تعز العز

قهر تحديات العدوان على الساحل الغربي (تراكمات كبرى ومعادلات صراع جديدة)

 

إن تضاعف القدرات الصاروخية والوصول بها إلى مديات أرفع وأوسع وأبعد من 1500 كيلومتر قد جعل جميع الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية للعدوان في دائرة مدى استهداف الصواريخ اليمنية الفتاكة والطائرات المسيرة التي يواكب تطورها تطور القدرات الصاروخية، وارتبط بها كرديفين لقوة استراتيجية واحدة. وإن تطوير الطيران المسير من أنواع مختلفة ومديات وأغراض ومهام متعددة قد جعل القدرة الصاروخية تضاعف من تأثيرها أضعافاً مضاعفة، لأنها منحتها الروح التي كانت تحتاجها ووفرت لها الموجة التي تحتاجه والراصد والحامل والمصحح والمدقق وضابط الإيقاع الضروري لمزيد من القدرة على الفتك والمناورة والوضوح، وصارت الصواريخ لا تذهب فقط إلى أهدافها وينتهي الاتصال بها، بل صار بالإمكان مراقبة حركتها ومساعدتها عند أي طارئ يعترضها، وأن يجري تزويدها بالمعلومات ورصد وتقدير آثارها ونتائجها مباشرة وتصحيح مواقعها ووقوعها بدقة أكبر عن ذي قبل.
 إن طول ذراع القوة اليمنية الضاربة التي وصلت إلى مواقع قيادات العدوان في الجنوب والبريقة، وبعيداً في نجران وعسير وجيزان والطائف وينبع والرياض وما بعد الرياض وإلى دبي وأبوظبي وإلى مختلف قواعد العدوان البحرية والجوية والبرية بما فيها كافة القواعد الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية الواقعة في دائرة التأثير في المنطقة، قد قلب المعادلات على الأرض، وهو في طريقه إلى قلب المعادلات في الجو والبحر.
نتائج ووقائع الفتك الميداني
 في معارك الساحل 
إن متغيرات كبرى قد حدثت وتكرست بقوة هنا على الساحل الغربي خلال 3 أعوام من المواجهات المباشرة، وأبرزها تدمير وتحطيم وتفتيت الحملة العدوانية الأخيرة بكاملها بأشكال متعددة، قتلاً وجرحاً وتحطيماً وحصاراً وتحييداً وتشريداً وتقطيعاً، وارتهان ما تبقي منها لإرادة الجيش واللجان الشعبية.
لقد واجهت قوات الجيش واللجان الشعبية على الساحل منذ 3 سنوات متواصلة، ومازالت، مجموعة هائلة من القوات والألوية بلغت بشكل عام أكثر من 50 لواءً حربياً إماراتياً مرتزقاً من بلاد متنوعة، وأغلبهم جنوبيون انفصاليون من السلفيين والانفكاكيين التابعين صورياً للمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات والسعودية، ويبلغ عددهم في حدود 25 لواء، وجاؤوا على 3 مراحل أو دُفعات:
الأولى كانت بقيادة اللواء عبد الغني الصبيحي، وأغلبها ألوية تتبع علي محسن وهادي والسلفيين والإصلاح والمرتبطين بالسعودية وبحريتها مباشرة، وكانت قد وصلت إلى مشارف ذوباب ومدارس العمري حيث تورطت في مستنقعات ألغام ومفخخات وكمائن أودت بأغلب قواتها، وقد استنزفت من نهاية نوفمبر 2015، حيث سرعان ما انهارت أمام قوات الجيش واللجان التي طاردتها إلى مشارف باب المندب في منتصف العام 2016، وترافق هذا مع انهيار الدور القيادي السعودي على الأرض بعد هزائمها الحدودية وانتكاساتها، واختراق حدودها ودفاعاتها الأولى والثانية، وسيطرة قوات الجيش واللجان على عشرات المواقع السعودية وتعرض الاستراتيجية الهجومية السعودية للانكسار على الأرض، وانتقلت المسؤولية القيادية البرية على الأرض للإمارات ومرتزقتها الأقرب إليها، وهم الانفصاليون وجماعة عفاش سراً. وتولت تدبير الهجوم الكبير الجديد بقيادة اللواء هيثم قاسم طاهر، حيث تم الدفع بمليشيات المجلس الانفصالي إلى المعركة الساحلية وعبأت 35 ألف مرتزق في ألوية ميكانيكية مدرعة بقيادة القوات الإماراتية الخاصة بلغت حوالي 17 لواء، حيث ضمت ألوية متنوعة، وقد خاضت المعركة وفقاً لوعود بتسليم الجنوب إلى حكم الانفصاليين إذا تمكنوا من تسليم الساحل الغربي والتهامي للاحتلال الإماراتي السعودي الأمريكي، والحديدة في مقدمة الأهداف، وكان هذا خياراً وصل إليه العدوان بعد فشل حملاته العسكرية اعتماداً على قوات ما تسمى الشرعية الإصلاحية السعودية.
