تعز العز

مرفأ جوي أمريكي في الكويت.. ماذا تريد واشنطن هذه المرة؟!

خلال الفترة المقبلة سيتم الإعلان عن افتتاح مرفأ جوي أمريكي في الكويت للإمدادات والشحن اللوجستي العسكري، وهو المرفأ الذي سيكون الأضخم من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط، بحسب ما نشر موقع جريدة الرأي الخميس 12/07/2018، ولهذا الكلام أبعاد سياسة وعسكرية كبيرة على المستوى الإقليمي والدولي، وستحاول من خلاله واشنطن تعقيد الأمور أكثر في المنطقة مقابل محاولة إعادة هيبتها المفقودة خلال السنوات الماضية وربما العقود، فهل سيكون لها ما تريد؟!

 

البيان الرسمي الصادر عن قيادة القوات الأمريكية المتمركزة في الكويت، ذكر أن مدينة الشحن التي يتم الآن العمل على افتتاحها هي “أضخم مرفأ تفريغ وإنزال على مستوى منطقة الشرق الأوسط” وأنه “نقطة إمداد عسكري استراتيجية تستهدف ملء الفجوة إلى أن يتم الانتهاء من تشييد قاعدة غرب المبارك الجوية التي من المقرر افتتاحها في العام 2023”.

 

وقال مسؤولون تابعون لسلاح الجو الأمريكي: إن وجود مثل هذا المرفأ الجديد، ولاحقاً قاعدة غرب المبارك الجوية، هو أمر بالغ الأهمية والحيوية من أجل نقل وتوزيع شحنات الإمدادات للقوات الأمريكية وقوات حلفائها في شتى أرجاء منطقة الشرق الأوسط مؤكدين أنها ستعمل بمثابة بوابة رئيسية لمنطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة.

 

إذاً واشنطن ماضية بشكل متعمّد نحو تأزيم الأمور في الشرق الأوسط لأن الحديث عن مثل هذه القاعدة من شأنه أن يأخذ الأمور نحو التصعيد وخلط الأوراق بين الدول الخليجية من جهة وبين الكويت والدول المجاورة لها من جهة أخرى فضلاً عن محاولة إفهام جميع من يظن أن أمريكا بحاجته أنها اليوم أصبحت لا تحتاج أحداً، إذ يمكنها التنقل بين دول الشرق ومياهه الاقليمية وأجوائه بكل سلاسة دون عرقلة من أحد، ومن يقف في وجهها سيكون هدفاً للقواعد الأمريكية، ولكن هل تقبل جميع الدول بهذا الكلام وهذه الرؤية الاستكبارية ؟!.

 

التاريخ يقول “لا”، فواشنطن حاولت أن ترضخ كلّاً من إيران والعراق وسوريا ولبنان وغيرهم من الدول وضمّهم تحت جناحها بالسياسة وبالقوة، ولكنها فشلت حتى اللحظة في تنفيذ ذلك، لهذه الأسباب وغيرها سيكون للمرفأ الجوي الأمريكي الجديد في الكويت أبعاد مختلفة نلخصها بالتالي:

 

أولاً: محاولة محاصرة إيران في السياسة والميدان خاصةً أن طهران لم ترضخ لشروط واشنطن، وتعلم أمريكا أن العلاقة بين الكويت والجمهورية الإسلامية الإيرانية جيدة ومبنية على أسس استراتيجية صحيحة لذلك لا بأس بتخريب هذه العلاقات عبر إنشاء مثل هذا المرفأ الذي يهدد أمن المنطقة ككل وليس إيران فقط، وربما يكون الإعلان عن هذا المرفأ الجوي بمثابة تحذير ضمني لإيران في حال نفذت تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، ولكن إيران لديها تجربة قديمة في هذا الصدد حيث كانت واشنطن بكل قواعدها وإمكاناتها تسرح وتمرح على أرض العراق لأكثر من عقد من الزمن ومع ذلك لم تستطع أن تشكل أي تهديد لطهران، بل على العكس تآكلت القوات الأمريكية مقابل تحقيق نفوذ أكبر لإيران في المنطقة.

 

ثانياً: الكويت قد تكون أحوج من أي وقت مضى لمثل هذا المرفأ الأمريكي، فبحسب التحالفات الجديدة التي تتشكل في المنطقة نجد أن الكويت خارج جميع التحالفات الإقليمية بعد أن أبعدها المحمدين “ابن سلمان وابن زايد” عن ملعبهما في السياسة خاصة أن الكويت لم تذهب معهما في محاصرة قطر لذلك غضبا عليها وأبعداها من معادلاتهما السياسية، وما تحاوله اليوم الكويت هو إعادة هيكلة نفسها من جديد وإيجاد مكان لها في معادلات الشرق الأوسط الجديدة التي تنسج خلال هذه الفترة.

 

ثالثاً: تحاول واشنطن إعادة الهيبة لنفسها في المنطقة بعد أن خسرت جميع أوراقها في العراق، وتدمّرت أحلامها في سوريا، ولم يعد أمامها سوى الخروج منها بعد أن قضت الحكومة السورية على الجماعات المسلحة التي كانت تدعمها واشنطن، ولم يتبقَ لها حليف في سوريا سوى الأكراد الذين فقدوا ثقتهم بالأمريكي أيضاً ويذهبون حالياً نحو الحوار مع الحكومة السورية، لذلك وجدت واشنطن أنها بحاجة إلى إعادة تموضع وفرض هيبة مفقودة من خلال الوجود في دول الجوار، والكويت ليست وجهة أمريكا الوحيدة، فواشنطن تخطط أيضاً لبناء قاعدة عسكرية في محافظة الأنبار العراقية للسيطرة على الطريق الذي يربط بغداد بدمشق وكذلك للسيطرة على مناطق غرب البلاد، بحسب تقرير نشرته قناة “بريس تي في”.

وأشار التقرير إلى أن القاعدة العسكرية تكون الثالثة في المحافظة بجانب قاعدتي عين الأسد والحبانية.

 

ولكن ما الذي يضمن لأمريكا ألّا تكون قاعدتيها في كل من الكويت والعراق عرضة للهجوم من قبل مجموعات مسلحة كما حدث معها في السابق داخل العراق خاصة أن الكويت تحتوي على جماعات وأحزاب تكنّ العداء لواشنطن، وبالتالي لا يوجد ما يضمن أن تهاجم هذه الجماعات القواعد الأمريكية، وهذا بحدّ ذاته يعدّ تحدياً للكويت نفسها على المستوى الأمني.

 

من حق الكويت اليوم أن تشكك في نوايا افتتاح هذا المرفأ الجوي على أراضيها، وما الذي يضمن لها ألّا تكون واشنطن ترغب في دفع السعودية والإمارات لحصار الكويت على غرار سيناريو قطر، وربما تصريح واحد من ترامب كفيل بأن يحدث ذلك.

 

 

 

 

 

#الصرخة_في_وجه_المستكبرين

 

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا