تعز العز

العقل لاميركا ..والجثمان لمصر..!

سامح حسنين – صحيفة الكرامة المصرية

العلم محايد، بهذه الجملة وهي حق يراد به باطل يرغب البعض في إجراء عملية غسيل سمعة للذين منحوا عقولهم للولايات المتحدة الاميركية وتفاخروا بوقوفهم للخطابة من فوق منبر الكنيست الصهيوني، وقد يكون صحيحا كون العلم محايدا لكن صاحب العلم هل يكون محايدا تجاه قضايا وطنه وأمته بزعم أنه عالم، فقد جاء رحيل الدكتور احمد زويل الاسبوع الماضي ليفتح الباب واسعا لحالة نقاش حادة سادت الأوساط السياسية والثقافية حول شخصيته ودوره

وبالرجوع للسيرة الذاتية للدكتور زويل نجد أنه التحق بكلية العلوم في جامعة الإسكندرية التي حصل منها على بكالوريوس من قسم الكيمياء عام 1967م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف حيث تم تعيينه معيداً بالكلية، ثم حصل على شهادة الماجستير في علم الضوء من نفس الجامعة.

ثم سافر الدكتور “احمد زويل” بعد ذلك في منحة علمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حصل خلالها على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا الأمريكية في علوم الليزر عام 1974م، ثم عمل باحثاً في جامعة كاليفورنيا خلال الفترة (1974 ـ 1976) لينتقل للعمل بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا “كالتك” أحد أكبر الجامعات العلمية في أمريكا.

وتدرج “زويل” في العديد من المناصب العلمية الدراسية إلى أن أصبح مدير معمل العلوم الذرية وأستاذًا رئيسيًّا لعلم الكيمياء الفيزيائية وأستاذاً للفيزياء بجامعة “كالتك”، وهو أعلى منصب علمي جامعي في أمريكا خلفاً للعالم الأمريكي “لينوس باولنج” الذي حصل على جائزة نوبل مرتين الأولى في الكيمياء والثانية في السلام، إلى جانب عمله كأستاذ زائر في أكثر من 10 جامعات بالعالم والجامعة الأمريكية بالقاهرة.

قدم الدكتور “أحمد زويل” للعلم العديد من الأبحاث الهامة والإنجازات، من أهمها ابتكاره لنظام تصوير يعمل باستخدام الليزر وله القدرة على رصد حركة الجزيئات عند نشوئها وعند التحام بعضها ببعض، والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها الصورة هي “فيمتو ثانية” هو جزء من مليون مليار جزء من الثانية، حصل “زويل” على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999م لتوصله لهذا الانجاز الذي ساعد في التعرف على الكثير من الأمراض بسرعة.

الى هنا تنتهي سرته الذاتيه لدى البعض، لكن هناك سيرة ذاتية أخرى للدكتور زويل

التطبيع من خلال مركز البحوث والدراسات العليا بجامعه الاسكندرية:

جرى انشاء المركز عام 1980 تحت رئاسة الدكتور لطفى دويدار وبمساهمة فعالة من الدكتور محمد أشرف البيومي وشارك فيه عشرات من العلميين من كافة التخصصات وجرى الاتفاق على مقاييس محددة قبل تحديد الاولويات لتجنب الانحيازات الشخصية. هذه المعايير تشمل تكاليف البحث ومدى ارتباطه بجانب مهم في التنمية، وامكانية تفعيل المجموعات البحثية في زمن قصير، وتواجد باحثين في المجال، وامكانية تأهيل حاصلين على الدكتوراه فعلا في مواضيع معينة، واستخدام الاجهزة لاكثر من غرض ، كما جرى التوافق  حول أولويات البحث التي كان من بينها الدراسات الوراثية البيوكيمائية والجزيئية، وبيولوجيا الخلية، وزرع الانسجة، والفيرولوجي، والتحكم في فعل الانزيمات، وبيولوجيا الاغشية، والدراسات الجزيئية والبيوجزيئية، ودراسة المواد والكيمياء، والبيولوجيا الضوئية، وتخزين الطاقة الشمسية، ودراسات متعلقة باستخدام الليزر وغيرها.

لم يكن زويل من بين المشاركين في بلورة برنامج وأولويات المركز، وإنما جاء لاحقا بناء على دعوه وجهت له من قبل الدكتور محمد أشرف البيومي ضمن آخرين من المصريين وبعض الأجانب العلميين في إطار برنامج لمحاضرة محددة وموجهة لحاصلين على الدكتوراه بجامعة الإسكندرية، وتنسجم مع الخطط البحثية للمركز.

لكن بمجرد ولادة المشروع جرى تغيير رئيس الجامعة وحل محله الدكتور محمود الحضري وكان واحدا من السائرين دوما فى ركاب السلطة ووجد زويل ضالته المنشودة في رئيس الجامعة الجديد ، وبدلا من تفعيل ميثاق المركز تحول المركز الى وكر للتطبيع بقياده احمد زويل والحضري حيث استقبل المركز مناحم بيجن رئيس وزراء العدو الصهيوني عام 1984 ، كان زويل يدرك أن الطريق الى معاهد الأبحاث الكبرى في الولايات المتحدة يمر عبر الكيان الصهيوني، واستمرت علاقه زويل بالكيان الصهيوني عبر صديقه المطبع لطفي الخولي حتى جرى اختياره محاضرا فى جامعه تل أبيب  1992 /1993. وفي عام 1993، منح العدو الصهيوني جائزة “وولف لزويل”، وسلمها له الرئيس الصهيوني في ذلك الوقت عيزر وايزمان في حفل أقيم بالكنيسيت. ووايزمان هو ابن مؤسس الكيان الصهيوني الذي اغتصب فلسطين، وكان قائدا لسلاح الجو الصهيوني الذى قام تدمير السلاح الجوي المصري في أعوام 56 و 67 الذي ذهب ضحيته الآلف من العسكريين المصريين.

تسلم زويل الجائزة بابتسامة تنم عن سعادته ولم يتذكر أن المؤسسة التي منحته الجائزة هي نفسها التي اغتالت عالمًا مصريًّا مرموقًا من جامعة الإسكندرية التي تخرج منها وهو د. يحي المشد.

واستمرت علاقة زويل بالعدو الصهيوني وساهم بصفته مستشارا علميا في برنامج نوتيلاس Nautilus (كما أكد الراحل اللواء صلاح سليم) في برنامج تطوير الصواريخ الصهيونية لمواجهة صواريخ الكاتيوشا التي كانت تستخدمها المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وبالتحديد الليزر المنبعث من الديوتيريوم فلورايد المثار كيميائيا. ويشرف على البرنامج شركةTRW الواقعة بباسادينا مقر معهد كاليفورنيا التكنولوجي الذي يعمل به زويل.

ويرى الدكتور أشرف البيومي أن مشروع زويل كان دوما في خدمة عولمة التحكم في مصر، وأن النشاط العلمي لم يكن بعيداً عن ذراع السياسة الخارجية للسلطة الحاكمة بأمريكا (تحالف المنظومة العسكرية والصناعية والاكاديمية كما سماها الرئيس السابق ايزنهاور في نهاية حكمه) أو ما سماه المؤرخ ستيوارت لسلي “المثلث الذهبي” لوصف العلاقة بين الوكالات العسكرية والصناعات التكنولوجية والبحوث الاكاديمية.

ويضيف البيومي: (ينبهر بعض المصريين من تواجد علميين حاصلين على جائزة نوبل في مجلس أمناء مدينة زويل، والتي تشمل أصحاب رؤوس مال عالمي، ولكن بالقليل من التفكير والتساؤل يتضح الوجه الإعلامي في الموضوع وأهدافه الحقيقية. ونعذر مثقفي مصر الذين ليست لهم دراية بالمعارضة من قبل علميين أمريكيين يؤمنون بخدمة العلم للمجتمع وليس للصناعات الرأسمالية الخاصة والبرامج العسكرية، ويعترضون على منهج جعل العلم تجارة. هؤلاء يعارضون سياسة الأكاديمية العلمية الوطنية وبالذات ذراعها التنفيذي الذي يمرر سياسات لصالح اصحاب الصناعة الرأسمالية على حساب المصلحة العامة، ولتواجد لجان تمارس بحوثا حربية سرية.

ومن المهم أن نشير إلى الاجتماع السري الذي عقد عام 2000 على هامش مؤتمر دافوس بين بروس ألبرت عندما كان رئيسا للأكاديمية العلمية الوطنية الأمريكية، ورؤساء لأكاديميات علمية لدول أخرى. في هذا الاجتماع قدم اقتراحا بتكوين مجلس أكاديمي دولي كمكتب أمناء دولي لإعطاء مشورة علمية. أليس هذا جزء من محاولات استخدام العلم للهيمنة لمصلحة قوى الهيمنة العالمية، كما انتقد العديد من العلميين الأمريكيين غياب الشفافية لسرية الاجتماع. نذكر بأن بروس ألبرتس هو أحد مبعوثي أوباما لإندونيسيا مثل زويل مبعوثا لمصر.

أعضاء مجلس أمناء مدينة زويل وخلفيتهم

وأضاف البيومي أن من واجبنا أن نعرف من هم أعضاء  مجلس الأمناء الدولي الذى كان الدكتور زويل أحد أعضائه. يشمل المجلس أربعة حائزين على جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء والطب والاقتصاد، ورئيس معهد كاليفورنيا التكنولوجي الذي عمل به زويل، ورئيس سابق لمعهد ماساشوستس التكنولوجي، ورجال أعمال أمريكيين، ورئيس أكاديمية الصين ورجال أعمال عرب: د. محمد عريان من أصل مصري، وهو مستثمر عولمي ويعمل في مجال السندات، وعبد اللطيف الحمد المدير العام للصندوق العربي للإنماء الكويتي، والدكتور مجدي يعقوب، وليزا أندرسون رئيسة الجامعة الأمريكية بالقاهرة. جذب اهتمامنا عضوية Nicolas Berggruen   نيكولاس بيرجروين لكونه من قيادات العولمة، بليونير يملك أراضي بإسرائيل والهند. أنشا معهد بيرجوين المهتم بالحوكمة Governance، وكون ثروته في مجال العقارات والمضاربات المالية. أنشأ معهد القرن الحادي والعشرين عام 2011، الذي يضم رؤساء وزراء أوروبيين سابقين مثل شرويدر (ألمانيا)، وجونزالس (أسبانيا)،  وبلير (بريطانيا)، وحاصلين على نوبل من بينهم أحمد زويل، وفرانسيس فوكوياما أحد منظري المحافظين الجدد، وصاحب نظرية نهاية التاريخ بسيادة رأسمالية السوق. بيرجروين عضو بمجلس العلاقات الخارجية الامريكي Council on Foreign Relations). ضم مشروع بيرجروين بكاليفورنيا كوندوليسا رايس، وجورج شولتز وهم وزراء خارجية أمريكيون سابقون. أظن أنه من الواضح أن تشكيله المجلس لا يطمئن، بل أنها تثير تخوفات جمة، وتجعلنا نستغرب موافقة الحكومة المصريةفى ذلك الوقت

ويتعجب البيومي بفخر الراحل بضمه لمشروعه شخصيات مرموقة، ولكن لا يقول لنا هل بغي الصالح المصري؟ وما هي توجهاتها السياسية؟ وكيف أن مرموقيتها ستساهم في إنشاء قاعدة وطنية علمية؟. الأهم من ذلك هو من الذي قام باختيار هؤلاء؟ وبأي معايير قانونية تمت موافقة رئيس الوزراء المصري الأسبق د. عصام شرف؟ وأين الرقابة المالية والإدارية وحماية الأمن القوم يفي ذلك التوقيت ؟.

ويتشكل مجلس إدارة محلي يشمل عددا من المصريين المعروفين ومصريين بأمريكا مثل فاروق الباز ومصطفى السيد ( الأخير زار إسرائيل في اوائل الثمانينات). وبصرف النظر عن رأينا في هذه الاختيارات فلنا أن نتساءل مرة أخرى من الذي اختارهم وبأي معايير؟

ما قاله الدكتور أشرف البيومي يثير تسأولات عده وتبقى اجاباته لدى أجهزة تركت مهمتها في الحفاظ على الأمن القومي الى تتبع المعارضين ورصدهم عوضا عن رصد شبكات التخريب الممنهجة تحت ستار العلم .

رحل احمد زويل بعد أن عاش لمشروعه الشخصي وحلمه الخاص كأحد المواطنين الاميركيين، خدم الولايات المتحدة والعدو الصهيوني ودرس في جامعاته ونال شهاداته وتقديراته، كان العقل اميركيا بامتياز لكنه عندما حضرته الوفاة اختص مصر بجثته..

===

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا