تعز العز

التاريخ ألاسود من مذكرات “جون فليبي”

                 التاريخ الاسود للملك الرمال

 

بقلم /

ناصر السعيد

واقرأ ماذا يقوله جون فيلبي عن خدمات آل سعود لليهود
يقول جون فيلبي: (لقد أصبحت مهمتي المكلف بها من المخابرات الانكليزية بعد مقتل الكابتن شكسبير، قائد الجيش السعودي، هي: الدعم والتمويل والتنظيم والتخطيط لانجاح عبد العزيز آل سعود في
مهمته ) كما يفضح جون فيلبي دعم اليهود لآل سعود، واتصال “بن غوريون” مع عبد العزيز آل سعود:

قال جون فيلبي اّنه (بعد مصرع قائد جيش عبد العزيز آل سعود الكابتن شكسبير على أيدي قوات ابن الرشيد في نجد، وصلت رسالة من رئاسة من رئاسة المخابرات الانكليزية في لندن تؤيد وجهة نظر السيد برسي كوكس حينما كنت سكرتيرا له في العراق وتحثه الرسالة بدعم عبد العزيز آل سعود وتعيين جون فيلبي خلفا للكابتن شكسبير وتسليمه كامل المسؤولية للعمل بكل وسيلة تمكنه من دحر خصوم ابن السعود…
وكانت الرسالة تلك بداية لترك عملي كسكرتير لرئيس مكتب المخابرات في الجزيرة والخليج السير برسي زكريا كوكس لا تفرغ إلى مهمة أهم من مهمة السكرتير تلك هي مهمة الدعم.
والتسويل، والتخطيط، لانجاح عبد العزيز آل سعود، واعادة تنظيم جيشه وتمويله وإيجاد ميزانية خاصة له وتسليحه بالذخيرة والسلاح، واحياء الافكار الوهابية والقيام بايجاد أنصار له في كل بلدة وقبيلة وقرية من أنحاء جزيرة العرب وإيجاد عملاء لنا مهمتهم تزويدنا بمعلومات عن خصوم ابن السعود الاقوياء مع بث أفكارنا بينهم وبث الاشاعات المرجفة في هذه المدن والقبائل والقرى المعادية، وركزنا على كسب العديد من الوجهاء ورجال الدين في البلاد، كما استطعنا أن نخلق وجهاء جدد في المناطق التي لم يرض وجهاءها السابقون السير معنا، وسارت الأمور بقيادتي على حسن مما أراده قادتي في لندن والخليج، الشئ الذي نلت عليه منهم الثناء كما ذكرت في مكان آخر.
وبعد سقوط حكم ابن الرشيد في حائل وسقوط عرش الحسين ابن علي في الحجاز أنشأنا أمارة شرق الاردن ونقلنا إليها الامير عبد الله بن الحسين، وكلف الانكليز أشخاصا غيري لمراقبة وتوجيه عبد الله
وتنظيم الامارة الجديدة، إ ّ لا أن هؤلاء الاشخاص غيري لمراقبة وتوجيه عبد الله تنظيم الامارة الجديدة، إلا أن هؤلاء الاشخاص ما استطاعوا ترويض الامير عبد الله الذي ظن أن هذه القطعة الجديدة من الأرض التي منحت له ما هي إلا “ملكه الخاص وعرشه البديل للعرش الضائع” في الحجاز وأنه بامكانه التصرف بمزاحه بعيدا عن خطنا المرسوم وان بامكانه أن يجعل من الاردن منطلق هجوم ضد ابن السعود لاستعادة العرش الهاشمي الذي منحه الانكليز لعبد العزيز وكذلك ظن أن بامكانه استعادة عرش سوريا الذي منحه
الانكليز لاخيه فيصل ثم تنازل عنه الانكليز للفرنسيين ثم عمل الانكليز جهدهم أخيرا لتخليص سوريا من الفرنسيين!…
