تعز العز

” فورين بوليسي ” تحذر نظام ال سعود من تداعيات امنية ودورة عنف بعد تدمير احياء العوامية وتهجير سكانها الشيعة

حذرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها عن الحملة الامنية المكثفة التي شنها النظام السعودي ضد بلدة الوعمية الشيعية وسكانها في القطيف طيلة ثلاثة شهور ٫ باستخدام قوات الطوارئ وقوات الحرس الوطني والمدرعات ضد مدينة العوامية ٫ من تداعيات قتل المواطنين بمزاعم انهم ارهابيون وتدمير احياء المدينة ٫ ومن اندلاع موجة عنف دورية .

وقال تقرير المجلة الامريكية التي تمثل راي الشارع السياسي المتزن في الولايات المتحدة : ” أن “الحل الوحيد والبعيد المدى للمعضلة الشيعية في المملكة يتمثل في إنهاء الرياض قمعها بحق مواطنيها من الشيعة”. وليس ” بتهجير سكانها بحجة تطوير احيائها “. !

جذور المشكلة اعمق من ادعاءات وجود ارهابيين وجذورها تتمتد لتاريخ طويل من التمييز والاضطهاد

وقال تقرير المجلة : “في حين أن الحكومة السعودية تذرعت بوجود خلايا “إرهابية” داخل العوامية من أجل تبرير الحملة الأمنية والعسكرية في البلدة، إلّا أن جذور الأزمة في الجوهر تعد أعمق بكثير. فالتمييز والاضطهاد اللاحق بأبناء الأقلية الشيعية داخل المملكة السعودية، الذين يشكلون ما بين 10و 15 في المئة من سكان البلاد، والذين يقطن معظمهم في المنطقة الشرقية – التي تحتضن ابار النفط لاسعودي كلها –
يشعل التوترات الطائفية، وتنجم عنه “أعمال عنف دورية” بين المواطنين وقوات الأمن، لاسيما وأن المناهج الدراسية الرسمية السعودية تحمل أفكارًا عدائية إزاء عقائد الشيعة “.
ورأت المجلة أن “هذا النهج من تعاطي السلطات مع أبنائها من الطائفة الشيعية، يعود إلى سنوات طويلة، وأزمنة غابرة، ويتجلى من خلال عدم حصول المواطنين السعوديين من أبناء هذه الطائفة على معاملة متساوية أمام القضاء، إلى جانب التضييق على ممارستهم لشعائرهم الدينية، فضلًا عن صعوبة حصولهم على التراخيص من أجل بناء الجوامع والحسينيات العائدة لهم، إضافة إلى عدم فتح المجال أمام الشيعة السعوديين من أجل تبوّء وظائف معينة في القطاع العام، مثل الإنتساب إلى إحدى الكليتين العسكرية أو الأمنية، أو بلوغ مناصب سياسية وديبلوماسية وعسكرية رفيعة”.
وتنقل “فورين بوليسي” عن أحد مواطني تلك البلدة قوله “كنا خائفين جدًا من الخروج من منازلنا، وقد أغلقت جميع المحال التجارية، أو احترقت. أي شيء يتحرك كان هدفًا لقوات الأمن”.

 

اطلاق النار المتعمد والعشوائي ضد المدنيين وحملات اعتقالات للناشطين السلميين

ولفتت المجلة إلى انتقادات بعض سكان العوامية لأداء حكومتهم، حيث قالوا إن “قوات الأمن السعودي هي الجهة التي عمدت إلى إذكاء حدة التوتر في المنطقة، ودفع الأمور نحو التصعيد الميداني فيها بغير طائل، وذلك عبر إطلاق النار بصورة عشوائية، والقيام بجملة اعتقالات بشكل تعسفي بحق كل من يخرج من بيته، حتى في المناطق البعيدة عن مناطق الإشتباك في حي المسورة”.