وكانت قوات الانفصال وخلفها الإماراتي الأمريكي تتلكأ في المشاركة بفاعلية كاملة وبكامل قواتها في معارك باب المندب والمخا السابقة، بهدف تحسين موقفها تفاوضياً مع حلفائها في فنادق الرياض، ولذلك أسعدها تراجعهم في تلك الحملة التي انتهت بالفشل والنكسات والخسائر الهائلة، وكانت قوات الهجوم الرئيسية مازالت في البوارج البحرية والسفن تحاول التقدم إلى الشواطئ لإنزالها، غير أنها واجهت الألغام البحرية والصواريخ المضادة للسفن والمدرعات، وتم خلالها إغراق عشرات البوارج والزوارق البحرية وأغلبها أمام شواطئ المخا.
 كانت المخابرات الإماراتية قد تسلمت المهمة السرية المتمثلة في توظيف عفاش وقواته والألوية التابعة له في عملية هجومية شاملة على الساحل والعاصمة ونهم ومأرب تحت قيادتها.
واتضح أن المال الإماراتي والتدابير المخابراتية الإماراتية التآمرية كانت أكثر نجاعة من أي تدابير أخرى، ولذلك فجرت مؤامرات داخلية عديدة لإسقاط الثورة من الداخل والخارج وفي وقت واحد، وخلفها القيادات الأمريكية الإسرائيلية ومن أبوظبي ودبي وإريتريا وميون والبريقة أقامت القيادات الأمريكية الإسرائيلية غرف عملياتها وأركاناتها ومواقع قيادتها المتقدمة لتشرف مباشرة على أداء الإماراتيين ومرتزقتهم في كل الميادين والجبهات.
مطلع العام 2017 تم إطلاق الحملة الكبرى الثانية الضخمة بقيادة هيثم قاسم والانفصاليين الجنوبيين، كان هناك 35 ألفاً تم تجنيدهم ودفعهم إلى الساحل معية اللواء هيثم قاسم طاهر ومجموعة من جنرالات الإمارات، لاستغلال سمعة الرجل وطاقاته القديمة بهدف ضمان تعبئة طاقة الجنوبيين وتضليلهم، وساعدهم المرتزقة الجنوبيون في الساحل، خيانات اللواء الرابع حرس جمهوري سابقاً بدرجة أساسية، استجابة للأموال الإماراتية وتوجيهات عفاش وعصابته، حيث كانت قيادة المؤامرة تراهن للوصول إلى العاصمة نهاية المرحلة، ولذلك كشفت أوراقها الخيانية الداخلية، وتم تسليم خرائط الألغام البحرية الشاطئية وخيانة القوات اليمنية من شركائها المزورين من جماعات عفاش مقابل بعض الأموال والصفقات ضمنت تسليم نهم وتفجير العاصمة وقطع إمدادات الداخل عن الجبهات اليمنية وتفجير الحرب الأهلية الداخلية في العاصمة والمحافظات الأخرى المحيطة لإسقاط العاصمة بأيدي العدوان الإماراتي السعودي ومرتزقته باستخدام عفاش وقواته التابعة لشخصه، وتمكنوا من السيطرة على قسم من الساحل وتسليم المخا ومعسكر خالد وذوباب ثم الخوخة وحيس في مؤامرة معلنة نهاية ديسمبر العام الماضي2017م ومطلع العام الجديد. غير أن تماسك الجبهة الثورية الوطنية والالتفاف الشعبي خلف قيادته التي تصدت للمؤامرة الانقلابية الخيانية بنجاح وثقة وقدرة وإيمان وتوكل وإخلاص قد قلب الطاولة على رؤوس الخونة والمتآمرين وصفاها في غضون ساعات وأيام قلائل، وكسبت الثورة والوطن أهم عامل من عوامل النصر وهو وحدة القيادة العسكرية والسياسية الاستراتيجية واقتدارها وقضى على الازدواجية والاختراق السابق أيام عفاش وشراكته المشبوهة، وصارت قيادة ثورية وطنية موحدة واحدة.
