تعز العز

لماذا حذّر  الـCIA ترامب من الهجوم على إيران؟

 يعيش ترامب أوضاع داخلية لا يحسد عليها. فمن كتاب تسريبات بانون تحت عنوان “نار وغضب” إلى تحذير ضباط الـCIA ترامب من الاستمرار في سياسة الهجوم الحالي على ايران، مروراً بتدني مستوى الدعم الداخلي، يعاني ترامب من “معارضات” على كافّة الصعد، إلا أنّه يبدو غير آبه بها، حيث يواجهها إما بالشتيمة او بالتجاهل.

وفي أحدث هذه المعارضات، وجّهت مجموعة من ضباط الاستخبارات الأمريكيين المتقاعدين مذكرة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينصحونه فيها بإعادة النظر في خطاب إدارته السياسي لاعتبارها إيران في مقدمة الدول العالمية الراعية للإرهاب، والذي “تعتبره ادعاءً خاطئاً وغير دقيق”.

المذكرة الممهورة بتوقيع 22 شخصية أمنية، والتي نشرها موقع “واشنطن بلوغ”، أشارت إلى أن ترامب “يواجه ظروفاً مشابهة” لسلفة بوش الإبن والذي أقر في مذكراته لاحقا بعنوان “محطات قرار” أنه لم يكن مطمئناً لاتخاذ قرار “بتدمير منشآت نووية لدولة جاء في تقييم الأجهزة الاستخباراتية (الأمريكية) بأنها لا تملك برنامجاً فاعلاً للأسلحة النووية”.

هذا التحذير ليس الأوّل، بل هناك توصيات أمريكية سابقة حذرت ترامب”المتهور” من إداراة الخطاب الإعلامي والسياسي تجاه ايران بهذه الطريقة، ولعل قضيّة الاحتجاجات الأخيرة خير مثال على ذلك حيث طالب صحيفة نيويوك تايمز الرئيس بعدم التدخّل والتزام الصمت إلا أنّ  تسرّع ترامب أوقعه في الفخ الإيراني، ودفعه للتراجع عن عبارة “حان وقت التغيير في إيران” إلى عبارة دعم الشعب الإيراني “في الوقت المناسب”.

عوداً على بدء يحمل هذا التحذير من قبل الاستخبارات الإمريكية “المتقاعدة” جملة من الإشارات والدلالات، من ضمنها:

أوّلاً: لا شكّ أن هؤلاء لا يريدون مصلحة ايران، بل يرون أن مصلحة واشنطن تكمن في تراجع ترامب عن خطابه الإعلامي والسياسي الحالي تجاه ايران. بعبارة أخرى، يرى هؤلاء في تصرفات ترامب الصبيانية، ردّ على تهديد الزعيم الكوري بعبارة “أمتلك زرّ نووي أكبر”، يرون فيها تهديداً على الأمن الأمريكي، ولكن إذا كان ترامب غير آبه بتحذير رجال الاستخبارات المتواجدين في الخدمة، فكيف يتوجّه للمتقاعدين عنها؟

ثانياً: تحذير الاستخبارات الأمريكية لترامب بإعادة النظر في خطاب إدارته السياسي لاعتبارها إيران في مقدمة الدول العالمية الراعية للإرهاب تضمن رسالتين رئيسيتين. الأولى تتعلّق بايران نفسها كونها الداعم الأساسي لكل من سوريا والعراق في القضاء على الجماعات التكفيرية  وبالأخص تنظيم داعش الإرهابي. هنا نستذكر كلام الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حول فيلق القدس والذي ثمّن فيه دور الأخير في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، ولا ننسى كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول التنسيق الأمني الأوروبي مع المقاومة لمواجهة الإرهاب، كون حزب الله هو الحليف الأبرز لإيران التي يتّهمها ترامب بدعم الإرهاب.

ثالثاً: وأما الثانية، فقد وكز فيها ضبّاط الاستخبارات ترامب بسبب علاقته مع السعودية حيث خاطبوه بالقول: نعتبره ادعاءً خاطئاً وغير دقيق، كما سنبينه في طيات المذكرة، خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المنظمات الإسلامية المناهضة للولايات المتحدة التي حددتها الأجهزة الاستخباراتية بأن 13 منظمة من مجموع 14 هي منظمات سنيّة وليست شيعية، ولا تتلقى دعماً من إيران”. ويتزامن هذا الكلام مع تصريحات المستشار السابق في البيت الأبيض ستيف بانون، أحد كاتمي أسرار الرئيس الموثوقين، والتي أكّد فيها أن ترامب قام مع صهره كوشنير بهندسة “انقلاب” في السعودية.

رابعاً: تكشف هذه الرسالة زيف الإدعاءات الأمريكية قبل وإبان المفاوضات النووية حيث كانت واشنطن تتهم طهران بعسكرة برامجها النووي رغم نفي الأخيرة. فق ورد في نصّ الوثيقة أن خبراء الاستخبارات أوضحوا لبوش الإبن بما لا يدع مجالاً للشك في تقريرهم المعروف بـ “تقديرات الاستخبارات الوطنية،” بأن إيران “أوقفت العمل على أسلحة نووية عام 2003″، إلا أن الاتهامات الامريكية ظلّت تتكرّر تحت عناويين عدّة حتى توقيع الاتفاق النووي، واليوم يحاول ترامب إعادتها بحلّة جديدة لفضّ الاتفاق.

بعيداً عن كلام ضباط الاستخبارات، وبصرف النظر عن تصفيق أعداء إيران الإقليميين لترامب بسبب عداء تجاه ايران، بدا لافتاً ما كتبه موقع “غلوبال ريسرش” حول استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة التي ينفّذها ترامب تحت شعار برّاق “أمريكا أوّلاً”حيث اعتبر الموقع أن هذه الاستراتيجية تهديداً للبشرية جمعاء.

 

🔴1000يوم من العدوان والصمود