نظام القضاء الجنائي منحاز ضد المواطنين الشيعة والتظاهرات تواجه بعقوبة الاعدام

كذلك أوضحت أن “نظام القضاء الجنائي في المملكة السعودية يستخدم من قبل السلطات بغرض فرض عقوبات صارمة بحق المواطنين الشيعة، على خلفية تهم تتعلق بـالتظاهر والاحتجاج وتنفيذ أعمال عنف، علمًا بأن بعض تلك العقوبات يصل إلى الإعدام، كما هو حال النشطاء الأربعة عشر الذين حكم عليهم بالإعدام مؤخرًا، مضيفة أن قضية هؤلاء النشطاء تعكس استجرارًا لـ”نمط قديم” من ممارسات المؤسسة الأمنية السعودية التي تعمد إلى إخضاع المتهم لسيل من وسائل التعذيب، تشمل الضرب الجسدي، والحبس الإنفرادي لفترة طويلة، بهدف إكراهه على الاعتراف، كما جرى مع المتهم مجتبى السويكت، المعتقل منذ العام 2012، والذي فقد حاسة السمع في إحدى أذنيه على يد المحققين، وذلك وفق نتائج تحقيقات أجرتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” في عشرة أحكام قضائية صادرة عن القضاء الجنائي السعودي، بين عامي 2013 و2016.

نظرة مؤسسات الحكم الوهابي للشيعة تعكس اكثر من تعصب ديني

وتتابع “فورين بوليسي” أن “مشاعر العداء والريبة التي تتعامل بها المؤسسة الحاكمة في الرياض مع أبناء الطائفة الشيعية من السعوديين، أسوة بالطريقة التي تنظر بها المؤسسة الوهابية، وقطاع كبير من المجتمع السعودي إلى هذه الطائفة، تعكس ما هو أكبر من تعصب ديني كامن في هذا المجتمع، وتنحو في اتجاه التماهي والتشابك مع معادلة إقليمية جيو – سياسية، تنطلق من أجندة طائفية ومذهبية، لا تقل تشددًا، تتبناها الرياض في الوقت الراهن، كما هو الحال في اليمن.

 الشيعة في السعودية : مشكلاتنا مع الحكومة محلية ولاعلاقة لها بما يجري في المنطقة

ووفق “فورين بوليسي”، يصرّ الشيعة السعوديون على أن مشكلاتهم محلية الطابع، ولا علاقة لها بما يجري على صعيد المنطقة.
ولاحظت المجلة أن تصريحات أمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف في أبريل/نيسان من العام 2015 التي هاجم فيها شيعة المملكة تتناغم مع خطاب المؤسسة الدينية الرسمية أي الوهابية، ولا سيما أنه يحض على كراهية الشيعة في المجتمع السعودي، ويزيد من حدة الإجراءات الرامية إلى عزلهم عن باقي فئات الشعب السعودي، سواء لجهة وصم معتقدهم بـ”الشرك”، وحثّ أبناء الطوائف الأخرى، بخاصة أبناء المذهب السني، على عدم مصاهرة الشيعة، وهو الأمر الذي “ينذر بعواقب وخيمة”؛ كونه يصب في خدمة أجندة الجماعات المتطرفة كـ”داعش”، التي استهدفت منذ أواسط العام 2015 ستة مساجد وحسينيات شيعية، ضمن المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في المنطقة الشرقية ونجران.
بدورهم، يتطلع أبناء المملكة من الطائفة الشيعية إلى تحقيق الإندماج الكامل داخل الدولة السعودية، كـ”مواطنين متساوين” مع أبناء الطوائف الأخرى، على حد تعبير “فورين بوليسي”.

الاعدامات والاعتقالات لن تؤمن للنظام السعودي الاستقرار

وبرأي المجلة الأمريكية، فإن المملكة السعودية ربما تعتقد أنها ومن خلال قتل من تسميهم ” الإرهابيين ” عبر عمليات أمنية، وإعدام المتظاهرين بعد محاكمات غير عادلة، ستكون قادرة على إخماد الإضطرابات داخل المناطق الشيعية، إلّا أن تلك المقاربة لحل الأزمة لن تؤدي إلّا إلى المزيد من التظاهرات الإحتجاجية، وبالتالي المزيد من الحملات الأمنية المضادة.

 

 

%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%aa%d9%84%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d9%85