أما على الساحل فقد غرقت ألوية هيثم قاسم طاهر في متاهات ومستنقعات، بعد محاولاتها تجاوز المخا نحو موزع البرح مفرق الوازعية، حيث انفسحت مساحة مفتوحة للقتال المكشوف بين جبل النار والهاملي والبرح وحمير والمعافر وجبل حبشي مع الجيش واللجان، بعد انكشاف خيانات عفاش وألويته التي اختفت من الجبهات وانضمت سراً وعلناً إلى قوات العدوان والاحتلال بقيادة طارق عفاش.
 وتلقت ألوية هيثم طاهر نكسات وهزائم كبرى يومية متواصلة طوال العام تقريبا حتى بدأت تنهار في محارق البرح شرق المخا، وبلغت خسائرها ما يقارب 5 ألوية من نخبة ميدانية ومئات المدرعات والآليات، وكانت خسارة القيادات الكبرى التي استهدفتها ضربات القناصة والصواريخ الموجهة والمسيرات الجوية أخطر، حيث خسرت مئات القيادات وأولهم هيثم قاسم طاهر نفسه، والقائد الأول للهجوم اللواء عمر الصبيحي وقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء أحمد سيف اليافعي وغيرهم كثير.
وفي يوليو من العام الماضي شارفت القوات على الانهيار بعد اختفاء هيثم قاسم طاهر وقيادته إثر صاروخ موجه، ولم يظهر أي أثر لهيثم، بينما اعترفوا بفناء بقية القيادات وأشاعوا عودته إلى الإمارات لتلقي العلاج بعد إصابته، وكانت هذه أكبر الضربات، حيث تعرضت ألوية بكاملها للحصار والتدمير وبعضها وصل إلى عدن هارباً عبر البحر بدون سلاح. كانت نهاية حملة هيثم وجماعاته، وقبل أن تنهار فلول ألوية هيثم تم دفع تعزيزات من قبل ألوية عفاش والدفع بألوية العمالقة سراً إلى الساحل لتحل في النسق الهجومي محل قوات هيثم قاسم التي انهارت وتراجعت نحو المؤخرة، وتجمعت في 10 ألوية حيث دفعت إلى الساحل مباشرة بـ5 ألوية بعد هزيمة مؤامرة ديسمبر 2017، وبقيت في المؤخرة بقية ألويته ليتيح الفرصة للعمالقة ومن بقي من الألوية الجنوبية لتشن الهجوم الاختراقي بغتة بينما طارق عفاش يخوض معركة شرق المخا لتحرير تعز وهضابها الغربية والوازعية ومحاصرة الجيش اليمني في العمري وقطع إمداداته من مفرق الوازعية موزع البرح كما أشاعوا، وقد استقبل سريعاً وبدون تأخير بضربات وجهت إلى قواته أطاحت بهيبتها خلال أيام، وخاصة بعد استدراجها إلى حقول ألغام ومفخخات شرق البرح حيث سقط مئات المرتزقة في جهنم الحمراء، وتحولت قوات الجيش واللجان إلى الهجوم وطاردت فلول عفاش وحلفائه شرق المخا، ولولا الحماية الجوية الكبيرة للعدو لما بقي في الساحل.
وفي الحملة الثالثة الأخيرة نهاية مايو الماضي تم الدفع بألوية العمالقة الضخمة الهجومية، وقد تم تعزيزها بالقدرات الأحدث وخطط لها لإنجاز اختراق كبير بدأ في شهري يونيو يوليو الماضيين لتصل إلى مشارف الحديدة والمطار والميناء في ما عرف بحرب الميناء الشهيرة، ثم تنتكس بعد أسبوع واحد من هجومها الاختراقي الضخم، وتقع في الحصار والمصائب اليومية وما زالت تكابد النكسات والهزائم والحصارات والانكسارات بكلفة أكثر من ذي قبل.
 الخسائر الفلكية للعدوان 
إن مجموع الألوية التي وصلت إلى الساحل خلال الحملات الثلاث المتواصلة للأعوام الثلاثة السابقة وإلى الآن بلغ مجموعها حوالي 50 إلى 60 لواءً مرتزقاً أغلبهم جنوبيون انفصاليون وهم كالتالي:
1. قوات هادي الشرعية وحلفائه، وبلغت حوالي 10 ألوية خلال نوفمبر العام 2015 إلى منتصف العام 2016م.
2. قوات هيثم طاهر، وبلغت حوالي 15 لواء.
3. قوات العمالقة، وبلغت 12 لواء.
4. قوات عفاش، وبلغت 10 ألوية، 5 منها على الساحل مباشرة.
5. ألوية سودانية وأجنبية وبلاك ووتر وإرهابية ومحلية مرتزقة وتقدر بـ3 ألوية.
المجموع = 50 لواء.
وهناك ألوية بحرية احتياطية وأجنبية ترابط على الشواطئ تنتظر أن ينجز المرتزقة الإقليميون مهامهم التحضيرية لتسليم الساحل الغربي للقوى الدولية صاحبة المشروع الكبير.
 الحصيلة:
لقد تم التنكيل بـ3 ألوية تتبع هادي بداية الحملات في العام الأول 2015.
التنكيل بـ4 ألوية تتبع هيثم قاسم ومرتزقته من بداية العام 2017.
التنكيل بلواءين لعفاش حوالي 3 آلاف قتيل وجريح.
التنكيل بـ5 ألوية من العمالقة خلال الهجوم الأخير بين مايو إلى أغسطس 2018 أكثر من 10 آلاف قتيل وجريح وأسير ومشرد حسب إحصاءات بما فيها دولية وأمريكية وسيرتفع الرقم إلى 15 ألفاً كما يبدو من أحوال العدو وانتكاساته المتوالية وحصار 7 ألوية من العمالقة وغيرهم على الساحل إلى الآن، والناتج هي كارثة كبرى لم تصل إليها أي قوة للعدوان من قبل.
13 لواء نكل بها من مختلف الأنواع والتشكيلات خلال السنوات الثلاث الماضية تضم ما يساوي 25 ألفاً من قتلى وجرحى وأسرى ومشردين.
7 ألوية حوصرت على الساحل وتضم حوالي 15 ألفاً هم فلول الألوية المحاصرة التي تتعرض يومياً للتنكيل والهجمات دون توقف.
الإجمالي 20 لواء منكل به ومحاصر إلى الآن وتضم حوالي 30 ألفاً في أقل التقديرات.
 المعدات.. خسائر بمئات المليارات
وتقدر المعدات التي تعرضت للإتلاف والتدمير خلال الأعوام الثلاثة على الساحل الغربي حوالي 3500 آلية وطقم وعربة مدرعة ودبابة ومدفع وزورق وبارجة وطائرة ورشاش ثقيل ومتوسط. إذا عرفنا أن سعر البارجة الواحدة يصل إلى 23 مليار دولار وقد تم تدمير أكثر من 15 بارجة لتصل خسارته في قيمة البارجات فقط إلى ما يجاوز الخمسين مليار دولار، وإذا أضفنا إليها قيمة الزوارق والطائرات والمدرعات والآليات والدبابات والعربات وبقية المعدات فإن الخسارة تتضاعف كثيرا لتفوق المئة مليار دولار. ونضيف إلى ذلك تكاليف القوات الإدارية المستنزفة من مرتبات وتغذية ووقود وغيرها من نفقات يومية في السنوات الأربع الماضية في الساحل وحده فقط يكون المجموع التقديري هو أن كل مرتزق يكلف كحد تقريبي بشكل عام 2000 دولار شهرياً بكامل مستحقاته يكون المجموع في العام الواحد حوالي 100 مليار دولار، ويكون إجمالي تكلفة الأعوام الأربعة 400 مليار دولار، فإذا أضفنا إليها خسائر قيم المعدات المستهلكة وهي 200 مليار دولار يكون الإجمالي 600 مليار دولار نفقات استشارات قيادية وفنية وفضائية و… و… وأنجلو أمريكية فرنسية إسرائيلية قيمه الاستشارات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والفرنسية، وتقدر إجمالاً بمبلغ تريليون دولار في العام أي 4 تريليونات دولار للعدوان ككل، فإذا قسمنا على الساحل الغربي نسبة ربع التكلفة يكون نصيبها في الساحل حوالي تريليون دولار، تريليون دولار في الساحل وحده!
وهذا يعني أن الساحل الغربي قد حوله العدوان إلى أكبر ساحة قتال وتجمع لقوات العدوان، فهو ساحة حربه العدوانية الكبرى الآن.

علي نعمان المقطري

أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه

telegram.me/taizznews