تعز العز

“بلومبيرغ”: 100 يوم على الحصار.. أضرار بالغة على الاستثمار والمال في الخليج

 ميز عرض رائع للألعاب البهلوانية والألعاب النارية افتتاح ميناء قطر الجديد بقيمة 7.4 مليار دولار قبل أسبوعين، لكن التوقيت كان أكثر لفتا للانتباه من المهرجان.

وبدعوة المسؤولين من إيران والكويت وعمان، أرسل الحدث الذي تم في 5 سبتمبر/أيلول رسالة تحدي، تقول أن قطر لن تبقى حبيسة الحصار الذي تقوده السعودية.

وقال وزير النقل والمواصلات في قطر، «جاسم بن سيف السليطي»، في تصريح صحفي: «نحن اليوم أكثر قوة وتصميما»، موجها قوله لمسؤولين قطريين ودبلوماسيين غربيين ورجال أعمال أجانب في القاعة المكيفة. وأضاف: «لا ننتظر حتى يهدأ البحر، بل نتعلم كيفية الإبحار عبر العاصفة».

وبدلا من تحويل شبه الجزيرة الصحراوية إلى دولة تابعة لها، تفرع العداء نحو المملكة العربية السعودية بين دول الخليج بعد 100 يوم، بطريقة تبدو أنها ستستمر كثيرا. ويؤدي الانشقاق إلى إجبار المديرين التنفيذيين والمصرفيين والمستثمرين، فضلا عن صانعي السياسة الأجنبية، على إعادة النظر في نهجهم تجاه ما كان أكثر أجزاء العالم استقرارا. وكلما طال أمد الأزمة، كلما كان الاختيار أكثر صعوبة.

ويذكر أن الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (السعودية والبحرين وقطر وسلطنة عمان والكويت والإمارات العربية المتحدة) نادرا ما تعلن عن نزاعاتها على الملأ، لكن مستوى هذه الأزمة غير مسبوق.

وقد اتهمت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطر بدعم الإرهاب، وهو ما نفته الحكومة في الدوحة بشدة. وقال وزير إماراتي في يوليو/تموز أنه يتم النظر إلى التحالف الرباعي باعتباره شبكة جديدة من العلاقات تحل محل العلاقات القديمة.

والآن، يتعرض الأطراف في المنطقة وخارجها إلى الاضطرار للانحياز إلى أحد الجانبين.

وقال «أليسون وود»، محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «تفضل الشركات القطرية على وجه الخصوص استخدام طرق التجارة الجديدة والشركاء الذين يتجنبون الإمارات والسعودية». وأضاف أن «الشركات متعددة الجنسيات سوف تفكر أيضا بشكل أكبر في كيفية تعاملها مع دول مجلس التعاون الخليجي وطريقة إقامة عملياتها واستثماراتها فى دول المجلس».

وقد تأسس المجلس عام 1981 حيث بحثت الدول عن سبل لمواجهة تهديد إيران عقب الثورة الإسلامية. وبالإضافة إلى ما قد ينتج عن الأزمة من تفكك مجلس التعاون الخليجي، قد يكلف الانشقاق مئات الملايين من الدولارات في العقود المستقبلية. ويأتي خمس إمدادات النفط العالمية من دول المجلس، وتدير تلك الدول أموالها من خلال الشركات الغربية والأسواق المالية العالمية.

وتعمل السعودية على خلق ما قالت أنه سيكون أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم، حيث تستعد لبيع حصة في شركة النفط الوطنية أرامكو. وتنفق قطر مليارات الدولارات على تحويل الدوحة إلى مركز إقليمي جاهز لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. وكان صندوق الثروة السيادية لديها بالفعل مصدر دخل كبير للبنوك الاستثمارية.

أوضاع معقدة للشركات
وقال «جاسم السعدون»، رئيس شركة الشال للاستشارات الاقتصادية في الكويت، إن دول المجلس «ستشتري الدعم السياسي من قبل الشركات متعددة الجنسيات والدول من خلال التعامل معها حتى لو لم يكن ذلك في مصلحتها».

وقد قامت الشركات الكبرى بأعمال تجارية في جميع أنحاء الخليج. وعلى سبيل المثال، تقوم شركة لارسن آند توبرو المحدودة في الهند ببناء ملعب لكأس العالم في قطر، ولديها مشاريع بنية تحتية رئيسية في الإمارات والسعودية. وفازت شركة بويغز إس إيه الفرنسية بعقد لبناء أنفاق الصرف الصحي في قطر، في حين قامت شركة أخرى من شركاتها ببناء فندق ريتز كارلتون في دبي.

وقال المتحدث باسم شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة، إحدى الشركات اليابانية الكبيرة العاملة فى الخليج، «شيمون إيكيا»، هذا الأسبوع، إن شركته تهتم دائما بالمخاطر الجيوسياسية. ويذكر أن الشركة التي تتخذ من طوكيو مقرا لها قد فازت بعقود في الأعوام الأخيرة لتوريد مبردات كبيرة لتبريد المياه في المدينة المنورة بالسعودية، وهي جزء من مجموعة تقوم ببناء نظام المترو في الدوحة.

وقال «إيكيا»: «لا توجد مشاكل في الوقت الحالي». وأضاف: «لا نعتقد أن القطيعة الدبلوماسية بين قطر والسعودية ستؤثر على عملنا العالمي».

وقال مصرفيون إن بعض البنوك الأجنبية التي تخدم قطر من دبي تتطلع إلى إقامة مكاتب لها في الدوحة والتعامل مع العملاء في عمان والكويت من هناك.

وقالوا إن بعضهم يرسل موظفين من المكاتب في لندن ونيويورك وهونغ كونغ للقاء العملاء القطريين، لأن من الصعب على المسافرين في دبي السفر إلى قطر أو العكس، لأن بعض العملاء القطريين يرفضون التعامل مع أشخاص من دبي.

وفي الوقت نفسه، تقوم البنوك القطرية بتتبع الشركاء الأجانب الذين حافظوا على العمل معهم، وهؤلاء الذين خفضوا مستوى التعامل. ويريد البنك المركزي وضع قائمة بذلك يمكن استخدامها عند تحديد الجهة التي ستقدم أعمالا مستقبلية في قطر، وذلك وفقا لما ذكره ثلاثة من المصرفيين حول هذه المسألة.

لن تعود كما كانت
وقال «فاروق سوسة»، كبير الاقتصاديين في شركة سيتي جروب الشرق الأوسط: «تم إضعاف الروابط التجارية والمالية، ومن غير المرجح أن تعود كما كانت، حتى لو تم حل الخلاف السياسي».

وقد بذلك الكويت جهود وساطة لحل الأزمة. وقد بدأت شركة الشحن القطرية «ملاحة» خدمة شحن أسبوعية جديدة تربط ميناء حمد الجديد في الدوحة، الذي افتتح رسميا الأسبوع الماضي بعد أشهر من تشغيله، مع ميناء الشويخ في الكويت.

وزادت كل من سلطنة عمان وإيران وتركيا من التجارة عبر البحر والجو مع قطر للمساعدة في تخفيف النقص في الغذاء والإمدادات الأساسية في الأسابيع التالية لمقاطعة 5 يونيو/حزيران. وارتفعت التجارة بين عمان وقطر بنسبة 2000% خلال 3 أشهر، وفقا لتقرير صادر عن غرفة التجارة نشرته صحيفة تايمز عمان. وزار الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» أنقرة يوم 14 سبتمبر/أيلول لتعزيز العلاقات الثنائية مع تركيا.

وعلى الرغم من أن قطر قد استجابت سريعا للحد من التداعيات، انخفضت الواردات بنسبة 40% في يونيو/حزيران عن العام السابق، و35% في يوليو/تموز، وفقا للبيانات الرسمية. وقد أدت التدابير التي اتخذتها الكتلة السعودية إلى تفاقم التباطؤ الأوسع نطاقا في قطر الناجم عن انخفاض أسعار الطاقة، حيث توقع الاقتصاديون نمو الناتج المحلي الإجمالي بأبطأ وتيرة منذ عام 1995 هذا العام.

وباختصار، قالت موديز في تقرير نشر الأربعاء إن الأثر المباشر لإغلاق الروابط البرية والبحرية والجوية على الاقتصاد القطري كان حادا. وأضافت أن الصدع الذي طال أمده له آثار سلبية على التصنيفات الائتمانية لجميع دول مجلس التعاون الخليجي.

ويقول القطريون أنهم يتكيفون مع الوضع الذي أصبح طبيعيا. وهم فقط يبحثون تنويع الأعمال والأصدقاء.

وقال «غاريت والش»، الرئيس التنفيذي لشركة ميزان القابضة التي تتخذ من الكويت مقرا لها، والتي تقدم خدمات التموين والماء والوجبات الخفيفة في قطر: «لقد كانت البداية تحديا لوجستيا. ومع ذلك، تمكنا من العثور على طرق بديلة. وتعود خطوط الإمداد لدينا الآن إلى وضعها الطبيعي».

وأعلنت قطر عن مشروع ميناء «حمد» عام 2007، حيث سعت أغنى دولة في العالم من حيث نصيب الفرد من دخلها الضخم من بيع الغاز الطبيعي لتحويل العاصمة إلى مركز تجاري ولوجستي. كما أنفقت المال في شراء حصص في البنوك العالمية، بما في ذلك باركليز ودويتشه بنك، واشترت حصصا في صانع السيارات فولكس فاجن، ونادي باريس سان جيرمان لكرة القدم.

ويمتد الميناء عبر 26 كيلومترا مربعا من الصحراء، وهو أكبر بـ14 مرة من ميناء الدوحة القديم، وتهدف الدوحة من خلال إنشائه إلى التنافس مع ميناء جبل علي في دبي.

وقال «عمر الحمادي»، البالغ 20 عاما، وهو طالب قطري في مجال المحاسبة ويعمل في مجال الأعمال البحرية الخاصة بوالده، إن «السفن التي لم تكن تعمل تستخدم الآن في كل وقت، حيث تزدهر الأعمال البحرية». وقال إن قطر قامت الآن بتطوير مرافق لخدمة السفن وتزويدها بالوقود بدلا من الاعتماد على دبي. وأضاف: «لقد طلب من الشركات الاستعداد على المدى الطويل».

 

الخليج الجديد

%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%aa%d9%84%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d9%85