تعز العز

حجوا وطوفوا كعبدالله بن المبارك

لمن أراد حج هذه السنة أقول لهم كونوا عبدالله بن المبارك ،حجوا وطوفوا حول الفقراء والمحتاجين واليتامى والنازحين ففي بلادنا مأسي وأحزان يُندى لها الجبين وتبكي لها الجبال ..
عبد الله بن المبارك ذلك الرجل الصالح الذي أراد أن يحج فخرج ليودع أصحابه قبل سفره ، وفي الطريق وجد منظراً ًارتعدت له أوصاله. واهتزت له أعصابه!!.
وجد سيدة في الظلام تنحني على كومة أوساخ وتلتقط منها دجاجة ميتة، تضعها تحت ذراعها، وتنطلق في الخفاء..
فنادى عليها وقال لها: ماذا تفعلين يا أمة الله؟
فقالت له: أترك الخلق للخالق فلله تعالى في خلقه شؤون،
فقال لها ابن المبارك: ناشدتك الله أن تخبريني بأمرك..
فقالت المرأة له: أما وقد أقسمت عليّ بالله فسأخبرنَّك
فأجابته دموعها قبل كلماتها : إن الله قد أحل لنا الميتة..
أنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات غيب راعيهم الموت واشتدت بنا الحال ونفد مني المال وطرقت أبواب الناس فلم أجد للناس قلوبا ًرحيمة فخرجت ألتمس عشاء لبناتي اللاتي أحرق لهيب الجوع أكبادهن فرزقني الله هذه الميتة أفمجادلني أنت فيها؟
وهنا تفيض عينا ابن المبارك من الدمع وقال لها: خذي هذه الأمانة وأعطاها المال كله الذي كان ينوي به الحج..
وأخذتها أم اليتامى، ورجعت شاكرة إلى بناتها. وعاد ابن المبارك إلى بيته، وخرج الحجاج من بلده فأدوا فريضة الحج،
ثم عادوا، وكلهم شكر لعبد الله ابن المبارك على الخدمات التي قدمها لهم في الحج.
يقولون: رحمك الله يا ابن المبارك ما جلسنا مجلسا ًإلا أعطيتنا مما أعطاك الله من العلم ولا رأينا خيرا ًمنك في تعبدك لربك في الحج هذا العام.
فعجب ابن المبارك من قولهم ، واحتار في أمره وأمرهم، فهو لم يفارق البلد، ولكنه لايريد أن يفصح عن سره
وفي المنام يرى رجلا ًيشرق النور من وجهه يقول له: السلام عليك يا عبدالله ألست تدري من أنا؟
أنا محمد رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم_
أنا حبيبك في الدنيا وشفيعك في الآخرة جزاك الله عن أمتي خيرا ً
يا عبد الله بن المبارك، لقد أكرمك الله كما أكرمت أم اليتامى.
وسترك كما سترت اليتامى، إن الله – سبحانه وتعالى – خلق ملكا ً ًعلى صورتك،كان ينتقل مع أهل بلدتك في مناسك الحج ، وإن الله تعالى كتب لكل حاج ثواب حجة وكتب لك أنت ثواب سبعين حجة.
فيا من تتباهون بكثرة الحج و العمرة و الطواف بالكعبة طوفوا حول بلادكم تفقدوا أحوال الناس وحتماً ًستجدون الله عندهم
أين نحن من عبدالله بن المبارك الذي آثر الأخرة على حب الدنيا والهوى؟!
وأين نحن من بلادنا اليمن ففيها من الأحزان والمأسي ماتبكي لها العيون دما ًوتتفطر لها القلوب وتخر لها الجبال ..
نحن جراح العالم فاتقوا الله في إخوانكم وجيرانكم طوفوا حولهم ففيه السبيل إلى الله كطوافكم حول الكعبة..
هناك خمسة عشر مليون يمني لايجدون قوت يومهم !
وعشرون مليون مواطن تحت خط الفقر يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم!
وأكثر من سبعة مليون طفل يعانون سوء التغذية !
ان حج هذه السنة لهو الظلم كبير بحد ذاته، أي حج وأهلنا يموتون جوعا ًومرضا ً، والمجاعة والاؤبئة تفتك بحياة الناس بسبب هذا العدوان الجائر والحصار الخانق؟!
بأي قلب ستذهبون للحج وتدفعون المال لبلد هي عدو لنا تشارك في قتلنا وخرابنا مع أمريكا وإسرائيل؟!
فهذه الأموال لن تصل لبيت مال المسلمين بل هي ستصل لخزينة محمد بن سلمان ليشتري بها السلاح الفتاك ، فيمعن في قتلنا وخرابنا ولكن بأموالنا!
هناك من يموتون على كل رصيف وشارع وعلى كل مستشفى لأنهم ليسوا قادرين على شراء الدواء!
هناك الكثير ممن هم مشردون في الشوارع والأرصفة بسسب تهدم بيوتهم ونزوحهم وعدم قدرتهم على دفع الإيجارات !
ماذا لو ساهمتم بالأموال التي ستدفعوها لحج هذه السنة للتخفيف عنهم بدفع الإيجار عنهم و لشراء الدواء لهم و القمح لسد جوعهم ألم يكن هذا أفضل من حج هذه السنة ؟!
شعبكم منكوب ويستغيث وأنتم تريدون إقامة الفريضة أي فريضة هذه وأي ركن خامس وبلادكم تهدم؟!
والله إن إحياء الإنسان باطعامه ومعالجته والتخفيف عنه لهو أعظم وأكبر عند الله من طواف بيت الله الحرام، فمابالكم بشعب منكوب مظلوم تكالب عليه العالم ليقتلوه ويبدوه بجميع الاسلحة المحرمة دوليا ً، فمن لم يمت بسلاحهم مات جوعا ًومرضا ًبسبب حصارهم!
إتقوا الله هل ستذهبون للحج وخلفكم أهلكم يستغيثونكم؟!
حجوا في بلادكم وطوفوا حولهم أنفقوا ماكنتم ستدفعونه لتكاليف الحج لإحياء نفوس كثيرة كادت تموت !!
أفلا تكونوا عبدالله بن المبارك وتحيوا الناس المحتاجين الفقراء المنكوبين بأموالكم؟!
أكرموهم يكرمكم الله
استروهم يستركم الله
وستكتب لكم حجه، ويعظم لكم الأجر بإذن الله
قال تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ }
وفـــــاء الكبســـي
%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%aa%d9%84%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d9%85