ومن أجل ذلك رأى قادتي أنه لا مناص من ذهابي إلى الاردن في مهمة ترويضية… وكانت أول جملة كلفني السير برسي كوكس بنقلها للأمير عبد الله هي “أن يقبل عبد الله بما قسم الله له وأن لا يجعل من عشه الجديد ثكنة حربية ضد عبد العزيز آل سعود بحجة العمل لاستعادة العرش الهاشمي الملغى ذكره ووجوده في الحجاز وإلى الابد، وأيضاً يجب أن أفهم عبد الله ألا يحرك ساكنا ضد فرنسا في سوريا ولبنان وأن يسلم الثوار السوريين للسلطات الفرنسية في دمشق وأن يتعاون مع الوجود البريطاني واليهودي في فلسطين، وأن يسلم لابن السعود الحجازيين والنجديين والشمامرة الذين هربوا معه أو لجأوا إليه فأخذ يعدهم في الأردن لمضايقة ابن السعود… هذه هي أسس المهام التي كلفت من قيادتي بترويض الامير عبد الله عليها)!…
ويتابع جون فيلبي سرد الذكريات قائلا: (وبعد شهرين من وصولي إلى الاردن قمت بجولة في أنحاء فلسطين وكانت الثورة الفلسطينية في بدايتها ويعيش الانكليز في قلق نمها، فحاول بعضهم توسيط الامير عبد الله لدى الثوار الفلسطينيين بايقاف الثورة، فحبذت الفكرة لعلمي أن عبد الله سيفشل في وساطته لعدم نفوذ الامير عبد الله بين الفلسطينيين، وبالتالي سيكون الجو مهيئا لصديقنا العزيز عبد العزيز فتنجح وساطته فترتفع أسهمه لدى الانكليز أكثر فأكثر، وهذا ما تم فعلا وما اقترحته بعد فشل عبد الله في الوساطة إذ اقترحت توسيط عبد العزيز آل سعود، وهكذا نجح عبد العزيز بما فشل فيه عبد الله عام 1936 م، بل اّنه بمجرد أن عرض عبد العزيز آل سعود وساطته لدى وجهاء فلسطين قبلوا وساطته بإيقاف الثورة
ضد الانكليز واثقين مما تعهد لهم به وأقسم لهم عليه قائلا: “أن أصدقاءنا الانكليز تعهدوا لي على حل قضية فلسطين لصالح الفلسطينيين، وانني أتحمل مسؤولية هذا العهد والوعد” وكان لنجاح وساطة عبد العزيز آل سعود صداها القوي لدى الانكليز واليهود وكانت المنعطف الاكبر في تاريخ فلسطين، وعزز ذلك النجاح الباهر كافة آرائي بعبد العزيز أمام رؤسائي بل وحتى أمام خصومي في “المكتب العربي بالقاهرة” الذين ما زال بعضهم يؤيد الهاشميين ويعتبرهم أصلح لنا من آل سعود … وأثناء رحلتي تلك إلى فلسطين عرجت إلى تل أبيب وقابلني الزعيم اليهودي ديفيد بن غوريون وكان فرحا لنجاح الوساطة السعودية التي أوقفت الثورة الفلسطينية، إلا أنه أبدى قلقه من سبب ابتعادي عن عبد العزيز آل سعود وقال ان وجودك “يا حاج عبد الله” مهم بالقرب من عبد العزيز هذه الايام، فقلت لابن غوريون: “إننا لم نعد نخشى على عبد العزيز آل سعود فلديه من الحصانة ما يكفي لتطعيمي وتطعيمك!..
كما قد حصناه سابقا بعدد من المستشارين العرب بالاضافة إلى أن هناك من يقوم الان بدوري لديه، مع أنني لم أبتعد هذه الايام عنه لغير صالحه في ترويض خصومه في شرق الاردن”.
هنالك ظهرت على وجه بن غوريون علامة الارتياح، وتشعب الحديث مع بن غوريون في أمور هامة تتعلق في الشؤون العربية ومستقبل اليهود، وأخبرت بن غوريون أن أمير شرق الاردن عبد الله بن الحسين
كان في منتهى الشراسة بعد أن أخرجناه من الحجاز وكان يكن الحقد حينا ويظهره أحيانا لبريطانيا على فعلتها بتسليم عرشه لعبد العزيز آل سعود ومن أجل ذلك أخذ يتبنى العديد من الرجال المعارضين لعبد العزيز والمعارضين للفرنسيين والانكليز واليهود على حد سواء، وهو ما زال يكره ابن السعود ويجعل من الاردن مكان تجمع لخصوم ابن السعود معدا إياهم للعودة بهم في حرب خاطفة يعيد بها ما فقدوه في الحجاز وحائل ونجد وعسير، فقال بن غوريون: “نحن ندرك هذا تماما ونقدر جهودك والذين اختاروك لا شك يدركون ما لديك من مقدرة فائقة على ترويض الامراء العرب”.
قلت لابن غوريون: “قبل أيام أخرجت جيش الاخوان المسلمين السعوديين لتأديب الامير عبد الله فهددوا كيانه، فاستنجد بي لانقاذه منهم مبديا الكثير من التودد والطاعة لبريطانيا، وبذلك أوعزنا لعبد العزيز آل سعود بإيقاف جيش الاخوان عند حدهم قبل أن يدخلوا الاردن وينزلوا فيها الدمار..
إلاّ أن عبد العزيز لاقى صعوبة في صد هذا الجند البدوي الشرس صعب الترويض والمراس فاضطررت إلى اعطاء الامر للطائرات الحربية البريطانية المرابطة في الاردن لتأديبهم، ولو لم توقع الطائرات بهم
بعض الخسائر لما تراجعوا وما سمعوا كلمة شيخهم عبد العزيز آل سعود!…
لكنه رغم ما أصاب عبد الله من هلع كان ما زال شرس الطباع ضد بريطانيا مما جعلني أوحي إلى قبيلة ابن عدوان في الاردن بالخروج لضرب عبد الله وتطويق قصر الشونة لارهابه كنوع من أنواع الترويض،
وحينها استنجد عبد الله بي مرة أخرى قائلا: انني أعرف أن كل هذه الاعمال ما حدثت إ ّ لا بعد مجيئك يا حاج فيلبي بغية ثني إرادتي عن مقاومة حبيبكم عبد العزيز آل سعود … انني أعدك بابعاد هذه الفكرة
نهائيا، لكنني أرجو إعفائي من مسألة ابعاد الذين لجأوا معي من الحجاز ونجد هربا من وحشية صاحبكم وجنوده التي أنت أعرف الناس بها.
وما مجزرة تربة والخرمة والطائف ببعيدة عن ذاكرتك… فقلت لعبد الله: انني أعدك ببذل كل مجهود لحمايتك بعد أن اتضح لنا انك لا تنوي بابن السعود شرا أما اللاجئين فرأيي بهم كما تراه أنت هو ألا
نسلمهم لابن السعود على ألا يقوم أي أحد منهم بنشاط ضده…
فقال عبد الله: اتفقنا يا حاج فيلبي!… وهكذا تخلى عبد الله عن أفكاره الوطنية والقومية في غزو الحجاز أو اثارة أي نوع من الشعب ضد ابن السعود بعد أن جمع لهذه الفكرة كل مخلفات جيشه وجيش والده الهارب من الحجاز جاعلا من الاردن “أرض ميعاده الجديدة” لإخراج السعوديين من الحجاز ونجد)…
وأردف جون فيلبي قوله: (وبذلك اطمأن بن غوريون وابتسم معبرا عن غبطته باستقرار الأمور لصالح
ابن السعود وبما توصلت إليه من ترويض للأمير عبد الله بن الحسين وقال بن غوريون وابتسامة الرضى بادية على وجهه من حديثي: “اذن أنت ما زلت ايها العظيم على علاقة حسنة بالرجل العظيم” قلت لابن
غوريون: “من تقصد بالرجل العظيم”؟…
فقال بن غوريون: “وهل هناك مقصود في المنطقة العربية خلاف ابن العم عبد العزيز بن سعود”… قال بن غوريون كلمة “ابن العم” وهو مدرك تمام معرفتي بتسلسل النسب السعودي المنحدر من قبيلة بني القينقاع اليهودية، ثم أخذ بن غوريون يعدد لي زعماء وملوك وقادة اليهود الذين دخلوا الدينيين المسيحي والإسلامي وغيرهما من الاديان لخدمة الهدف اليهودي والذين حكموا العالم عملا بتحقيق الغاية الكبرى لبني إسرائيل فأورد أسماء كثيرة.
واختتم بن غوريون حديثه عن ملوك وقادة بني إسرائيل عبر التاريخ مفاخرا بقوله: “وهكذا ترى يا شيخ عبد الله كيف كانوا ملوكنا وقادتنا عبر التاريخ صناع حضارة وتاريخ ومجد من عهد سليمان وداوود إلى
عهد ابن السعود”.. ) ويتابع جون فيلبي اعترافاته فيقول: (ولما عدنا إلى الحديث عن الامير “الحجازي الاردني” عبد الله الذي نقلناه من الحجاز لإقامة جبرية ينشئ خلالها دولة جديدة في صحراء الاردن
السورية ايد بن غوريون إقامة مثل هذه الدولة على أن تكون مملكة فيما بعد.
