تعز العز

الجبير للمعارضة السورية / “الأسد باق”.. ماذا وراء الاعتراف؟

 قاعدة تقول: “السياسة لا دين ولا مبادئ ثابتة لها”، هي القاعدة التي يتبعها النظام السعودي منذ زمن. قاعدة تنعكس على إدارة كافة الملفات السياسية والأمنية والعسكرية المنخرطة فيها السعودية. فبعد الحديث المستمر منذ سنوات عن المسؤولية الأخلاقية أمام الله والسوريين والتي لا تسمح لهم بقبول بقاء الأسد يبدو أن الواقع والمبادئ الغير ثابتة جعلت من الجبير يقتنع اليوم أن هذه المسؤولية يمكن تحريفها ويصبح بقاء الأسد ممكنا ولمرحلة انتقالية حتى.

فقد نقلت مصادر إعلامية عن شخصيات في المعارضة السورية كلاما مفاده أن الجبير وخلال لقائه الأخير بأعضاء المعارضة السورية الخارجية قال بأنه على الهيئة العليا للمفاوضات المعنية بالتفاوض مع الدولة السورية أن تبحث عن سبل جديدة للحل غير خروج الأسد. منوها بأن خروج الأسد بات غير ممكن في بداية أي مرحلة انتقالية. وقد حذر الجبير المعارضة السورية من مغبة الإصرار على تنحي الأسد لأن الواقع يقول أن المجتمع الدولي سيفتش عن سبل حل خارج طروحات المعارضة.

هذا وجرى خلال اللقاء الذي جمع المعارضة بالجبير بحث سبل إنجاح ما يسمى بمؤتمر الرياض الثاني للمعارضة السورية حيث من المقرر أن يتم الإعلان عن إنهاء دور رياض حجاب والتفتيش عن سبل جديدة لحل الأزمة.

المهم واللافت في هذا الخبر هو ما قاله الجبير عن حقيقة باتت أكبر من السعودية ونظامها الذي حاول ومن خلال التأزيم ودعم الجماعات الإرهابية في الداخل السوري تدمير مقدرات البلد وإسقاط النظام الذي بات اليوم أقوى من أي يوم مضى منذ سبع سنوات على الأزمة.

إذن هو موقف تراجع مهم جدا في هذه المرحلة بالذات. فالسعودية وخاصة خلال السنة الأخيرة كانت من أشدّ الدول التي لم تقبل وبأي شكل من الأشكال الحديث عن بقاء الأسد ولو لمرحلة انتقالية قصيرة. بل كان مطلب الرياض على الدوام التنحي الفوري عن الحكم قبل أي حديث عن مفاوضات وحلول.

يُذكر أن السعودية قد رفعت من سقف تصريحاتها في وقت سابق إلى درجة السعي والوعيد بتدخل عسكري سعودي بري مباشر في الميدان السوري. هذا الأمر قابله في حينها ردود أفعال سورية قوية اللهجة وحديث لمحللين سياسيين وعسكريين حذروا السعودية من أي حماقة لا طاقة لها بها على الأرض السورية.

هذا الأمر يؤكد أن النظام السعودي قد يأس من خياراته التي خاضها طيلة السنوات السبع الماضية. خاصة بعد الفشل الذريع للجماعات الإرهابية المسلحة المدعومة سعوديا في الوقوف بوجه الجيش السوري في ميادين القتال. واعتراف ضمني بالنصر الذي حققه بشار الأسد على أزلام السعودية من جماعات إرهابية مسلحة.

فالميدان السوري اليوم يتكلم عن نفسه، الجيش السوري والقوى الحليفة تسطّر أهم الانتصارات على كافة التنظيمات الإرهابية ومنها تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين. وهذا الأمر لمسه السعوديون بشكل كاف وتأكدوا أن عشرات المليارات من الدولارات التي دُفعت في الميدان السوري ذهبت سدى دون تحقيق أي نتائج.

هذا الكلام للجبير يؤكد الشرعية الكاملة لنظام الرئيس بشار الأسد. هذه الشرعية التي اكتسبها من خلال الوقوف الشعبي والصمود الأسطوري للجيش السوري. فرغم كل الكلام السعودي وغير السعودي عن عدم وجود شرعية شعبية للنظام فإن صمود الشعب السوري وبقاء الجيش متماسكا طيلة هذه السنوات يؤكد أن الشعب والجيش يقفان خلف الأسد ويدعمان شرعيته ووجوده.

من ناحية أخرى فإن هذا الكلام وفي هذا التوقيت بالذات مرتبط بكافة الملفات الساخنة التي تهم السعودية. ومنها الحرب على اليمن. حيث أن السعودية باتت تجد نفسها في مأزق وسط رمال متحركة يمكن أن تبتلعها بما فيها. لذلك يسعى السعودي لإيجاد مخارج لأزماته إن في سوريا أو اليمن.

يبقى الأمل اليوم أن يكون هذا الكلام مقدمة لحلول حقيقية للأزمة السورية. الأزمة التي لا يمكن أن تنتهي إلا من خلال المفاوضات الداخلية السورية السورية، هذه المفاوضات التي كانت السعودية واحدة من الدول التي سعت لإفشالها من خلال أزلامها من معارضة الصالونات والفنادق المرفهة في الخارج.

الوقت

%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%aa%d9%84%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d9%85