ، أن نتثقف بثقافة الإسلام، مسلمين لله تعالى، وإذا اختلفنا فلنجعل للقرآن الحاكمية المطلقة، لسنا بحاجة إلى أن نقتتل كما قال الرسول صلوات الله عليه وعلى آله: (سيكذب عليّ كما كذب على الأنبياء من قبلي فما رأيتموه عني فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله فهو مني وإن لم يوافق فهو ليس مني وأنا منه براء) لذلك أقول لكم أن ما أردت أن أوصله من فكرة هو أن آثار الإنحراف في وعي الأمة يؤدي إلى أن يظهر في هذه الأمة نفس ما ظهر في الأمم السابقة، فرأيناهم اختلفوا على النبي فاختلفنا حتى حول الإسلام وحول العنوان، واختلفوا على المبادئ ها نحن نختلف من جديد في المذاهب وكل طائفة وكل مذهب يدعي أن ما هو عليه هو الحق وأن غيره على الباطل، ونحن نقرأ كتاباً واحداً منزلاً من عند الله سبحانه وتعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} أليس المسلمون يختلفون في هذه الجزئية أيضاً، بل حتى على الجنّة وصار كل طائفة تدعي أنها هي من سيدخل الجنة وغيرها إلى النار، وللأسف وصل الحال إلى أن يدعي البعض مثقفوا هذه الأمة من علماء البلاط في الرياض وفي غيرها أن يفعلوا نفس ما فعل أولئك الذين كانوا يقولون للمشركين أنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلا، فرأينا الكثير منهم في خطبهم يقولون للمسلمين الذين لا يؤمنون بعقيدة التكفير والتفسيق التي ينتهجها علماء آل سعود عبادة لهم فيقولون أننا أخطر حتى من أمريكا وإسرائيل، يقولون لنا نحن المسلمون الذي نصلي إلى الكعبة ونؤمن بالله وبمحمد وبالقرآن وبالعناوين الإسلامية التي تجمعنا بهم فيقولن أن أولئك هم أقل خطورة منا، ألم يصل الظلال إلى ذروته بسبب ابتعاد الناس عن مصادر عزتهم، لذلك أيها الأخوة نحن نريد نصل إلى هذه النتيجة أن السبب والمعاناة التي يعانيها شعبنا سببها انحراف أولئك وفتاوي علماء الحجاز الذين استباحوا دماءنا وأموالنا وأعراضنا لأن الظلال لا يمكن أن يبقى في السماء الظلال ينزل إلى الأرض فيمس دمك ومالك وعرضك كما قال أسلافهم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} فالدور التوعوي والإرشادي للآباء العلماء دور مهم جداً لا يستقلوا دورهم ولا يستصغروه، فالقرآن لم يتحدث عن طائرات العدوان عن طائرات الإف 16 وعلى عن صواريخهم ولا عن بارجاتهم ولا عن سيوفهم ولا عن رماحهم بل تحدث أن أفواههم هي الأخطر، الحرب الثقافية التوعوية {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ  بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون}هم يتحركون ولديهم مكائن إعلامية ضخمة لتظليل الناس، فالأمة لم تظلم الظلم المباشر إلا بعد الظلم الثقافي، عندما هيئوا الناس، عندما تجدنوا الناس ليهزموا الناس نفسياً هم يستخدمون أسلحتهم ليهزموا هذا الشعب نفسياً، فإذا استطعنا أن نتقي هذه الهزيمة النفسية من خلال الوعي، وزرع الثقة في قلوب الشعب فستصبح أسلحتهم كالإسفنج وكالكراتين ولن يكون لها أي أثر على واقع شعبنا، وهذا هو الحاصل الذي نلحظه أن نرى أطفالنا يلعبون بأفتك أسلحة البطش لهذا العالم بسبب الوعي والبصيرة التي أنتم روادها وكان لكم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في ترسيخ ثقافة الاستشهاد التي أصبح يفتخر بها كل يمني ويمنية، وحصّنة المجتمع من الارتماء في أحضانهم، فكيف يستطيعوا أن يرعبوا شعباً يعشق الشهادة، أن يرعبوا شعباً يقول أحد أفراد المقاتلين في الجبهات كما روي لي أنه بعد أن مزقته طائرات العدوان أو مدافعهم وهو في الرمق الأخير يقول: (اللهم تقبل مني هذا القليل) اللهم تقبل مني هذا القليل، وهو يلفظ أنفاسه، ماذا قدمنا من أجل هؤلاء العظماء الذين يبذلون أرواحهم ودمائهم من أجل عزتنا ومن أجل كرامتنا.

أيها الإخوة . نحن في هذا الوضع الخطير يجب أن ندرك أن العدوان أمريكي بامتياز وأن السعوديين فقط هم عبارة عن أدوات، وهذا يجب أن نستشعره وأن نرسخه في وعي أبنائنا وفي وعي شعبنا حتى أننا نعيش في محك خطير وأمام منعطف خطير جداً، فإما أن نرضى لآل سعود بأن نرتمي في أحضانهم وأن يفرضوا علينا ولاؤهم للأمريكان والصهاينة {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وأن نطيعهم فيما أطاعوا أولئك، فيردونا بعد إيماننا كافرين بما تعنيه الكلمة.

نحن لسنا تكفيريين عندما نقول أن الله قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِين} هم أطاعوا أمريكا وإسرائيل، هم خدموها، هم أصبحوا أحذية لها، فردوهم بعد إيمانهم كافرين، رافضين لتوجيهات الله سبحانه وتعالى، فيجب أن ننطلق بجد في ترسيخ الوعي والثقافة بين أوساط شعبنا، فارق القوة كبير بين قوتنا وعتادنا المادي وقوتهم إلا أننا نستطيع أن ندفن هذا الفارق من خلال الوعي والبصيرة وترسيخ الوعي الثقافي بين أوساط شعبنا بأهمية المواجهة وترسيخ روحية الجهاد والعطاء والبذل والتضحية.

نحن في أمس الحاجة إلى ترسيخ الوعي وتحصين المجتمع من الفرقة والخلاف { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} وأن نحصن المجتمع من الظلالات وأبواق العدوان الإعلامية التي تؤثر سلباً على أداء هذا الشعب وعلى تفاعله، ومن منطلق قول الله سبحانه وتعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ  يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ} يجب أن نحذر شعبنا من الاستماع لقنوات الفتنة والتضليل التي تبث السموم وتزرع الفتن، وتفرق بين الناس، فعاقبة التفرق والخلاف هي الفشل كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.

نحن بحاجة إلى أن ننصح أولئك الذين مع العدوان من علماء ومتعلمين، من عوام ومثقفين، أن نقول لهم إن جريمتكم عند الله خطيرة جداً، إن جريمتكم أسوأ من جريمة أولئك البدو الأعراب، جريمة العالم الذي يقف في صف العدوان، الذي يدعي العلم وليس عالماً، لا نقول له عالماً بل يسمي نفسه عالماً وهو يدعي العلم ويقف في صف العدوان، جريمته أسوأ من جريمة سلمان وغيره، لأن الله يقول عن العوام أنهم أكلوا الربا وقالوا الإثم فسماهم الله عميان، بينما الأحبار والرهبان في ذلك العصر الذين يقوم العلماء في بالدور الرسالي في هذه المرحلة، فلم يأكلوا ربا ولم يقولوا إثماً فسماهم الله صناعاً للباطل {وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون، لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُون} سماهم صناعاً للباطل، هؤلاء الذين يصدرون الفتاوى هم صناع القتل، هم صناع الدمار، هم مشرعنين للعدوان، عليهم أن يتقوا الله في هذا الشعب، بل هم مشاركين في كل قطرة دمٍ تسقط، فقد سمى الله أولئك في عهد النبي الذين قتلوا الأنبياء قبل مئات السنين سماهم الله قتلة، ولم يقتلوا نبياً فقال الله يخاطبهم { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللهِ  مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين } مع أنهم لم يقتلوا نبياً لكنهم سكتوا عن أولئك الذين قتلوا الأنبياء قبل مئات السنين، فكيف بمن يسكت، بمن يقتل الأطفال والنساء والشيوخ، كيف بمن يؤيد، ما أسوأ جريمته وما أبشعها، عليهم أن يراجعوا مواقفهم وأن نعمل على نصحهم وأن نذكرهم بخطورة ذلك الموقف عليهم في الدنيا وفي الآخرة.