كما أيد اقامة مملكة ابن السعود قائلا: ان جذور الملكية هي التي تضرب في الأرض أكثر من سواها، وقال: “اننا باقامة هاتين المملكتين ستطمئن قلوبنا لوجود سياجين حاميين لدولة إسرائيل المزمع قيامها في الوقت المناسب لولادتها ولادة لا تشويه فيها وهذا لا يتم بالطبع إ ّ لا بإقامة التحصينات حولها باسم العرب الذين نثق بهم”.
وعدت أداعب بن غوريون قائلا: “أنت قد عددت لي الكثير من الملوك والقادة اليهود الذين حكموا العالم لكنك لم تتطرق لنسب ملوك بني هاشم وهل هم من اليهود أم لا؟!..” فقال بن غوريون وهو يبتسم: ” حّتى وان كانوا من اليهود فانني لا أحبذ أن ينتسب الينا أي مهزوم، أما نسبنا مع ابن السعود فهو ثابت أكثر من سواه”…
وفي نهاية اللقاء طلب بن غوريون مرافقتي للاردن لمقابلة الامير عبد الله، ويومها رافقني وأعددت له المقابلة في مسكني مقر المندوب السامي رغم تردد الامير عبد الله في المقابلة التي قبلها من باب
استدرار عطفي طالبا أن يكون المكان خاليا من سوانا نحن الثلاثة، وفي اللقاء تبادل عبد الله وبن غوريون كلمات الود والتعاطف والمجاملات وقطع الامير عبد الله وعده لبن غوريون في تلك المقابلة “بتأييد القضية اليهودية العادلة”…
وبعد الاجتماع حملني بن غوريون رسالة خطية لعبد العزيز آل سعود لا سلمها له شخصيا حينما التقي به في اللقاء المرتقب، وحينما جئت لاودع الامير عبد الله متجها إلى الحجاز متمنيا من سموه تكليفي بأية خدمة يريد مني تأديتها لسموه في الحجاز، ابتسم عبد الله وهو يودعني ويقول: “ان الخدمة التي أود تأديتها
لي هي أن تخلص لي من صميم قلبك بل تمنحني ولو بعض اخلاصك لابن السعود” وسألني عبد الله قائلا:
“هل لي بمعرفة شئ عن مهمتك في الحجاز الآن” قلت: “انها يا سمو الامير “مهمة حج لقضاء حاجة” كما يقول المثل النجدي”…
والحقيقة أنني تعودت قضاء فريضة الحج في مكة مع عبد العزيز كلما سنحت لي الفرصة لاكون معه قريبا من الله!…
وسافرت من الاردن إلى مكة وهناك قابلت الصديق الصدوق عبد العزيز آل سعود المتلهف لإخباري، وما أن قابلته في مجلسه الواسع وسألني عن “العلوم” أي الاخبار حّتى أفهمته باشارة يفهمها مني تمام الفهم وتعني “ان فض هؤلاء الناس الموجودين في المجلس” ففضهم، ولم يبق سوانا نحن الاثنين عبد الله
فيلبي.
وعبد العزيز فطمأنته من أنني صفيت الوضع في الاردن لصالحه وصالح بريطانيا، ثم قرأت عليه رسالة بن غوريون التي جاء فيها قول بن غوريون لعبد العزيز ” يا صاحب الجلالة” رنة في أذن عبد
العزيز فهي أول كلمة يسمعها عبد العزيز بعد توليه العرش، إذ لم يتعود من عرب نجد سماعها أو دعوته إلاّ باسمه المجرد ( يا عبد العزيز) أو (يا طويل العمر) على أكثر تقدير…
وعندها استوقفني عبد العزيز عن تلاوتي لرسالة بن غوريون متسائلا يقول: “لماذا يدعوني بن غوريون صاحب الجلالة وأخوه بالله والوطن؟!” فقلت لعبد العزيز أن جميع أهل أوربا لا يلقبون ملوكهم إ ّ لا
بأصحاب الجلالة لانهم ظل الله في الأرض!..، أما قول بن غوريون عن “أخوّتك بالله والوطن”، “فكلنا أخوة له بالله والوطن وأنت أعرف بذلك!!”…
فقال: “الآن فهمت… أتمم رسالتك يا حاج”، فتولت الرسالة التي جاء فيها قول بن غوريون: ” ان مبلغ العشرين ألف جنيه استرليني ما هو إ ّ لا اعانة منا لدعمك فيما تحتاج إليه في تصريف شؤون ملكك الجديد
في هذه المملكة الشاسعة المباركة واني أحب أن أؤكد لك أنه ليس في هذا المبلغ ذرة من الحرام فكله من تبرعات يهود بريطانيا وأوربا الذين قد دعموك لدى الحكومة البريطانية في السابق ضد ابن الرشيد وكافة خصومك وجعلوا بريطانيا تضحي بصديقها السابق حسين لاجلك لكونه رفض حّتى إعطاء قطعة من
فلسطين لليهود الذين شردوا في العالم)…
ويتابع فيلبي قوله: (لقد استوقفني عبد العزيز مرارا متسائلا عن الكثير من جمل تلك الرسالة، من ذلك أنه سألني عن مبلغ ال 20 ألف جنيه استرليني قائلا: ” وهل ينوي بن غوريون تهديدي بهذا المبلغ الذي بعثه لي بواسطتك؟ وهل عرفت حكومة بريطانيا العظمى بهذا المبلغ؟ وهل استلامي للمبلغ من بن غوريون لا يغضب حكومة بريطانيا فتقطع عني المرتب الشهري والعون؟..”
قلت: “أبدا.. ان اليهود في بريطانيا هم حكام بريطانيا بالفعل انهم الحكم والسلطة والصحافة والمخابرات البريطانية ان لهم مراكز النفوذ الاقوى في بريطانيا وكانوا وراء دعمك وعونك ووراء الاستمرار في
صرف مرتبك حّتى الآن عن طريق المكتب الهندي…
كما كانوا في السابق وراء قطع هذا المرتب لاختبارك هل سترفض أو لا ترفض التوقيع باعطاء فلسطين لليهود”.. قال عبد العزيز: “وهل اطلع أحد على رسالة بن غوريون هذه”؟ فأجبته: “لم يطلع عليها سوى أربعة”!…
فبدأ على وجه عبد العزيز الامتعاض الشديد أثناء تساءله بلهفة عن معرفة هؤلاء الاربعة الذين أطلعوا على الرسالة!”: “من هم الاربعة؟؟.. من هم الاربعة يا حاج فيلبي؟.. أنا لا أخشى غضب أحد إ ّ لا غضب الله وبريطانيا!” قلت لبعد العزيز ان هؤلاء الاربعة هم “الله وأنا وبن غوريون وعبد العزيز” فضحك عبد العزيز لهذا وهو يقول.. “الله الأول عالم بكل شئ.
أما الثلاثة الباقون فقد ضحكوا على الله لكنني أسألك عن عبيد الله وعلى الاخص عبد الله الذي في الاردن هل أخبره بن غوريون بشئ حينما التقى معه؟” ويقصد بذلك أمير الاردن عبد الله الملك عبد الله فيما بعد .. قلت: “لم يعرف عبد الله أي شئ.
وأنت تعلم أننا لو أردنا اطلاعه على الاسرار التي بيننا وبينك لما منحناك عرش الحجاز ومنحناه غور الاردن”…
وانتهى اللقاء بتحميلي وصية شفهية من عبد العزيز لبن غوريون يقول فيها ” قل للاخ بن غوريون إننا لن ننسى فضل أمنا وأبونا بريطانيا كما لم ننس فضل أبناء عمنا اليهود في دعمنا وفي مقدمتهم السير برسي كوكس وندعو الله أن يلحقنا أقصى ما نريده، ونعمل من أجله لتمكين هؤلاء اليهود المساكين المشردين في
أنحاء العالم لتحقيق ما يريدون في مستقر لهم يكفيهم هذا العناء”!.
ورجعت من “الحج قاضيا حاجتي”.. وفي الاردن أخبرت الامير عبد الله “أن عبد العزيز بن سعود يسلم على سموكم واننا سوف نجري مصالحة بين الطرفين لما تقتضيه مصلحة الجميع”.
وفي اليوم التالي لوصولي بلغت رسالة “صقر الجزيرة” لبن غوريون… و”صقر الجزيرة” هو الاسم المتعارف عليه في ملفات المخابرات البريطانية.
انّه عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود