تعز العز

أصحاب الجلود السميكة

 

كتب من القاهرة / محمد زكريا

سوف تقابل حتما واحدا من هؤلاء الأشخاص الذين تضخمت ذوات أنفسهم حتى طغت على كل شيء، فهم لا يقيمون وزنا لأى معنى ، لا وطن ولا دين ، لا فن ولا ثقافة، أصحاب الجلود السميكة لا يطربون لنشيد ،ولا يقرأون لغة رصينة ،ولا يعشقون بصدق إلا أنفسهم ومكاسبهم ودوائرهم السطحية الضيقة.

لا أفهم كيف نشأ وتربى بيننا وحولنا كل هؤلاء الموتى وهم أحياء، يمارسون الحياة دون معنى أو هدف نبيل، ويمارسون طقوس الدين دون أخلاق ،ويتغزلون فى الوطن وهم يسرقونه.

وجود هؤلاء جعلنا فى أحتياج دائم إلى أن نفسر حبنا للوطن وللحرية والعدل ، ونجتهد مرغمين فى إقناعهم بخطورة العدو وجدوى صراعنا معه، نبذل جهدا خارقا ويوميا فى كل مجال ،فيما هم يرقصون فى أحضان العدو دون خجل أو خشية.

أيها السادة من لا يعرف منكم أن إسرائيل عدونا ،وأن لأراضينا حرمة كحرمة الدم ،وأن لنا أخوة يشاطروننا نفس الأرض والمصير رغم اختلاف الدين والمذهب؟ من منكم لا يعرف أن للفقير حق معلوم وان بعض التجارة إستغلال تمتص دماء البسطاء ؟ من لم يشعر بالعار وفقدان الكرامة واوطاننا تنتهك وحقوقها تغتصب على أيدى عصابات السارقين الذين سكنوا القارة العجوز والعالم الجديد وعملائهم من الملوك الخدم الخونة فليراجع قدرة جلده على الإحساس قبل أن يراجع قدرتنا على نشر الوعى والمعرفة.

لا يسعك وأنت تشاهد فيديو لاحتفال مجموعة من الصهاينة اليهود والعرب فى أحد قصور البحرين إلا أن تتأكد أن عصر الخجل وحمرته قد ولى ، وأن من يحكم مصائر عالمنا العربى المأزوم ليس إلا حفنه من اللصوص وأصحاب الجلود السميكة.

كيف تأتى لهؤلاء أن يرقصوا وسط الدماء على أرض فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا ؟ هل سيتملكك العجب حين تعرف أن هؤلاء الملاعين هم من جمعوا المغفلين من كل أنحاء وطننا الكبير ورموهم ورمونا بهم فاحرقوا الأرض وقطعوا الرؤوس وشردوا الناس؟. وهل سيتملكك نفس الإحساس حين ترى من يجمع ملايين الدولارات والجنيهات والريالات من الرشاوى ثم يقف بوجه كالح أمام كاميرا فى البيت العتيق يكذب على نفسه وعلينا؟ ويصدمك نفس الإحساس حين تشاهد ذلك النائب الهمام نائب الشعب الذى يقف منتفخة اوداجه مطالبا بمحاسبة أديبنا الفذ نجيب محفوظ بشأن أعماله الأدبية الذى رآها عبقري زمانه خطرا على الأخلاق الحميدة ؟ ذلك الجهول نائب الشعب لا يختلف عن ذلك الحاج المرتشي والذى لا يختلف بدوره عن ملوك الغاز والبوتاغاز كلهم أفراد قبيلة من أصحاب الجلود السميكة، تلك القبيلة التى ينتمى إليها كل هؤلاء المناضلين على شاشات الجزيرة والعربية من أجل الشعب السورى المسكين وثورته المزعومه ومدنه التى تحترق ، هؤلاء الكذبة المنافقين الذين ينامون فى أحضان الرجعية ويحاربون شعبهم فى أمانه ويبكون مدنا هم احرقوها.

فى وسط هذا الركام والضباب الكثيف يبقى أصحاب القلوب والعقول النيرة الذين يحملون أوطانهم على اكتافهم فتقوم وتنهض . الأبطال فى أيام حرب السويس والمدينة الحرة بورسعيد إلى حروب الاستنزاف. الجنود والضباط الذين عبروا فى موجات الإنتصار الأولى فى القناة وفى الجولان. أبطال معارك التحرير فى الجنوب اللبنانى الصابر طوال عقدين من الزمان أبطال الحجارة حول قبلتنا الأولى. جنود وضباط الجيش العربى السورى هؤلاء الذين يلبون نداء الوطن فى كل أنحاء سوريا الحبيبة رغم الخيانة والعمالة والغدر. العمال والفلاحون الذين يدفعون العرق ثمنا للقمة العيش. بل الذين يستمعون إلى أم كلثوم وفيروز ويقرأون نجيب محفوظ ويرددون اشعار أحمد مطر ومظغر النواب وأبو النجوم. هؤلاء هم رصيدنا وذاكرتنا فى هذا الزمن الصعب. فليذهب ملوك النفط وخدامهم وكلابهم إلى الجحيم وليذهب الجنرال القصير إلى مصيره المستحق ويبقى الوطن العربي لأبنائه الشرفاء فهذا وطن عبدالناصر وسمير القنطار وليس وطن آل غاز وآل ثانى وآل ثالث زعماء القبيلة إياها

#تعز
#جرائم_داعش_في_تعز