نحن في مرحلة حساسة وخطيرة يجب أن ندعوا الناس جميعاً إلى وحدة الصف، ونبذ الخلافات كما أسلفت لكم؛ لأننا مهما كنا ومهما كان الوضع فنحن بحاجة إلى أن نتوحد تحت قيادة واحدة لنستطيع أن نوحد الجهود، فلو كنا علماء حتى صرنا ملائكة ومطمئنين ولا بيننا مشكلة فالباري يقول: { قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولا} لابد من وحدة الصف، لابد من وحدة الكلمة، لابد من توحيد الجهود لنستطيع أن نجعل لهذه الجهود أثراً وبركة، حتى القبائل نفسها تقول: إذا كل واحد زوره من قرنه والله ما هو صالح لنا رأي، فنحتاج لنا قاعدة وشيخ، والغربيين كذلك أدركوا هذه فرأيناهم عندما أرادوا أن يحاربوا الإرهاب حسب زعمهم لم يسمحوا بالإجتهاد ولم يسمحوا بالرأي والرأي الآخر، ولم يسمحوا بحرية التعبير، هم اختلقوا كلمة تسمى الإرهاب، هم انطلقوا ليفرضوا على العالم توقيع وثيقة بأن تكون أمريكا برئيسها في ذلك العصر هي من ترعى مكافحة الإرهاب، يعني كان لديهم قاعدة وشيخ، إن صح التعبير، كان رئيس أمريكا شيخ وقعوا لهم قاعدة وانطلقوا من هذه القاعدة، بينما نحن وللأسف تفرقنا وتمزقنا في مواجهتهم وهم يتوحدون، هم عندما كانوا مختلفين في القرون الماضية أثناء الخلافات في الكنيسة واقتتلوا حتى وصلوا إلى نتيجة أن الخلاف في الدين لا يمكن أن يجدي فتعالوا كما قالوا لنجعل لنا رمزاً دينياً لنرجع إليه في خلافاتنا الدينية واسطنعوا الفاتيكان والبابا ثم أتوا ليعمروا الحياة ليصنعوا ليبنوا واقعهم بينما نحن لا زلنا في هذه الخلافات وكأن الله سبحانه وتعالى لم ينزل لنا ما يمكن أن يحسم خلافات المسلمين.

نحن في أمس الحاجة إلى توحيد الجهود وتضافر الجهود فإذا اعتصمنا بحبل الله ودعونا إلى الخير بمجاله الواسع كما قال الله سبحانه وتعالى، من الدعوة إلى الخير أن ندعوا الشعب إلى تحصين نفسه من الارتماء في أحضان أعداء الأمة، إلى بناء اقتصاد وطني للاعتماد على الذات حتى لا تصبح لقمة عيشنا رهينة بيد أعدائنا يسيرونا كيفما أرادوا خاصة عندما يكون أعداؤنا من هذا النوع السيء والقبيح، الذي يريد أن يستعبدك أن يذلك بأنه عانك، أليس هذا من الدعوة إلى الخير أن ينطلق العلماء والمثقفون يدعوا الناس إلى الاهتمام بالجانب الزراعي والله سبحانه وتعالى سيهيئ للناس أبواباً كثيرة ليقوموا على أقدامهم، أن لا نتفرق فإذا اعتصمنا بحبل الله وتوحدنا ولم نتفرق فستكون مواقفنا تبيض الوجه وترفع الرأس وسنحشر يوم القيامة ووجهنا بيضاء، إذا لم نعتصم بحبل الله وتفرقنا ولم ندعوا إلى الخير وننهى عن المنكر فستكون مواقف الناس تكسر الظهر وتسود الوجه وسيحشروا إلى الله ووجوهم سوداء.

وهنا سنصل إلى مرحلة { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ} كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ  جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ  عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون، وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون، وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ..} هي أتت بعد هذه الآيات إذا سرتوا على التوجيهات الإلهية بايجي ومواقفكم تبيض الوجه وباتحشروا ووجوهكم بيضاء وإذا لم تسيروا عليها فستكن مواقفكم تسود الوجه وستحشروا ووجوهكم سوداء والعياذ بالله كما قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون ، وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ  هُمْ فِيهَا خَالِدُون } نأمل بعد الله سبحانه وتعالى أن يترجم هذا اللقاء إلى خطب الجمعة في الأسابيع القادمة بإذن الله تعالى وأن ينتشل الوعي المجتمعي بالتوحد ونبذ الخلافات لأننا في مرحلةٍ هاهو العدوان قد قارب العامين ونحن في مرحلة تعزيز الصمود وأنتم ستكونوا رواد هذه المرحلة في الدفع والتعبئة وحشد الطاقات.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وأعتذر إن كنت خضت في بحر لا أجد السباحة فيه لكن الأجواء الروحانية بوجود هذه الكوكبة من العلماء دفعتنا لأن نخوض في هذا الغمار وأشكر لكم دوركم وحضوركم .. وشكراً

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز