مفاوضات الكويت.. صعوبة المزاوجة بين الإرادات
ما يجري في الكويت هو محاولة قياده النظام الدولي التي تتزعمه امريكا وتحت يافطة ما يسمى الأمم المتحدة البحث في محاولة فرض صغية سياسية توافقية لحكم اليمن ، وذلك بين المشروعين الذي يتبناه كل طرف من الإطراف المتحاربة على اليمن
المشروع الاول بقيادة امريكا وعبر ادواته الاقليمية السعودية والامارات واسرائيل وغيرها وايضا عبر ادواتة الداخلية في اليمن وهي مراكز القوى القبلية (المشايخ) والدينية والعسكرية والحزبية والاقتصادية من رجال الاعمال والذي يريد ان يستمر في حكم اليمن بواسطة هذه التوليفة والذي خضع اليمن لحكمها طوال عشرات السنين السابقة وفق صيغة الحكم السابقة
التي كانت عبارة عن توليفة تشاركيه في المصالح الشخصية تبقي اليمن تحت هيمنة الوصايا الخارجية وتبقيه بلدا مسيطر علية فقيرا ضعيفا لا يحمل اي مشروع نهضوي وتنموي قد يؤدي به في النهاية الى امتلاك أسباب القوة والاستقلال وفرض المشروع الوطني على حساب المشروع الخارجي وبحيث يخرج عن بيت الطاعة الخارجية ويشكل قلق للدول الاقليمية والدولية واخلال في التوازن في المنطقة وتعرض نفوذهم للتقلص وحرمانهم من الثروات التي كانوا يجنوها في اليمن ومن كل الامتيازات التي كانت توفر لهم الصيغة السابقة في حكم اليمن. وهذا هو هدف المشروع الثاني الذي تمثلة حركة انصار الله ومناصروها والتي تسعى الى امتلاك القرار اليمني والاستقلال بة بحيث يؤدي الى التخلص من الوصايا والتبعية الخارجية وبالتالي اجتثاث الادوات الداخلية للاجنبي في الداخل اليمني بما يعرف مراكز القوى التي ذكرناها سابقا والتي كانت تحقق مصالح سلطوية ومالية شخصية على حساب المصالح الوطنيةوالقومية العليا للوطن وهو ما كانت تتمتع به عبر صيغة الحكم السابقة للقيام الثورة الشعبية في 21/9 /2014
اذا جاءت مفاوضات الكويت وقبلها مفاوضات ظهران الجنوب بعد ما شن تحالف المشروع العدواني الاول حربا عدوانية تدميرية على اليمن كان الهدف منها استعاده فرض الوصايا والتبعيه لليمن له والعودة للصيغة السابقة الذي كان يحكم به اليمن بعد ان قلبت علية الطاولة حركة انصار الله وهددت نفوذه ووجوده في اليمن وكان من اهم اهداف هذا العدوان هو اجتثاث حركة انصار الله وهزيمتها وسحقها لكي يتحقق ذلك
ولما كانت نتيجة الحرب الذي استمرت للأكثر من سنة وعده اشهر مخيبة للامال الامريكي والسعودية وتحالفهم بحيث لم يستطيع اي طرف تحقيق هزيمة كاملة بالطرف الاخر
تولدت قناعة لديهم جميعا ببدء مفاوضات سياسيه بين اطراف الحرب على اليمن ، وخاصة بعد ان وصلت السعودية الى فشل ذريع في استعاده الربوعة والمناطق التي سقطت بيد الجيش واللجان الشعبية في نجران وجيزان وعسير ، كما ساعد قيام انصار الله بتوصيل الرسالة الصحيحه بأنهم مستقلين بقرارهم وانهم ليسوا مخلب لاي دوله سوى ايران او غيرها ، وكلنا سمعنا ما صرح به الاخ محمد عبد السلام المتحدث الرسمي للانصار الله بهذ ا الخصوص ووجهه انتقادات لاذعة للتصريحات الايرانية السابقه .
وبأعتقادي ان مفاوضات الكويت هي الترجمة التي تعكس التوازن الميداني. على ارض الواقع وبالتالي سيكون من الضروري ان يسعى الراعيين والمشرفين على هذه المفاوضات هدفهم هو الوصول الى مزاوجه توافقية وتشاركية بين المشروعين وبحيث يدمجوا جميعا بصيغة جديده توفر وتضمن مصالح كل الاطراف طالما عجز الطرفان عن حسم الحرب ، ووفق اي صيغة لشكل الدولة في اليمن سوى تحت ظل دولة يمنية واحدة او حتى عشرين دوله او اقليم تضم بدولة فيدرالية او كونفيدرالية هذا لا يهم ، المهم ان اليمن يبقى فيه مشاركة دولية واقليمية في صنع القرار فية والحكم مع التنازل بجزء من هذا القرار للمشروع الثاني الصاعد .
إن الجميع يعرفون صعوبة التوفيق بين مصالح واهداف كل مشروع ، وما نشاهده في الكويت من صعوبة في اي تقدم بهذه المفاوضات الا دليل على ما نقول ، وكل ما جرى في الكويت خلال شهر من المفاوضات لا يرقى الى الوصول الى صيغة حقيقية تضم كل المشروعين في بوتقة واحده وصيغة واحده لحكم اليمن ، وكل ما يجري في الكويت ماهو الا مفاوضات شفوية غير موثقة ومعتمده .
وحتى ملف الاسرى والمفقودين لايزال بين شد وجذب وهو من اقل الملفات صعوبة ، بل ان المقاتلين في خطوط الجبهات العسكرية من الطرفين استطاعوا انجاز بينهم صفقات تبادل الاسرى كما تم في تعز قبل ايام دون الانتظار للاتمام الاتفاق في الكويت
اصحاب المشروع الوطني الداخلي الذي تقودهم حركة انصار الله يعرفون جيدا انه لا يمكن تحقيق معظم اهداف مشروعم اذا بقت الوصايا الخارجية ولا يمكن انجاز اي تقدم في بناء الوطن طالما بقى القرار اليمني غير مستقل ومرتهن للخارج ولهذا يشعرون بصعوبة القبول بالمزاوجة بين المشروعين والذي تجري في الكويت الذي تحولهم الى مركز من مراكز القوى الداخلية تمنح لهم بعض المصالح الشخصية السلطوية والمالية مثل بقية مراكز القوى العميلة للخارج الذي حكمت كوكيلة للخارج طوال السنين السابقة.
لذلك راينا عودة الحرب واشتعال الجبهات العسكرية بين الطرفين الخارجي والداخلي من جديد على الرغم من استمرار المفاوضات في الكويت ، والذي كانت ترمي الى تغير الوضغ الميداني على الارض من خلال ما تم حشدة من اسلحة وجنود ضخمة من قبل السعودية وتحالفها في جبهات القتال للأحداث هذا التغير، وكانت النتيجة ايضا دون جدوى لان الجيش واللجان الشعبية نجحوا بامتصاص صدمة هذا الهجوم واستطاعوا صدة وافشلوه.
وبأعتقادي ان احد الاسباب الذي جعلت السعودية وتحالفها يشنون الهجوم الواسع الاخير هي الرسائل الخاطئة التي ترجموها لقرار حركة انصار الله القبول الاولي في التفاوض على مزاوجة المشروعين والبحث عن صيغة توافقية قد ترقى الى مشاريع المحاصصة او خليط من النموذج العراقي واللبناني واستعدادها للبحث عن كل المخارج الذي تؤدي الى وقف العدوان وفك الحصار والاستماع لكل الصيغ ، بالرغم انها لم تعطي اي اشارات مبدئية بالموافقه، الامر الذي جعل السعوديون وتحالفهم يقرأوا هذه الرسالة بالخطاء ويعتبروا ان حركه انصار الله اصبحت ضعيفة ميدانيا وانها تعاني كثيرا على الارض ويمكن اذا ما تعرضت الى مزيد من الضغط العسكري تتراجع عسكريا ويمكن الحاق الهزيمة بها وتغير التوازن على الارض ، وما جرى مؤخرا في الميدان العسكري اظهرت التحالف انه كان على خطاء.
اما بقية مراكز القوى العميلة السابقة المتحالفة مع قوات التحالف العدواني فهي تخشى بالطبع من اي صيغة يتم التوصل اليها بين حركة انصار الله والتحالف السعودي الامريكي يكون على حساب الانتقاص من مصالحها الشخصية ونفوذها ،ولذلك رأينا في الايام الاخيره انزعاجها انعكس في اعلامها .
في الاخير نعتقد ان المشروع العدواني الخارجي وتحالفه مستمر في ممارسة كل الضغوط العسكرية والاقتصادية والاجتماعية ودعم التوجهات الانفصالية وتوسيع التمزق في النسيج الاجتماعي ووضع كل العراقيل والصعوبات امام المشروع الداخلي الوطني بما فيها دعم انتشار المليشيات المتطرفة في القرى والمدن وعواصم المحافظات . ولن نشهد اي تقدم او الوصول الى وقف الحرب والعدوان الا بأنتصار المشروع الوطني الداخلي في الحرب التي تقوده حركة انصار الله ،
اما المشروع الامريكي فهو مشروع فوضى للمنطقة كاملة يسعى لإعادة تشكيلها ورسم حدودها وهو ما يتطلب خوض الحروب الطويلة الاهلية بين اليمنين
اما الخيار الثالث الذي يتمثل في الوصول لمشروع صيغة حكم تقوم على المزواجة بين المشروعين الخارجي العدواني والمشروع الوطني الداخلي والذي تسعى المفاوضات التوصل لها بين الطرفين ، اذا ما توافق الطرفين ، لكن هذا يحتاج من كل الطرفين التنازل عن الكثير من اهدافهما وعن التضحية بكباش فداء كثيره وخاصة من قبل تحالف المشروع العدواني الخارجي السعودي الامريكي.
بقلم / صلاح القرشي
====